سبعة تحديات تواجه طريق نجاح السلطة الجديدة في دولة ليبيا
سبعة تحديات تواجه السلطة الجديدة في ليبيا تتمثل فى تنظيم الانتخابات، ومواجهة وباء كورونا، وتوحيد المؤسسات الحكومية وعلى رأسها الجيش، والتأسيس للمصالحة، وإخراج المرتزقة وحل أزمة الكهرباء التى عصفت بالبلاد. ولا يملك المجلس الرئاسي الليبي الجديد وحكومة الوحدة الوطنية سوى 9 أشهر لمواجهة مشاكل وتحديات صعبة وبعضها مستعجلة لا تقبل التأجيل.
تحديات الانتخابات:
تشكل انتخابات 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، المهمة الرئيسية للسلطة التنفيذية الجديدة، المكلفة بإنجازها. ولا تبدو هذه المهلة كافية بالنظر إلى عدة إشكاليات تنتظرها، أهمها تنظيم الاستفتاء على مسودة الدستور، والتي لم يصادق عليها مجلس النواب بعد. كما أن مجلس النواب لم يصدر بعد قانون الانتخابات، التي على أساسه تجرى الانتخابات.
وكل هذه الاستحقاقات تضغط على موعد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لذلك لا يتوقع رئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السائح، إجراء الانتخابات في موعدها سواء تم إجراء الاستفتاء أم لم يتم.
لذلك فإن أي تأخر لمجلس النواب في اعتماد النصوص القانونية التي على أساسها ستجرى الانتخابات، سيؤثر تلقائيا على التزام الحكومة بإجرائها في موعدها.
وعدم إجراء حكومة الوحدة للانتخابات في موعدها سيحولها إلى حكومة تصريف أعمال، بحسب رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لذلك فأمام رئيس الحكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة ووزرائه تحدي حقيقي للنجاح في أهم مهمة أوكلت له.
تحديات مكافحة كورونا:
أول ملف فتحه الدبيبة عقب حصوله على ثقة البرلمان في 10 مارس/أذار الجاري، جائحة كورونا، دون أن يخفي استياءه “من التقارير التي اطلع عليها بخصوص الميزانيات التي تم إنفاقها بدعوى التعامل مع الجائحة دون وجود نتائج فعلية على الأرض”.
وقال الدبيبة في مناسبة أخرى: “لم نفعل شيئا لمواجهة الوباء.. الجهود كثيرة، والنتائج صفر، وصرفنا مبالغ كبيرة”.
وتُسجل ليبيا معدلات مرتفعة في نسب الإصابة بفيروس كورونا، حيث تحتل المرتبة 72 عالميا من حيث عدد الإصابات (نحو 150 ألف إصابة) بمعدل يفوق ألف إصابة يوميا، رغم أن عدد سكانها لا يتجاوز 7 ملايين نسمة.
توحيد المؤسسات الحكومية:
يمثل توحيد المؤسسات خاصة السيادية منها مثل البنك المركزي والمؤسسة الوطنية للنفط مهمة أصبحت في متناول حكومة الوحدة، بعدما قطع هذا المسار عدة أشواط من المباحثات بين هيئات شرق البلاد وغربها.
حيث نجح البنك المركزي بشقيه في توحيد سعر الصرف، كما أن مؤسسة النفط أنهت احتجاز عائدات تصدير الخام الذي استمر لأكثر من أربعة أشهر، وقررت إعادة تحويلها إلى المصرف المركزي، بعد تشكيل حكومة الوحدة.
ومن المتوقع بحسب بيانات مؤسسة النفط أن تتضاعف مداخيل البلاد من 15 إلى 30 مليار دولار نهاية العام، بمتوسط إنتاج متوقع يتراوح بين 1.3 مليون برميل يومياً إلى 1.5 مليون برميل، وصولا إلى مليوني برميل في 2023.
ومن شأن ارتفاع مداخيل النفط، مع تحسن الأسعار وزيادة الإنتاج، أن يساهم في حل أزمة السيولة لدى البنوك، وتمويل عدة مشاريع مستعجلة للمواطنين.
تحديات المصالحة:
“تأسيس نواة للمصالحة”، أهم ما ركز عليه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، في كلمته أثناء أداء حكومة الوحدة اليمين الدستورية، في 15 مارس بمدينة طبرق.
لكن المنفي، اعترف أن “المصالحة النهائية لا يمكننا بلوغها نهاية العام”، واضعا هدفنا معقولا يمكن تحقيقه قائلا: “إذا استطعنا أن نكون نواة لهذه المصالحة فسنصل جميعا إلى الانتخابات”.
