عقب تمديد الدعم الفني لها يونيتامس.. ولاية جديدة في ظل رفض شعبي
لم تكد تمضى ساعات على الدعوة التي اطلقتها الهيئة الوطنية والتيار الاسلامي العريض للخروج في مسيرة لطرد رئيس البعثة الاممية لدعم الانتقال في البلاد فولكر بيرتس، حتى اعلن مجلس الامن الدولي تمديد الدعم الفني لولاية البعثة لمدة عام، مما يطرح حزمة تساؤلات مفادها هل يستطيع فولكر بهذه الصلاحيات الموجودة أن يتحرك متى ما يشاء ووفق ما يشاء وذلك في ظل دعوات طرده؟ وهل كان الاجتماع الفاصل بينهم كآلية حوار مع العسكريين حداً فاصلاً لتحجيم دور البعثة التي رتبت بريطانيا لتعزيزها من خلال الدعم الفني؟
تمديد التفويض
ويأتي قرار التمديد في وقت تواجه فيه البعثة الاممية انتقادات من الحكومة السودانية لاسيما المكون العسكري، واتهامها بعدم الايفاء بالتزاماتها تجاه دعم الانتقال في البلاد وتجاوز تفويضها والتدخل السافر في الشأن السوداني.
كما يأتي القرار بعد ايام من احاطة المبعوث الخاص للامين العام للامم المتحدة ورئيس بعثة (يونيتامس) فولكر بيرتس مجلس الامن الدولي بشأن الاوضاع في السودان.
ويوم الثلاثاء الماضي اعلن اعضاء بمجلس الامن الدولي موافقتهم على تمديد تقني لتفويض البعثة لمدة عام واحد، وبحسب وسائل اعلام فإن الاعضاء لجأوا الى صيغة التمديد التقني بسبب الانقسام الحاد داخل المجلس وعدم التوصل الى توافق في الآراء بشأن تمديد يمس جوهر التفويض ولغة القرار.
طرد فولكر
وأمس الاربعاء احتشد الآلاف امام مبنى البعثة الاممية بالخرطوم للمطالبة بطرد رئيسها فولكر بيرتس، وردد المحتجون هتافات مناوئة لعمل البعثة الاممية وتدخلاتها التي وصفوها بالسافرة في الشأن السياسي السوداني.
وطالب عدد من المشاركين في الوقفة السلطات بإنهاء تفويض البعثة الاممية التي ينتهي اجلها في الثالث من يونيو وطرد رئيسها فولكر بيرتس.
ومنذ يناير الفائت تسعى البعثة الاممية لدعم الانتقال جاهدة للتوصل الى اتفاق بين الفرقاء السودانيين، جراء المشاورات الأولية لعملية سياسية شاملة لحلٍ للأزمة التي تفاقمت عقب قرارات قائد الجيش في اكتوبر الماضي، قبل ان ينضم اليها أخيراً ممثلو الاتحاد الافريقي ومنظمة الايقاد وتكوين ما يعرف بالآلية الثلاثية.
مسائل إشكالية
وكانت البعثة قد قامت بنشر وثيقة موجزة بنهاية المرحلة الاولى، تلخص من خلالها اهم مواضيع التوافق بين اصحاب المصلحة من السودانيين حول المسائل الاشكالية المتعلقة بالانتقال.
وفي مارس الماضي اطلق رئيس البعثة الاممية لدعم الانتقال في السودان الى جانب الاتحاد الافريقي ومنظمة (الايقاد) المرحلة الثانية من المشاورات التي تهدف لايجاد مزيد من التقارب في وجهات النظر بين الاطراف السياسية، بغية التوصل لتوافق شامل بين المكونات يخرج البلاد من ازمتها الحالية.
مساعدة الانتقال
وفي يونيو الماضي اعتمد مجلس الامن الدولي بالاجماع قراراً بتمديد ولاية بعثة (يونيتامس) في السودان لمدة عام حتى يونيو 2020م، واحتفظ القرار الذي صاغته بريطانيا حينها بالأهداف الاستراتيجية للبعثة.
وفي ذات الشهر من عام 2020م أنشئت بعثة الأمم المتحدة بناءً على طلب السودان وفقاً لقرار مجلس الأمن (2524)، وأوكلت إليها أربع مهام هي مساعدة الانتقال السياسي نحو الحكم الديمقراطي ودعم عمليات السلام وتطبيقها وبناء السلام وحماية المدنيين في المناطق المتأثرة بالحرب، علاوة على إسناد جهود حشد الدعم الدولي التنموي والإنساني للسودان.
تضارب المهام
استاذ الدراسات الدبلوماسية د. تماضر الطيب، اشارت الى ان هناك تضارباً بين عمل البعثة الاممية وما تقوم به الحكومة السودانية منذ اجراءات (25) اكتوبر الماضي، لجهة ان البعثة قدمت الى البلاد في ظل حكومة انتقالية والآن موجودة في ظل حكم عسكري.
ورأت أن هناك تضارباً جعل مجموعة من قادة المكون العسكري تتحدث عن ان بعثة (يونيتامس) خرجت من مهامها، وأضافت قائلة: (هي لم تخرج من مهامها وانما الحكومة خرجت من مهام البعثة، وانشاء سلطة في وضع غير طبيعي بدليل الانقلاب على وثيقة دستورية طُلبت بموجبها البعثة).
وتابعت الخبير في الشأن الدبلوماسي قائلة: (البعثة جاءت بطلب من رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك للقيام بمهام تكمن في حل المنازعات وتسهيل الاجراءات الخاصة بالسلام وقضايا حقوق الانسان، وفق للبند السادس).
مواثيق أممية
واشارت الى ان ما يحدث من تضارب الآن بين البعثة والحكومة يجعل مجموعة المكون العسكري بقيادة عبد الفتاح البرهان توجه انتقادات للبعثة وتطالب بطردها، حسب تعبيرها.
وتساءلت قائلة: (كيف تملي على البعثة وانت عضو فيها وملزم بكل ما هو موجود في قوانين ومواثيق الامم المتحدة، بما فيها البند السادس؟).
المحلل السياسي د. صلاح الدين الدومة عد تمديد عمل البعثة الاممية لدعم الانتقال أمراً روتينياً لاكمال مهامها بشأن الفترة الانتقالية بالبلاد، لاسيما إنهاء الازمة السياسية والتوصل الى اتفاق بين الفرقاء السودانيين.
إرادة سياسية
واستبعد الدومة في حديثه لـ (الانتباهة) ان يكون للانتقادات الحكومية لعمل البعثة والمطالبات المتكررة بطرد رئيسها فولكر بيرتس، تأثير في عملية المشاورات التي تجريها بين المكونات السودانية منذ مجيئها الى البلاد.
واشار الى ان الغرب والولايات المتحدة يعلمان ان الحكومة السودانية وقوى سياسية غير راغبة في عمل البعثة وتطالب بطردها، لجهة ان ذلك يمثل ضغوطاً لانحياز البعثة لاحد الاطراف.
واكد الدومة ان المحك الرئيس ان تكون للمجتمع الدولي والولايات المتحدة الامريكية ارادة سياسية نافذة تجاه المكون العسكري في البلاد، للتراجع عن قرارات اكتوبر الماضي. ومضى قائلاً: (وإلا فإنه لا طائل من وجود البعثة في السودان لانهاء الأزمة السياسية التي احدثها انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في (25) اكتوبر الماضي).