حمدوك السلام يؤسس لقيام دولة سودانية جديدة ويعالج الظلامات
حمدوك رئيس مجلس الوزراء قال إن توقيع اتفاق السلام في جوبا يؤسس لقيام الدولة السودانية الجديدة ويعالج كل ظلامات الماضي.
واعتبر حمدوك في تصريحات عقب عودته من جوبا صباح اليوم “الثلاثاء”، أن ما تحقق في المرحلة الأولى من السلام انجاز تاريخي كبير، وقال إنه يضعنا في الإتجاه الصحيح.
واختتم مشهد توقيع الحكومة والجبهة الثورية بقاعة الحرية في جوبا، عاصمة جنوب السودان، أمس، بكلمات ضافيات من قيادات حكومتي السودان وجنوب السودان وحركات الكفاح المسلح، وأهازيج وأناشيد السلام والوحدة
والأمل في غدٍ مختلف، لكن فرحة الوصول إلى توقيع الأحرف الأولى لم تمنع المتحدثين من ذكر العقبات المنتظرة، والحلقات المهمة لاستكمال المسيرة.
جوبا كانت المستضيفة لمباحثات السلام طوال أشهر عديدة، وكانت هي مسرح الاحتفال وضامن الاتفاق الذي ينتظر أن ينقل السودان إلى مرحلة جديدة مختلفة، عنوانها أن إرادة السلام تنتصر وإن طال الطريق.
كل المسارات
ووقعت الحكومة والجبهة الثورية، على القضايا القومية بحضور رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ونائبه الأول الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” ورئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك،
وعدد من الوزراء والمسؤولين وقيادات قوى الحرية والتغيير، بجانب الرئيس سلفا كير ميارديت وقيادات حكومة جنوب السودان، علاوة على الضيوف من الاتحادين الأفريقي والأوروبي وسفراء دول (إيقاد) والسفراء العرب، وغيرهم.
ووقع نيابة عن حكومة جنوب السودان الرئيس سلفا كير ميارديت، وعن الحكومة السودانية رئيس الوفد الحكومي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، فيما وقعت عن العدل والمساواة إيثار خليل ابراهيم، وعن الحركة الشعبية
لتحرير السودان شمال- الجبهة الثورية ازدهار جمعة، ووقع مني أركو مناوي عن حركة تحرير السودان، والهادي ادريس عن حركة تحرير السودان المجلس الانتقالي، وخميس عبد الله أبكر عن التحالف السوداني.
ووقع عن تجمع قوى تحرير السودان خميس عبد الله أبكر، وأسامة سعيد عن مؤتمر البجا، وخالد إدريس عن الجبهة الشعبية المتحدة للتحرير والعدالة، ومحمد داؤود عن حركة تحرير كوش.
وكان قد تم التوقيع أيضاً على ثماني بروتوكولات لمسار دارفور، كما وقعت الحكومة مع حركة تحرير كوش، وتم التوقيع أيضاً على اتفاق مسار الوسط ومسار الشرق.
إنهاء الحرب
وقال الفريق أول ركن البرهان خلال حفل التوقيع، إنه حان الوقت لإنهاء الحرب في السودان بمعالجة جذورها السياسية والاقتصادية والتاريخية، وأكد أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار السياسي
والتنمية الا بالوصول لسلام شامل وهو ما نصت عليه الوثيقة الدستورية لانهاء النزاع في كل السودان، ودعا البرهان عبد العزيز الحلو وعبد الواحد النور للحاق بركب السلام.
فيما قال حميدتي، إنه طوال عقود الحرب الطويلة لم يكسب أحد ولن يكسب أحد. وأضاف: “بل خسرنا كل الماضي وربما نخسر المستقبل إن لم نعترف بالفشل ونواجهه بالحقيقة”. ووصف التوقيع على الاتفاقيات بأنه يمثل ميلاد فجر جديد لبلادنا.
من جهته، أكد حمدوك أن الاتفاق ســيمهد الطريــق لحقوق النازحين الطبيعية والمستحقة والاســتقرار والأمــن والعــودة لمناطقهم، وقال إن السلام سيسود كل بقاع السودان خاصة للأهل فــي معســكرات النــزوح واللجــوء، والضحايــا وذويهــم الذيــن دفعــوا الثمــن الأغلــى للحــروب الأهليــة فــي الســودان.
من ناحيته، أكد سلفا كير، أن التوقيع على اتفاق السلام لا يعني نهاية المطاف بل بداية لتنفيذ الاتفاق، وأوضح أن الاتفاقية ناقشت قضايا دقيقة شملت المشاركة في السلطة، المشاركة في الثروة،
العدالة الانتقالية، الترتيبات الأمنية وعودة النازحين واللاجئين الى قراهم، ودعا الحلو وعبد الواحد للانضمام إلى طاولة التفاوض للوصول إلى اتفاق سلام.
بدروه، قال رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس يحيى: “بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل اليوم نكون قد طوينا صفحة الحرب إلى الأبد””. وأضاف: “ما توصلنا إليه اليوم عبر مفاوضات شاقة وطويلة سيكون جهداً ناقصاً إن لم تتوفر له ضمانات التنفيذ”.
فجر جديد
وواجهت مسيرة السلام في السودان صعوبات في ملف إقليم دارفور منذ العام 2003م، إلى جانب المنطقتين من بعد انفصال الجنوب في العام 2011م، وتعددت المنابر من أجل وضع حد للحرب في أجزاء السودان المختلفة وتقليل الكلفة الباهظة التي خلفتها من نزوح ولجوء وخسائر بشرية ومادية
وكان أول فصيل وقع على اتفاق سلام مع الحكومة حركة تحرير السودان بقيادة منِّي أركو مناوي في العام 2006م بنيجيريا، لكن المسيرة لم تستمر وتجدد الصراع ومضى بين كر وفر ومفاوضات وتشاكس بعد فشل عدة جولات تفاوض حتى سقوط النظام البائد، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة كان اتفاق الأمس أحد ملامحها.
واستمرت رحلة المفاوضات الحالية منذ أغسطس 2019م حيث وقعت الحكومة والحركات المسلحة في سبتمبر على وثيقة اتفاق إطاري بجوبا، تحدد القضايا التي سيتم طرحها للنقاش خلال جولة المباحثات، كما شهد أكتوبر الماضي أول لقاء بين وفد الحكومة
وحركة الحلو، ووقع الطرفان وثيقة تحدد أجندة التفاوض، لكن الحلو لم يكن طرفاً في اتفاق الأمس، بعد تجميد الوساطة التفاوض معه الأسبوع الماضي، فيما ظل عبد الواحد خارج العملية، لكن الحكومة أكدت عزمها على التوصل إلى تفاهمات معهما بغية الوصول إلى سلام.