بعد قرار التعويم الجزئي الجنيه السوداني أكثر صمودا أمام الدولار
بعد أسبوعين من تطبيق قرار البنك المركزي السوداني التعويم الجزئي للجنيه السوداني أمام الدولار، بدأ الشارع السوداني أكثر ارتياحا للقرار عقب إسهامه في استقرار نسبي للعملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
على مر سنوات عديدة، كان استقرار سعر العملة السودانية أمام الدولار هدفاً تنشده الحكومات بسبب التراجع المريع للجنيه أمام الدولار، وتسببه في أزمات معيشية في ظل انخفاض احتياطيات السودان من النقد الأجنبي.
في 21 فبراير/ شباط الماضي، قرر المركزي السوداني توحيد سعر صرف عملته المحلية الجنيه (تعويم جزئي) أمام الدولار والنقد الأجنبي، في محاولة للقضاء على الاختلالات الاقتصادية والنقدية. ويقصد بالقرار، أن البنك المركزي السوداني سيكون له كامل الصلاحيات في التدخل بأسعار الصرف في حال تجاوزها سقفا محددا من قبله.
وخفض البنك المركزي السوداني السعر التأشيري لعملته من 55 جنيها للدولار إلى 375 جنيها في أول أيام القرار، وبعد أسبوعين من التطبيق يستقر سعر الصرف عند متوسط 390 جنيها.
آثار إيجابية رغم المخاوف
وعلى الرغم من المخاوف التي أثارها القرار قبل تطبيقه داخل الحكومة الانتقالية، استقبل المواطنون القرار بتدافع لدى المنافذ الرسمية لتحويل مدخراتهم من النقد الأجنبي، في ظاهرة بدت غريبة طيلة السنوات الماضية.
ووجد قرار التعويم الجزئي للجنيه أمام العملات الأجنبية تفاعلاً مجتمعياً كبيراً وسط مبادرات فردية وجماعية لتحويل العملات الأجنبية عبر المصارف والصرافات، بدلا من الأسواق الموازية (غير الرسمية).
في الأسبوع الماضي، كشف محافظ المركزي السوداني الفاتح زين العابدين، أن حصيلة مشتريات البنوك من النقد الأجنبي خلال الأيام الخمسة الأولى من القرار، بلغت 25.4 مليون دولار والمبيعات 20.4 مليون دولار.
بحسب تجار عملة، فإن الفجوة بين الأسعار الرسمية والأسعار الموازية كادت تنتهي بعد أسبوعين من تطبيق القرار، وسط توقعات باختفاء السوق الموازية، في حال عودة ضخ النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية.
وأكد تاجر عملة بالسوق الموازية وسط العاصمة السودانية، الخرطوم، وفضل حجب هويته، وجود تقارب كبير بين أسعار الدولار في الأسواق الموازية والأسعار في المصارف والصرافات.
وأوضح أن سعر شراء الدولار في تداولات الثلاثاء سجلت 379 جنيه فيما بلغت أسعار البيع 381 جنيها، في تقارب كبير مع السوق الرسمية.
وتأرجحت الأسعار في الأسواق الموازية قبل قرار التعويم في حدود 390 – 400 جنيها، مقابل 55 جنيه لدى المركزي السوداني.
بينما رهن الخبير الاقتصادي محمد الناير، نجاح قرار التعويم الجزئي للجنيه السوداني، بتوفر احتياطيات مقدرة من النقد الأجنبي لا تقل عن 5 مليارات دولار.
وأفاد الناير، أن استقرار أسعار صرف الجنيه السوداني أمام الدولار في الأسواق الموازية، مرده أن الأخيرة تختبر قدرة الدولة على ضخ أموال مقدرة من النقد الأجنبي، في حال زيادة الطلب.. “من المهم أن تستغل الحكومة الانتقالية التفاعل المجتمعي مع القرار، في جذب مدخرات المواطنين في الداخل والخارج عبر منحهم التسهيلات اللازمة وزيادة ساعات عمل المصارف، وفتح مزيد من الصرافات”، بحسب الخبير الاقتصادي.
فيما يرى الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، عبد الوهاب جمعة، أن قرار التعويم الجزئي من القرارات التي تأخرت حكومة الرئيس السابق عمر البشير في تطبيقها منذ 2013 خوفاً من كُلفتها السياسية.
وقرار التعويم وتوحيد سعر الصرف، هو جزء من اشتراطات صندوق النقد الدولي التي وضعها للحكومة الانتقالية في برنامج المراقبة الذي وقعته الخرطوم في يونيو/ حزيران الماضي، بحسب حديث جمعة.
وزاد: “هناك عدد من الشروط التي وضعها صندوق النقد الدولي في برنامج المراقبة، من بينها تحرير سعر الصرف ورفع الدعم عن الوقود والكهرباء الذي طبقته الحكومة في أكتوبر ويناير الماضيين على التوالي”.
ويعاني السودان من أزمات متجددة في الخبز والطحين والوقود وغاز الطهي، إضافة إلى تدهور مستمر في عملته الوطنية، وارتفاع مطرد في معدلات التضخم.
وقفز معدل التضخم السنوي بالسودان إلى 304.33 في المئة في يناير الماضي من 269.33 في المئة في ديسمبر/ كانون الأول السابق له، وفقا لإحصائيات حكومية.