الكوبيون قلقون مع بدء تطبيق إصلاحات مالية في العام الجديد
“الجميع قلق، الكوبيون خائفون!”. هكذا اختصر يوسبيل بوزو رجل الأعمال البالغ 36 عاما، وضع مواطنيه الذين استيقظوا صباح العام الجديد على هيكلية جديدة للعملة ضمن إصلاحات اقتصادية منتظرة منذ فترة طويلة.
دخلت الاصلاحات حيز التنفيذ الجمعة بعد أسابيع على إعلانها من قبل الرئيس ميغيل دياز كانيل وتهدف الى جعل الاقتصاد الكوبي أكثر فاعلية وتسهيل فهمه من قبل المستثمرين الاجانب بعد 62 عاما على الثورة الشيوعية التي قادها فيدل كاسترو.
تتضمن الإصلاحات زيادة كبرى في الأجور (525 في المئة كحد أدنى) ومعاشات التقاعد، لكن أيضا مع ارتفاع في أسعار المنتجات الأساسية، مترافقة مع خفض الإعانات الحكومية.
وكتب الرئيس ميغيل دياز كانيل على تويتر الجمعة أن العام 2020 كان “عاما صعبا للغاية لكننا فزنا معا”. وأكد في اليوم الأول من دخول هذا الإصلاح الاقتصادي حيز التنفيذ “(…) معا سنفوز أيضا في العام 2021”.
وسيؤدي هذا الإصلاح إلى اختفاء البيزو القابل للتحويل (كوك) والذي يتساوى مع الدولار والذي بدأ تداوله في العام 1994 لمجاراة هذه العملة ثم استبدالها، وسيبقى فقط البيزو الكوبي (كوب) الذي تقل قيمته عن “كوك” 24 مرة.
-طبيب براتب 200 دولار-
يحدد إصلاح الرواتب 32 مقياسا وفقا لنوع النشاط المهني ويحدد سقفا للدخل عند 9510 بيزو كوبي (396 دولارا).
وسيزيد الحد الأدنى للأجور الشهرية خمسة أضعاف بحيث يرتفع إلى 2100 بيزو كوبي (87 دولارا).
ومن بين الأشخاص الذين يحصلون على أعلى الرواتب، المسؤولون المحليون (375 دولارا)، وهو ما يزيد 183 دولارا عن مهندس الكمبيوتر و123 دولارا أكثر من المدير المالي لشركة عامة.
وسيحصل الطبيب على راتب يعادل 210 دولارات أميركية، وهو راتب مشابه لما يتقاضاه الصحافيون والمدرّسون ومدربو حيوانات السيرك.
وستحتسب الرواتب الأساسية للرياضيين، وكثر منهم شخصيات بارزة، بناء على نتائجهم. وعلى سبيل المثال، سيحصل الفائز بالميدالية الأولمبية على 5590 بيزو (232 دولارا) وميدالية عالمية 4845 (203 دولارات).
وبالنسبة إلى حكومة، يهدف الإصلاح خصوصا إلى تشجيع التوظيف وتعزيز مناصب المسؤولية وحل مشكلة هرم الأجور المعكوس.
ويهدف هذا الإجراء إلى جعل الاقتصاد الكوبي أكثر فعالية ووضوحا بالنسبة إلى المستثمرين الأجانب في وقت تحتاج فيه الجزيرة التي حرمت لأشهر من العملة الأجنبية بسبب فيروس كورونا المستجد، إلى أموال جديدة.
ومنذ إعلان الإصلاح قبل أسابيع، ضاعفت الحكومة التفسيرات في وسائل الإعلام الرسمية من أجل إعداد مواطنيها لـ”يوم الاستحقاق”.
بالنسبة إلى رجل الأعمال يوسبل بوزو، ما زال المستقبل “غير مؤكد” وقال “لا نعرف ما الذي سيحدث”.
وتوقعت السلطات زيادة عامة في الأسعار بنسبة 160 في المئة، كما توقعت أن ترفع الشركات الخاصة أسعارها بنسبة 300 في المئة أو أكثر.
دولرة أم تضخم؟
ولجأ مواطنون إلى وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج بعد الزيادة المعلنة في الكهرباء والتي أعادت الحكومة خفضها في بداية الأسبوع.
ووفقا للحكومة، فإن الحد الأدنى للأجور البالغ 2100 بيزو يغطي 1,3 سلة أساسيات. لكن الخبير الاقتصادي ريكاردو توريس من جامعة هافانا أشار إلى أن هذا الحساب تم إجراؤه في حزيران/يونيو 2019 قبل انتشار وباء كوفيد-19 في العام 2020 والنقص الحاد في المنتجات في العام نفسه.
وقال توريس “كان لدينا العديد من مجموعات العمل لتحليل القضايا المختلفة المتعلقة بهذا التغيير الكبير”، لكن هناك جوانب من الاقتصاد لم تغطّها الحكومة.
وانتقد الأكاديمي خطر زيادة دولرة الاقتصاد الكوبي، وحذّر من أن ضخ المزيد من الأموال في النظام “دون زيادة السلع والخدمات قد يؤدي إلى تضخم أعلى من المتوقع”.
ويأتي هذا التعديل الاقتصادي بعد انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 11 في المئة عام 2020، وهو الأسوأ منذ 27 عاما، نتيجة تأثير الوباء على صناعة السياحة وتشديد الحظر الأميركي تحت إدارة دونالد ترامب.
وبدون البيزو القابل للتحويل والشبكات التجارية التي تستخدم هذه العملة (حيث توجد العديد من منتجات الاستهلاك اليومي) “كيف ستتمكن الأسر من الحصول على العملات الأجنبية؟” تساءل توريس.
وتابع “أنت تدفعهم إلى السوق السوداء، لكنك تقول إنك لا تريد سوقا سوداء… هذا تناقض وبالتالي ضعف” لهذا الإصلاح الاقتصادي.
وأوضح أن الحكومة فكّرت كثيرا في هذا الإصلاح لكن “في لعبة الشطرنج هذه، لا نأخذ في الاعتبار أن الأسر تحصل على المنتجات عبر السوق غير الرسمي حيث لا رقابة على الأسعار”.
وقالت أدريانا لوبيز وهي عاملة تبلغ من العمر 28 عاما لم تكن محظوظة بما يكفي لتكون جزءا من 50 في المئة من الكوبيين الذين ترسل لهم عائلاتهم العملة الأجنبية من الخارج “لم يستطع أطفالي تناول الحلويات والبسكويت في يوم المجوس الثلاثة هذا العام. كل شيء بالدولار”.
وختمت “آمل بأن يدركوا أنهم يحطموننا”..