الجيش السوداني يغازل الحركات والمدنيين للحفاظ على وضعه السياسي
بدأت الشكوك تتزايد حول ما اذا كان الجيش السوداني يغازل الحركات والمدنيين للحفاظ على وضعه السياسي. اذ تتشكك بعض القوى المدنية في نوايا تسليم السلطة من قبل المكون العسكري إلى المكون المدني في مجلس السيادة الانتقالي المشترك، وخرجت بعض “الهمهمات” للعلن. غير أن البعض يري أن الفرصة مواتية للتوافق حول استمرار الجيش على رأس السلطة لحين الوصول إلى الانتخابات التي ستكون قابلة للتأجيل.
إشارات من الجيش:
يقول البعض أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان تعمد إرسال إشارة مبطنة بشأن مستقبله، أكد فيها أن الشراكة الراهنة مستمرة للحفاظ على وحدة البلاد، ما يبرهن على أن هناك رغبة لدى المؤسسة العسكرية في الحفاظ على وضعها السياسي. وقال إن “القوات المسلحة لا ترغب في الانقلاب وتغيير الحكومة، وستعمل على حماية المرحلة الانتقالية وصولا إلى الانتخابات”.
وذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيده “أن القوات المسلحة غير طامعة في الحكم، وتعمل بانسجام تام مع شركاء الفترة الانتقالية”، أي قوى الحرية والتغيير وشركاء السلام من حركات الكفاح المسلح، وتريد بناء مؤسسة موحدة تحمي البلاد.
شركاء الإنتقالية وخروج اليسار:
ومن المقرر، حسب الوثيقة الدستورية، أن يتولى المكون العسكري قيادة مجلس السيادة الانتقالي لمدة 21 شهرا منذ سبتمبر 2019، على أن يتولي المكون المدني 18 شهرا، غير أن السلطة الانتقالية قررت تمديد المرحلة الانتقالية لتبدأ من نوفمبر الماضي.
ويرى مراقبون أن المؤسسة العسكرية ترتاح لصيغة الحكم الحالية، وأضحت أكثر تقاربا مع القوى المشاركة في السلطة بعد خروج تيار اليسار الذي يمثله الحزب الشيوعي وجزء كبير من تجمع المهنيين السودانيين، والفرصة مواتية للتوافق حول استمرار الجيش على رأس السلطة لحين الوصول إلى الانتخابات التي ستكون قابلة للتأجيل، حال جرى التوصّل إلى اتفاق سلام مع الحركات غير الموقعة على اتفاق جوبا.
ويري حزب الأمة احد أهم مكونات الحرية والتغيير أنه لا يوجد سبب مقنع يدفع القوى المدنية في هذا التوقيت لتنحية المؤسسة العسكرية من على رأس السلطة باعتبارها الوحيدة القادرة على الحفاظ على تماسك وسلامة البلاد ولا مجال للحديث عن اقتسام القيادة وستظل موحدة كما هي لحين نهاية المرحلة الانتقالية، على أن تعقبها شراكة حقيقية بين المؤسسة الوطنية بعد استكمال عمليات دمجها وبين القوى المدنية بالبلاد”
وألمح رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي إلى عدم استبعاد استمرار الوضع القائم لحين نهاية المرحلة الانتقالية.
وبرهن حديث سابق لرئيس الحكومة عبدالله حمدوك على إمكانية تمديد المرحلة الانتقالية وأن هناك تماهيا بين القوى المدنية والجيش بشأن مستقبل الحكم، لأن تلك الصيغة يتبناها أيضاً المكون العسكرية الذي يسعى للانتهاء أولاً من عملية ترتيب البيت من الداخل وإعادة بناء القوات المسلحة قبل الوصول إلى مرحلة الانتخابات
وتعتقد مكونات ثورية غير مشاركة في السلطة، منها الحزب الشيوعي وتنسيقيات لجان المقاومة، أن مسألة مستقبل وجود الجيش في السلطة تخضع لمساومات سياسية مع قوى تسمى “قوى الهبوط الناعم”، وفي تلك الحالة يصبح المكون العسكري مستمراً في الإمساك بزمام الأمور، حتى وإن كانت هناك انتخابات.
ولدى بعض القوى المدنية رغبة في أن يحظى الجيش ببعض المكتسبات التي حققها حتى لا يندفع أفراد فيه نحو انقلاب جديد، غير أن ذلك الطرح لم يحظ بتوافق غالبية القوى التي ترى ضرورة إفساح المجال أمامها لتأسيس دولة مدنية حديثة. ويجابه المكون العسكري في مجلس السيادة خطراً قد يعوق استمراره في السلطة ويدفعه إلى تقديم المزيد من التنازلات للحصول على أفضل قدر من المكاسب، لأنه لم يستطع أن يحظى بشعبية تُمكنه من تحقيق طموحه السياسي.