بأجسادهم النحيلة المنهكة وعزيمتهم القوية نظم العشرات من الاطفال المصابين بمرض السرطان وقفة أمام وزارة الصحة السودانية، الأحد، احتجاجا على النقص الحاد في جرعات الكيماوي والذي بات يهدد حياة آلاف المرضى بالبلاد
ووفقا لبيانات”، يستقبل المركزان الوحيدان لعلاج الأطفال المصابين بالسرطان في السودان ما يتراوح ما بين 500 إلى 600 طفل اسبوعيا. وتفاقمت خلال الأيام الماضية أزمة الأدوية المنقذة للحياة في السودان، وارتفعت بعض أصنافها بنسب تصل إلى 1000 في المئة بسبب الانخفاض الحاد في قيمة الجنيه السوداني حيث يجري تداول الدولار الواحد حاليا بنحو 430 جنيها في السوق الرسمي و470 جنيها في “الموازي”.صورة قاتمةترسم ندى عثمان يوسف مديرة المعهد القومي للسرطان ومركز الجزيرة لتشخيص وعلاج الأورام صورة قاتمة للأوضاع التي يعيشها مرضى السرطانات في ظل النقص الحاد الحالي في الجرعات العلاجية. وقالت ندى ” إن نقص مكونات الجرعات التي يتلقاها المرضى والتي تتراوح ما بين نوعين إلى 5 أنواع يشكل كارثة حقيقية، مشيرة إلى أنهم كأخصائيين يعملون كل ما في وسعهم من أجل الحفاظ على حياة المرضى من خلال منحهم المسكنات والصفائح الدموية. لكن يوسف تنبه إلى أن التدخلات الطارئة التي يقومون بها تفي فقط لمعالجة المضاعفات أو الآلام المصاحبة للمرض، لكنها لا تحدث التقدم المطلوب في العلاج في ظل انعدام جرعات الكيماوي. وتؤكد يوسف الخطورة الكبيرة لقطع جرعات الكيماوي إذ تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات المتقدمة، كما تزيد من معاناة المريض في الحالات الاقل تقدما.نقص التمويلعزا وزير الصحة السوداني عمر النجيب السبب في نقص الجرعات إلى نقص التمويل والعملات الأجنبية خلال الفترة الماضية، إضافة إلى المديونيات الكبيرة المستحقة للمستوردين.وتعهد النجيب بتوفير الجرعات خلال فترة وجيزة، مشيرا إلى أن وصول الأدوية من خارج البلاد يستغرق مدة زمنية تتراوح بين شهرين إلى ثلاثة. واعتذر النجيب عن المعاناة التي يتسبب فيها نقص الجرعات للمرض لكنه أكد ان وزارته تبذل جهودا كبيرة لوضع حل نهائي للازمة.وقال النجيب إن الحكومة تعطي أزمة الدواء اولوية قصوى في برامجها الحالية. ويعاني السودان من تدهور مريع في الخدمات الصحية ونقص كبير في الأدوية حيث تشير بيانات رسمية إلى انعدام أكثر من ألف صنف من نحو 1700 صنف مستخدمة منها 160 صنف من الأدوية المنقذة للحياة. ويعمل العديد القليل المتوافر من الأطباء والكوادر الصحية ساعات طويلة في ظل النقص الحاد في الكوادر الصحية والتردي المريع في أوضاع المستشفيات السودانية بسبب التدمير الممنهج للقطاع الصحي خلال فترة حكم النظام السابق.معاناة حقيقيةعلى الرغم من عدم وجود إحصائيات مؤكدة، إلا ان التقديرات تشير إلى أن ما بين 12 إلى 16 ألف سوداني يصابون بالسرطان سنويا، 8 في المئة منهم أطفال.وتتركز معظم الإصابات في وسط وشمال البلاد حيث تتزايد أنشطة تسميد المشاريع الزراعية في ولاية الجزيرة بوسط السودان في حين يتزايد استخدام مادتي الزئبق والسيادين في تعدين واستخراج الذهب في شمال السودان.وفي ظل الاوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها البلاد يجد زوي المرضى صعوبة كبيرة في التأقلم مع تكاليف العلاج والإقامة في المدن القليلة جدا التي توجد فيها مراكز العلاج.ويقول محمد الأمين مدير منظمة “كلنا قيم” لموقع سكاي نيوز عربية إن تلك المعاناة دفعتهم لإطلاق مبادرة “كلنا أمل” التي هدفت لمساعدة الاطفال المصابين بمرض السرطان من خلال إنشاء استراحتين لتسكين الاطفال القادمين من المدن والمناطق النائية للعلاج في العاصمة الخرطوم ومدينة واد مدني بوسط البلاد. ويؤكد الأمين أن هنالك تفاعل مجتمعي كبير مع مبادرات دعم أطفال السرطان لكنه يرى ان الدولة تفاقم معاناة الاطفال الجسدية والنفسية بتقاعسها عن توفير جرعات العلاج الكيماوي التي يعني انقطاعها في الكثبر من الحالات تسجيل شهادة وفاة لاولئك الأطفال رغم فرص الشفاء العالية لهم في حال توفر المعينات الطبية اللازمة.