الصين تعزز حضورها في القرن الإفريقي..ما هي الأهداف والدوافع
في خطوة جديدة من جانب “التنين الصيني”، عرض المبعوث الخاص بالصين إلى القرن الإفريقي شيويه بينغ، الاثنين، التوسط في النزاعات الدائرة بالمنطقة.
وقال بينغ، خلال مؤتمر السلام الذي تقوده الصين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وبحضور وزراء ومسؤولين من السودان والصومال وجنوب السودان وكينيا وأوغندا وجيبوتي: “أنا على استعداد لتقديم جهود وساطة للتسوية السلمية للنزاعات على أساس إرادة دول هذه المنطقة”.
وأشار المبعوث الصيني إلى قضايا “العرق والدين والحدود المعقدة والمتشابكة” في المنطقة، مضيفا أنه يمكن أن يكون من الصعب التعامل معها، إذ يعود العديد منها إلى الحقبة الاستعمارية.
وعن أهمية تعيين مبعوث خاص للصين في القرن الإفريقي، ترى بكين أن هناك مصالح صينية كبيرة في المنطقة، وفي السنوات الأخيرة، أصبح “القرن الإفريقي” منطقة رئيسية تنشط الصين فيها على تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” وتعزيز حضورها وتوسيع مصالحها الخارجية.
كذلك أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي عام 2017 لأداء مهام الحراسة في المياه قبالة سواحل الصومال، إضافة إلى المشروعات الضخمة التي أقامتها بكين في شرق إفريقيا.
هدف استراتيجي
وعن دور أول مبعوث صيني في القرن الإفريقي وأهداف وجوده بهذه المنطقة، قال الدكتور طارق البرديسي المحلل السياسي والخبير بالعلاقات الدولية، إن “هدف الصين الاستراتيجي يتمثل بتعزيز دورها الاستثماري والاقتصادي في منطقة القرن الإفريقي”، مضيفا أنه سيتم ترجمة هذا الدور عاجلا أم آجلا بفرض سيطرتها السياسية والعسكرية على هذه المنطقة.
وأضاف البرديسي في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن الصين تسعى بكل قوة إلى استباب الأمن في القرن الإفريقي، لحماية تجارتها التي تمر أغلبها عبر هذه النقطة المهمة، كما أنها تعمل على تعزيز وجودها في مناطق مشروعها القومي “الحزام والطريق”.
وأوضح أن الصين تعزز وجودها في كل مناطق العالم وليس القرن الإفريقي فحسب، لأنها تعلم أن الصدام مع الولايات المتحدة قادم لامحالة، إلا أنها تعمل في الوقت الحاضر على تعزيز النفوذ الاقتصادي والسياسي.
وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي، قد زار عدة دول في منطقة القرن الإفريقي خلال يناير الماضي، منها إريتريا وكينيا وجزر القمر، وطرح خلال زيارته فكرة “التنمية السلمية للقرن الإفريقي”، معربا عن استعداد بكين لتعيين “مبعوث خاص لشؤون القرن الإفريقي” لدعم دول المنطقة في عقد محادثات السلام، وتحقيق التوافق السياسي وتنسيق العمل المشترك.
دور مواز
ويرى الخبير المتخصص في العلاقات الدولية، أيمن سمير، أن الصين تحاول إظهار نفسها باعتبارها الوجه الآخر المنفتح على العلاقات مع إفريقيا والمناوئة للعقوبات الأميركية، بعدما فرضت واشنطن عقوبات على دول إفريقية، منها إريتريا، بسبب تدخلها في أزمة إقليم تيغراي والحرب في إثيوبيا، وهذا ما أشار إليه وزيرا خارجية الصين وإريتريا في بيانهما المشترك، بأن الجانب الصيني يقف ضد أي عقوبات أحادية الجانب على إريتيريا، كما يعارض التدخلات في الشؤون الداخلية لدول أخرى تحت ذريعة الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأشار سمير، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن تعيين مبعوث صيني للقرن الإفريقي يؤكد أن بكين تحاول أن تلعب دورا سياسيا موازيا للولايات المتحدة في القضايا الإفريقية.
وبيّن أن الخطوة الصينية جاءت ردا على تعيين واشنطن ديفيد ساترفيلد مبعوثا لها في منطقة القرن الإفريقي، وبالتالي فإن بكين تحاول أن تقدم رسالة بأنها تلعب دورا موازيا في حل القضايا الشائكة في تلك المنطقة، ربما بفاعلية أكبر من جهود الولايات المتحدة نفسها.
التنافس الدولي
وفيما يتعلق بالأهمية الاستراتيجية للقرن الإفريقي بالنسبة للصين، قال الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، محمد حسن، إن المنطقة “تحظى بأهمية استراتيجية للصين موازية لأهمية بحر الصين الجنوبي”، موضحا أن “القرن الإفريقي هو البوابة المشرفة على كل التجارة الصينية الصادرة من البر الصيني باتجاه الخليج وأوروبا، كما أن الصين هي أكبر شريك تجاري لإفريقيا، وبلغت قيمة التجارة المباشرة بين الطرفين في 2019 أكثر من 200 مليار دولار”.
ولفت حسن إلى أن القرن الإفريقي “يشهد تنافسا محموما بين القوى الدولية لتثبيت قواعد عسكرية، وبالفعل هناك قاعدة عسكرية صينية موجودة في جيبوتي تشكل نقطة ارتكاز للقوات البحرية وأصلا من أصولها لتأمين جزء من التجارة المارة بتلك المنطقة.
وبرأي حسن فإن بكين ترى أن هذه القاعدة ليست كافية لتأمين تجارتها، فضلا عن أن حضور الصين سياسيا في القرن الإفريقي ليس بنفس القوة الاقتصادية، وبالتالي يأتي تعيين المبعوث الخاص “كمحاولة سياسية لتوسيع نفوذها واستغلال أزمات تلك المنطقة لصالحها