فمنذ 2011، انقسم الليبيون بين مؤيد لنظام معمر القذافي ومناصر لثورة 17 فبراير، وأخذ هذا الانقسام طابعا سياسيا وحتى اجتماعيا، إذ تمسكت عدة قبائل بدعم نظام القذافي حتى بعد سقوطه. وتعمق هذا الانقسام بعد إطلاق اللواء المتقاعد خليفة حفتر “عملية الكرامة” في مايو/أيار 2014، وتمكنه من السيطرة على الشرق الليبي والجنوب.
لذلك فتحقيق حد أدنى من المصالحة، سيسمح لوزراء حكومة الوحدة بالتحرك في كامل أرجاء البلاد، وتقديم خدماتهم للمواطنين دون تمييز.
توحيد الجيش:
يمثل توحيد الجيش إحدى المهمات الرئيسية للمجلس الرئاسي الجديد باعتباره القائد الأعلى للجيش، وأيضا لرئيس حكومة الوحدة بصفته وزيرا للدفاع.
فليبيا تعاني منذ 2011، صعوبات في إعادة بناء جيش نظامي محترف، بسبب انتشار السلاح، والمليشيات غير المنضبطة، وأزّم الوضع إطلاق حفتر “عملية الكرامة”، حيث تسبب بتقسيم الجيش الوليد، وانضمت إليه العديد من المليشيات.
ونظرا لحساسة هذا الملف، اجتمع الدبيبة، في مدينة سرت (وسط)، بأعضاء لجنة “5+5” العسكرية المشتركة (5 ضباط من الجيش الحكومي+ 5 قيادات من مليشيات حفتر)، في نفس اليوم الذي أدى فيه اليمين.
ويحتاج توحيد الجيش لخطوات لبناء الثقة أولا، وعلى رأسها فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وتبادل الأسرى، ونزع الألغام خاصة من المنطقة الوسطى الممتدة من سرت إلى محافظة الجفرة (جنوب سرت).
كما أن تفكيك المليشيات وإعادة إدماج عناصرها في المؤسستين العسكرية والأمنية، إحدى الخطوات المهمة لتوحيد الجيش وإعادة بنائه.
إخراج المرتزقة:
يُعد إخراج المرتزقة خاصة شركة “فاغنر” والجنجويد، من ليبيا إحدى التحديات الحاسمة التي تطرق لها الدبيبة، خلال جلسات منح الثقة للحكومة بسرت.
وحينها دعا الدبيبة، المرتزقة والمقاتلين الأجانب المتواجدين في ليبيا إلى المغادرة، قائلا: “المرتزقة خنجر في ظهر ليبيا، ولابد من العمل على إخراجهم ومغادرتهم، وهو أمر يتطلب الحكمة والاتفاق مع الدول التي أرسلتهم”.
ولا يبدو مرتزقة “فاغنر” آبهين بهذه الدعوة للخروج من البلاد، حيث ذكرت قناة “سي آن آن” الأمريكية، أن فاغنر تقوم بحفر خندق وإنشاء تحصينات لتأمين مواقعها في سرت والجفرة.
وأخطر ما في الأمر أن يخرج مرتزقة فاغنر عن سيطرة مليشيات حفتر، مما يجعل إخراجهم من البلاد أمرا معقدا.
وبحسب صحيفة “فورميكا” الإيطالية، فإن تدخل مرتزقة “فاغنر” الروس في ليبيا تحول من دعم حفتر إلى إنشاء بؤرة استيطانية في المنطقة الشرقية.
أزمة الكهرباء:
إحدى أبرز المشكلات التي أخرجت الليبيين للاحتجاج في الشارع سواء في طرابلس أو مدن الشرق الليبي، انقطاعات الكهرباء خاصة في فصل الصيف.
وأحد أسباب تلك الانقطاعات ضعف شبكة الكهرباء إجمالا، وتعرضها للتدمير والتخريب خلال المعارك التي جرت بعدة مدن سواء طرابلس أو بنغازي أو درنة (شرق). وإغلاق مليشيات حفتر لحقول وموانئ النفط والغاز في 17 يناير/كانون الثاني 2020، تسبب في مضاعفة أزمة الكهرباء.
وأمام الدبيبة بضعة أشهر لإصلاح شبكة الكهرباء قبل وصول فصل الصيف، الذي عادةً ما يشهد ذروة استهلاك الكهرباء بسبب الحرارة. ففي 18 مارس، اجتمع الدبيبة مع رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء وئام العبدلي، واستعرض معه “الخطة الفنية العملية قصيرة وطويلة الأمد لإنهاء انقطاع التيار الكهربائي”.
كما تعهد رئيس المجلس الرئاسي في كلمته أمام النواب بطبرق، بـ”إيجاد حل لأزمة الكهرباء”.
ونجاح المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة في تحقيق هذه التحديات السبعة ينجز لهم جميعا، لكن ذلك مرتبط بمدى تسهيل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة ومليشيات حفتر والمجتمع الدولي في تحقيق هذه الأهداف.