الاقتصاد السوداني ما بين الإنهيار والنهوض.. الطريق محفوف بالمخاطر !
27 فبراير / المراسل
” نحتاج ل 5 مليارات دولار من أجل تفادي انهيار الاقتصاد السوداني ، الوضع الاقتصادي الان غاية في الخطورة لأن القطاع الرسمي فقد جزء كبير جدا من المعاملات الاقتصادية خاصة تلك المرتبطة بالنقد الأجنبي ” هذا جزء مما صرح بة وزير المالية السوداني ابراهيم البدوي لوسائل الاعلام الاسبوع الفائت. كاشفا عن مخاطر جمة تحيط بالاقتصاد السوداني الذي ورثته حكومة الثورة من النظام البائد وهو خلاصة ثلاثين عام من السياسات الاقتصادية الخاطئة والفساد الذي استشرى في كل مفاصل وحلقات الاقتصاد السوداني حتى وصل الوضع الى ماهو عليه الآن.
المشكلة تتلخص في نقطتين رئيستين، اولاً: الاقتصاد السوداني الان هو اقتصاد استهلالكي بامتياز بمعنى آخر ان البلاد تستورد 3 أضعاف أكثر مما تقوم بتصدريه، وهذا بلا شك يخلق عدم توازن كبير، اضف الى ذلك ان القطاع الخاص يسيطر بشكل كبير على الصادرات والواردات، ومعظم الصادرات يتم تصديرها خارج القنوات الرسمية للدولة مثل تهريب الذهب والصمغ والمواشي وغيرها، وبالتالي ما يدخل خزينة الدولة من الصادر لا يغني ولا يسمن.
النقطة الثانية والتي لا تقل أهمية هو أن الدولة وبرغم عجزها في توفير احتياطات كافية من النقد الأجنبي إلا انها تظل مجبرة على دعم السلع الأساسية مثل الوقود وغاز الطبخ والدقيق، وغيرها من السلع الحيوية للمواطن، على الرغم من أن وزير المالية كان قد تبنى نظرية اقتصادية بديلة ترتكز على رفع الدعم من هذه السلع الأساسية، على أن تتم زيادة الحد الأدنى للأجور وانشاء جمعيات تعاونية لسد احتياجات المواطن الفقير من السلع الضرورية، إلا أن المقترح قوبل بالرفض من الشارع العام السوداني وهدد المواطنون بالخروج في مظاهرات اذا ما دخل القرار حيز التنفييذ، الأمر الذي حدا بوزير المالية التراجع سريعا عن مقترحه. أن رفع الدعم يبدو امر صعبا إلا انه بمثابة العلاج باستخدام الكي بالنار خاصة في ظل نجاح التجربة في دول تملك اقتصاديات مشابهة للاقتصاد السوداني. ومن المفارقات الغريبة والتي تعكس جانب من استفحال الأزمة الاقتصادية في السودان هو أن سعر وقود السيارات مثلا في السودان يعد قليل جدا بمقدار أكثر من الضعف من سعر جالون الوقود في دول تعتبر ذات انتاجية عالية للنفط في العالم مثل فنزويلا والصين والبرازيل، الأمر الذي قد يعفى الحكومة السودانية من اي حرج مستقبلا في حال قررت رفع الدعم عن الوقود؟
ان الاقتصاد السوداني الان حقا يمر بمنعطف غاية في الخطورة، خاصة وان حكومة الثورة الجديدة لا تملك حلفاء اقوياء على أرض الواقع يمكن ان تستند عليهم، مثلما حدث مثلا مع مصر قبل عامين حينما قامت السعودية والامارات والبحرين بضخ مليارات الدولارات لإنقاذ الاقتصاد المصري، أضف الى مشكلات وتحديات داخلية تحاصر الحكومة الوليدة مثل ملفات السلام وايقاف الحرب والنزاعات الأهلية، والآن تقف حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وحيدة مثلما كانت ثورة ديسمبر وحيدة بلا سند خارجي او حلفاء حقيقيين. ويظل الأمل الأخير الذي يتشبث به السواد الأعظم من الشعب السوداني هو أن تسفر التحركات الخارجية لرئيس الوزراء عبدالله حمدوك عن نتائج ايجابية، وان تفلح جهوده في خلق حلفاء واصداقاء جدد يساعدونه في إنقاذ الاقتصاد السوداني من الانهيار، ويأمل الشعب كذلك في حنكة حمدوك في اختراق الكونغرس الأمريكي من اجل الموافقة على رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وهي الوسيلة الوحيدة لفتح خزائن بنك النقد الدولي والصندوق الدولي امام الاقتصاد السوداني وحذف الديون التي اثقلت كاهل البلاد والعباد.