السياسة الإسرائيلية.. خصوم الأمس قد يتحدون اليوم لإزاحة نتنياهو
الأول علماني ينتمي ليسار الوسط يقول إنه ينبغي للفلسطينيين أن يقيموا دولة. والآخر أحد رموز اليمين الديني المتشدد الذي يرغب في ضم معظم مناطق الضفة الغربية المحتلة. يمثل الرجلان طرفي النقيض على الساحة السياسية الإسرائيلية لكنهما قد يتعاونا الآن لإزاحة بنيامين نتنياهو.
وإذا أطيح بنتنياهو، وهو أطول رئيس وزراء بقاء في المنصب، بعد أربع جولات انتخابية غير حاسمة خلال عامين، فلن يكون ذلك نتيجة نجاح خصومه في حشد الناخبين خلف برنامج سياسي جديد في ساحة السياسة الإسرائيلية بل بسبب أن الرجلين اللذين يختلفان في كل شيء تقريبا قد نجحا في إبرام اتفاق.
وبعد فشل نتنياهو في تشكيل ائتلاف قبل انقضاء المهلة، انتقل تفويض تشكيل الحكومة هذا الأسبوع إلى يائير لابيد (57 عاما) وهو مذيع سابق له جاذبية على شاشات التلفزيون وكاتب قصص مثيرة يقدم نفسه باعتباره صوت الطبقة المتوسطة العلمانية.
لكن السبيل الوحيد له لتشكيل الحكومة هو الفوز بتأييد شخصية سياسية على النقيض منه تماما وهو نفتالي بينيت (49 عاما) العضو السابق بالقوات الخاصة الذي تحول إلى رجل أعمال في قطاع التكنولوجيا ومقرب من حركة الاستيطان.
وأمام لابيد 28 يوما لتشكيل ائتلاف، ومن المتوقع أن يعرض على بينيت منصب رئيس الوزراء أولا وفقا لاتفاقية ستترك للابيد شغل المنصب لاحقا. وكان ذلك هو نفس العرض الذي عرضه نتنياهو على بينيت ورفضه الأخير.
* “شقيقي”
ورغم حصولهما على الدعم من معسكرين سياسيين مختلفين، إلا أن لابيد وبينيت حافظا على علاقات شخصية وطيدة منذ دخولهما عالم السياسة في عام 2013 باعتبارهما صوتين للجيل الجديد. وشق الاثنان طريقهما إلى ائتلاف نتنياهو.
وعُرف عن الاثنين الصعود على المنصة بجيتار لعزف لحن شعبي. وعندما خدما معا لفترة وجيزة في حكومة نتنياهو كان كل منهما يصف الآخر بوصف “شقيقي”.
ولم يعد لابيد إلى حكومة نتنياهو بعد فترة قصيرة في منصب وزير المالية. وتولى بينيت منصبين مع ميل نتنياهو بدرجة أكبر إلى اليمين.
وأظهرت انتخابات 23 مارس آذار إلى أي مدى وصل الاستقطاب بين الناخبين الإسرائيليين بشأن نتنياهو.
ويحظى نتنياهو بتأييد جارف بين المنتمين لقاعدته اليمينية حتى رغم مثوله للمحاكمة في تهم فساد. وخسر حزب ليكود الذي يرأسه نتنياهو مقاعد في الانتخابات رغم حملته الذي ركزت على دور نتنياهو في نجاح إسرائيل الكبير في طرح اللقاحات الواقية من فيروس كورونا.
وقال لابيد يوم الأربعاء وهو يروج لنفسه باعتباره شخصية تؤيد الاتحاد “نحتاج إلى حكومة تظهر أننا لا نكره بعضنا البعض. حكومة يعمل فيها اليسار واليمين والوسط معا لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهنا”.
وقال لابيد إنه سيسعى إلى تشكيل ائتلاف يضم أحزابا من مختلف مكونات الطيف السياسي يجمعه هدف صريح هو إزاحة نتنياهو إلى الأبد.
لكن بينيت قد يعرقل تنفيذ هذا الالتزام خاصة وأنه كان مساعدا لنتنياهو كما يدعم مؤيدوه المنتمين لليمين الكثير من أهداف نتنياهو.
ورغم أن بينيت تحدث مرارا عن بداية جديدة إلا أنه لم يقل صراحة من قبل مطلقا إنه ينبغي لنتنياهو الرحيل.
ومع أنه ليس مستوطنا إلا أنه يؤيد بقوة أجندة اليهود الذين يقيمون على أراض بالضفة الغربية قائلا إنه سيمنح الفلسطينيين حكما ذاتيا أوسع لكنه لن يوافق مطلقا على إقامة دولة فلسطينية.
لكن بينيت يتبنى موقفا ليبراليا بعض الشيء تجاه عدة قضايا وهو ما قد يدعم فرص وجود أرضية مشتركة بينه وبين لابيد.
وتشابهت رسالة بينيت التي أعقبت الانتخابات بالوحدة ورأب الصدع مع رسالة لابيد. وقال بينيت إن الذهاب إلى انتخابات خامسة سيؤدي إلى “تدمير البلاد”.
وأضاف أنه سيتعين على أي “حكومة وحدة” تجنب إجراء أي تغييرات جوهرية في السياسة الإسرائيليةالمرتبطة بالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني وأن عليها بدلا من ذلك التركيز على إنعاش الاقتصاد المتضرر من آثار جائحة كورونا وتنفيذ إصلاحات بقطاعي التعليم والأعمال.
ومما يعقد الصورة أن أي حكومة بين لابيد وبينيت ستحتاج لدعم ضمني على الأقل من الأحزاب التي تمثل الأقلية العربية بإسرائيل التي تشكل 21 بالمئة وهو ما سيمنحها على الأرجح صوتا مسموعا في تشكيل الحكومة للمرة الأولى منذ عقود في السياسة الإسرائيلية.. .
ويظل سؤالان بدون إجابة يتعلق الأول بما إذا كان العرب سيقبلون بينيت على رأس الحكومة ويدعمونه في حين يتعلق الآخر بما إذا كان رفاق بينيت بالحزب سيقبلون هذا الدعم.
وإذا تعذر تنفيذ أي من الخطوات السابقة فإن نتنياهو سيكون جاهزا بالتأكيد لخوض غمار المعركة السياسية من جديد.
وقالت تال شاليف المراسلة السياسة الإسرائيلية لموقع والا نيوز يوم الخميس “لا يزال من المبكر جدا إعلان فجر عهد جديد أو نهاية عهد نتنياهو… نجمه لم يأفل بعد”.