«الذباب الإلكتروني وحراك السودان.. فئة مؤثرة أم ظاهرة عابرة؟»
بقلم:أحمد فضل السيد بابكر
ما يحدث في السودان هو وقوع قيادات حزبية وسياسية في حالةٍ من الإحباط، نتيجة عدم تحقق الأهداف التي كانت تسعى إليها بشكل سريع وهو ما جعلها تنتقل من خانة الداعم للتحول الديمقراطي إلى موقع الداعي إلى إيقاف المسار عبر كل السبل، بما فيه توظيف الجيش الاكتروني فى الدفاع عنه عبر جميع الطرق الممكنه عبر مصطلح التخوين.
حيث ازدهرت ثقافة التخوين والاتهام بالعمالة بعد ثوره ديسمبر المجيده في السودان، وصارت بمثابة وصفة جاهزة كامله الدسم تُلصق بكل من يدلي برأي مغاير للمفهوم الذي لا يُبنى وفق مندرجات المنطق السياسي لهم.
ولا يقتصر إطلاق التهم الجاهزة والمعلبة بالعمالة على المواقف المعلنة، بل إن شرارته تمتّد إلى وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت جزءاً مهماً وأساسيّاً في الحياة السياسيّة وفي عمل الأحزاب والتنظيمات. وبات مصطلح «الجيش الإلكتروني» او الجداد الاكتروني يلازم عمل معظم تلك الأحزاب التي تؤطر كوادرها وتجهزها للانقضاض على أي شخصيّة قد يقع الخيار عليها بأنها الطريدة المقبلة للاتهام بالعمالة.
وبعده يتم إطلاق الهاشتاغ وما أهداف ذلك الوسم الإلكتروني او (الهاشتاغ) الذي تطلقه تلك الأطراف في المراتب الأولى على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا ليعكس حجم الاستقطاب السياسي والاستنفار الذي تحشد له القوى السياسية في إطار سعيها لشيطنة الشخصيّات التي تعارضها وتقارعها بالحجة والبرهان والمنطق السياسي، فترد عليها بالاتهامات الشخصيّة والشتائم والاتهامات المفرطة بالتخوين.
وهذه الاوسمه الاكترونيه «الهشتاغ» لم تقتصر على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، بل انعكاساته تكون على مختلف مستويات المجتمع وقد تصل إلى الشارع والتوتر الميداني في بعض الأحيان، ما يجعل الأمور مرشحة للخروج عن السيطرة السياسيّة ، بعد أن يكون ما حصل قد حصل وبات اللعب على حافة الهاوية كما هي الأمور دائماً في السودان.
والجيوش الإلكترونية هي مجموعات مدربة تعمل وفق أجندات خاصة وتهدف إلى التأثير على الخصوم، والترويج لوجهة نظر معينة، وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الإشاعات والأكاذيب وخلق البلبلة، عبر حسابات بأسماء وهمية تدار عن طريق روبوتات .
تدار الازمه السودانية اليوم عبر الجيوش الإلكترونية، أن ما يحصل هو “توجيه الهاشتاغ الأساسي من الصفحه المؤثرة نفسها، بعد ذلك يأتي عمل مجموعات تحتوي على الآلاف من الأعضاء الافتراضيين (حسابات وهمية)، ويتم التداول بهذا الهاشتاغ عبر هذه الحسابات بكثرة، حيث لكل شخص فعلي 10 حسابات وهمية على الأقل ويقوم بنشر 10 تغريدات على الاقل بالساعة، وهكذا تكون هناك 100 تغريدة من قبل شخص واحد فقط خلال ساعة”.
أنّ جميع المسؤولين عن الصفحات والحسابات يتقاضون رواتب عالية جداً، علماً أنّ اجتماعات الجيوش الإلكترونية المهمة تتم في غرف مغلقه في «الكلوب هاوس» تابعة ومدارة من قبل السياسين.
وبلغت حالة التصادم بين تلك الجيوش ذروتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديدا (الفيس بوك) كونه يشهد تواجدا يوميا للغالبية العظمى من الشعب السوداني.
والتسريبات التي ظهرت من داخل الأوساط السياسية تؤكد أيضا إنفاق آلاف الدولارات يوميا على تمويل الصفحات المرتبطة بهذه الجيوش، فضلا عن تمويل المنشورات التي تحمل نوعا من التسقيط للخصوم أو التمجيد بالجهة التي ترتبط بها صفحة الفيس بوك .
ومع تطور دور وسائل التواصل الاجتماعي في صنع الرأي العام وترويج الأخبار، واعتماد فئات واسعة من مختلف فئات الشعب عليها كمصدر رئيسي للأخبار، نشطت الجيوش الإلكترونية في استخدامها منصة لتكذيب روايات الأطراف المناوئة، ونشر الإشاعات والترويج لأكاذيب، خاصة خلال الأزمات.