حميدة.. صورة تقوض النظام الدستوري!!
1
حكى لي أنه بالأمس فقال: حين شاهدت بروف حميدة وهو على البلاط يرتدي جلابية متسخة خنقتني العبرات وطفرت من عيني دمعة.. هذا الرجل الأنيق السمح النفس والسجايا، كيف تتجرّأ عصابة التفكيك لتمارس الإذلال عليه بلا ضمير ولا أخلاق بل بلا تهمة؟ فقلت الله غالب، لن يضروه إلا أذى، ولكن ما هي القصة ولماذا هو في تلك الزنزانة القذرة وسجن بلا أمد؟
2
ذهب البروف باكراً بعد صلاة العشاء إلى مخدعه.. في تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً طرقت ثلة من عصابة التمكين باب بيته، لا أحد يعرف هويتهم.. تماماً مثل تلك العصابة التي اختطفت زميلنا الصحفي عطاف ٢١ يوماً دون ذنب.. أُُخذ بروف حميدة إلى حراسات التفكيك في بحري، وهناك لم يسأله أحدٌ عن التهمة الجديدة، وهو لم يسأل عن التهمة التي تم طبخها له في الأقبية المظلمة، لأنه كان يعرف أصل الحكاية، وهي حكاية صورة التقطت له قبل يومين، حين زارته وزيرة التعليم العالي في جامعته ولم يزرها هو، هذه الوزيرة الزائرة لاذت بالصمت منذ اعتقاله، كان ظننا في بت صغيرون أفضل.. تلك الصورة والهيئة التي ظهر به بروف حميدة غاظت صبية التفكيك، لأنهم لا يعرفون للقانون ولا للعدالة معنى، لا يتريّثوا حتى يدبروا له اتهاماً فأخذوه من غرفته إلى بلاط الحراسة بجلابية النوم، ولم يسمحوا له بأخذ مَسنَدٍ!!
3
بدأ التخبط اليوم الثاني لاعتقاله.. قالوا إن مامون حميدة استغل نفوذه كوزير واستولى على أرض بنى عليها الجامعة، فجاءتهم المستندات صاعقةً من إدارة الأراضي، لتنسف ذلك الافتراء، وأكدت شهادات الملكية كل شيء، وقبل أن يصبح بروف مامون وزيراً، هكذا تلاشت التهمة برغم المماطلة، ولكنهم لم يتخلوا عن خطتهم المتآمرة، فعادوا إلى أوراقهم القديمة ليستخرجوا منها اتهاماتٍ دفعوا بها من قبل، ولكن البروف خرج مرفوع الرأس، ولم يجدوا عليه بينة فساد واحدة، ولكنهم عادوا إليها لإبقاء البروف في السجن بغرض الانتقام وتطويل فترة الاعتقال.
4
ما أن ضيق المحامون الخناق على صبية التفكيك في النيابة حتى ابتدعوا تهمة جديدة وهي تقويض الدستور!! أي دستور يقصدون؟ وهل تلك الخرقة البالية المسماة وثيقة.. تلك المزورة المنتهكة تسمى دستوراً؟
ليس لهم دليل واحد، وكعادتهم يعتقلون الأشخاص ثم يبحثون لهم عن اتهامات.
5
الآن بدأت الأصوات المناهضة لذلك العبث تتصاعد، وخرج مئات من تلاميذ البروف يهتفون باسمه، ويطالبون بإطلاق سراحه، وغداً سيزداد الزخم، ويخرج زملاء البرف وعارفو فضله من صمتهم، لا ليلعنوا الظَلَمة فحسب، بل ليرفعوا أصواتهم ضد طغمة التفكيك التي تترنّح الآن وتتفكك، وستذهب قريباً إلى مزبلة التاريخ، كعارٍ محضٍ على جبين الثورة.
6
يا سيدي النائب العام، لا يزال الأمل فيك كبيراً، فقط طبق القانون، ولا تجعل النيابات ألعوبة في أيدي التفكيكيين.. ينتهكون فيها حقوق الإنسان، ويذلون المعتقلين بلا رحمة.
7
حراسات نيابات التفكيك تضج بالأبرياء، والله سيسألك عما اقترفوا باسم القانون والنيابة، ولا شك أنك تعلم أن الكراسي لا تدوم، فافعل ما يليق بك وبالقانون.. أنظر كيف ارتفع مقام مولانا أبو سبيحة في عيون الشعب، صوره توزع الآن في الشوارع، وتعلق في جدارن المنازل، ذلك لأنه وقف الموقف الذي يليق به وبالقضاء السوداني، فكتب اسمه ناصعاً في سجلات التاريخ.. المطلوب يا سيادة النائب العام فقط أن تقرأ ما كتبه المعتقلون بالأمس في مذكراتهم.
اسأل عن محمد حامد تبيدي وعن الشاذلي حامد اللذين يرزحان في زنازين التفكيك منذ ثلاثة أشهر من دون ذنب، فقط لأنهما كانا ضابطين في جهاز الأمن والمخابرات، الذي وقفت الحكومة كلها تصفق له بالأمس، وهو يقدم الشهداء.. الشاذلي وتبيدي صديقان لكل الوسط الإعلامي، ظلا يؤديان مهامهما بحسب قانون الجهاز بلا تعسف. شخصياً استدعيت وسُجنت أكثر من عشر مرات، ولم أجد منهما إلا المعاملة الكريمة، ولكن أحقاد عصبة التفكيك لا تفرق بين الذين طغوا وأفسدوا، وبين مَن يؤدون وظائفهم بأمانة بحسب قانون.
واصل يا سيدي النائب العام الطواف بالنيابات، كما فعلتم أمس، لترى بعينيك أنت وأعضاء النيابة العامة، ولتسمعوا قصصاً وتروا عجباً.
8
سيخرج جميع المظلومين قريباً من زنازين التفكيك، وسيخرج بروف حميدة وبروف غندور مرفوعي الرأس، لا سرقا ولا خانا أماناتهما، وأياديهما نظيفة، علّما الأجيال ولهما في خدمة الشعب عرقٌ، وقتها وحينها سيُخزى الديكتاتوريون الصغار، وسيلحق العار بالذين لاذوا بالصمت كباراً وصغاراً، ويومها سيندمون وسيصرخون ولات ساعة مندم.!!
: د. عادل الباز