عمال السودان وإستقبال العيد بالفصل وغياب التمثيل النقابي بعد حلها من لجنة التمكين
يستقبل العمال في السودان عيدهم السنوي هذا العام بجملة من المشاكل والأزمات الاقتصادية والمعيشية الطاحنة، والغلاء الحاد في أسعار السلع الضرورية وتراجع الدخول أمام ارتفاع المصروفات اليومية.
إفتقاد للنقابات
إضافة إلى ذلك، فإن العمال يفتقدون النقابات التي تمثلهم وتسترد حقوقهم منذ نحو عامين عقب حل الحركة النقابية من قبل الحكومة الانتقالية ولجنة إزالة التمكين، عدا عن إجراءات الفصل التعسفي التي طاولت عشرات الآلاف من العاملين لدواعٍ سياسية وإزالة التمكين، ما سبّب تشريد الأسر وزيادة البطالة.
وقال أمين علاقات العمل باتحاد عمال السودان المنحل، خيري النور لـ(العربي الجديد) إن بعض الدول، ومنها السودان ما زالت تمارس سياسة انتهاك القوانين واتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بحرية الحركة النقابية واستقلاليتها، بقيامها قبل نحو عامين بحل الحركة النقابية وتجميدها.
ولجنة إزالة التمكين وأشار إلى أن الاحتفال العالمي بعيد العمال هذا العام يمرّ على عمال السودان والحركة النقابية قد حُلَّت، وهذا ما لم يحدث طوال تاريخ السودان حتى في عهد الاستعمار البريطاني.
وأكد أن قرار الحكومة الانتقالية بحلّ النقابات العمالية، أحدث فراغاً كبيراً في تقديم الخدمات الاجتماعية للعاملين في الدولة، حيث كانت النقابات تتولى بالتنسيق مع الحكومة مهام سدّ الفجوة بين ارتفاع الأسعار وتدني الأجور، ما أحدث خللاً كبيراً في معيشة العاملين نتيجة للارتفاع الهائل اليومي في الأسعار وزيادة التضخم الذي فاق الـ 300%،
ما جعل العمال يجأرون بالشكوى من تآكل الأجور وعدم قدرتها على تغطية تكلفة المواصلات ووجبة الإفطار.
وقال النور إنه رغم مخاطبة اتحاد العمال السوداني المحلول للحكومة ورئيس الوزراء ووزارات العمل والمالية مرات عدة بضرورة إعادة الحركة النقابية، غير أنها أغلقت الأبواب أمام الحوار الاجتماعي مع اتحاد العمال، رغم موافقتها على الاتفاقية رقم (144) مع منظمة العمل الدولية الخاصة بتعزيز الشراكة الثلاثية بينها وبين أصحاب العمل والعمال.
واتهم النور الحاضنة السياسة للحكومة بأنها تريد الهيمنة على الحركة النقابية وتدجينها وجعلها خاضعة للحكومة، لا لإرادة العمال والنقابات وجمعياتها العمومية التي تعتبر صاحبة السلطة العليا، لأن الحركة النقابية مستقلة لا تخضع لا للأحزاب ولا للحكومات.
وأشار إلى زيارة منظمة العمل الدولية للسودان ولقائها بالحكومة بهدف التوصل إلى قرار بفك تجميد الحركة النقابية بالسودان، باعتباره انتهاكاً لحقوق العمال، وما زالت المنظمات الدولية والإقليمية ممثلة بالاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب ومنظمة وحدة النقابات الأفريقية تخاطب بصورة دائمة رئيسي المجلسين السيادي والوزراء بالسماح بعودة نشاط الحركة النقابية، ولكن دون جدوى.
وانتقد أمين العمال إجراءات الفصل التعسفي التي تنفذها الحكومة على العاملين في الدولة عقب تجميد الحركة النقابية، مشيراً إلى إقصائها عشرات الآلاف من العاملين من العمل دون أي مبررات منطقية أو اتباع خطوات إدارية في اجراءات محاسبة العاملين، وهذه المسألة سياسية.
وشدد على أن اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم (111) تمنع التمييز لأسباب سياسية أو عرقية أو إثنية أو دينية، كاشفاً عن تقدم المفصولين بوزارة الخارجية، وعددهم 134 بشكوى لمنظمة العمل الدولية ضد الحكومة وفصلهم تعسفاً من الخدمة.
كذلك تقدم اتحاد العمال بشكوى لذات المنظمة بحل النقابات، وقد ردت الحكومة على الشكاوى بردود غير مقنعة.
وأضاف أن الحكومة تريد الهيمنة على النقابات لتمرر رفع الدعم عن السلع وتحرير الدولار، ولم تكن تستطيع تمريرها، في ظل وجود اتحاد العمال.
وقال القيادي السابق في اتحاد عام نقابات عمال السودان المحلول، العضو الحالي في الاتحاد الدولي للعمال العرب عمر الباشا في تصريح له ، إن عمال السودان يستقبلون المناسبة القومية (عيد العمال ) هذا الموسم بأوضاع معيشية قاسية بسبب جائحة كورونا التي سببت تراجع حركة الإنتاج في البلاد وتردياً اقتصادياً كبيراً فاقم من الضغوط التي يعانيها العاملون.
وأشار إلى أن الزيادة في أجور العاملين بالدولة التي طبقتها الحكومة الانتقالية بالسودان لا تفي بمتطلبات الحياة المعيشية الراهنة بسبب ارتفاع الأسعار والتضخم لأرقام غير مسبوقة،
ما أدى إلى تآكل دخولهم وعدم تناسبها مع المصروفات اليومية، مؤكداً أن الرواتب لا تفي بنسبة 8% من احتياجات العمال المعيشية.
وأكد الباشا أن التضييق على الحركة النقابية في البلاد، بأي وسيلة، مرفوض وفقاً للاتفاقيات الدولية التي وقع عليها السودان، منتقداً تباطؤ الحكومة في إعلان موعد انتخابات تنظيمات النقابات العمالية التي حُلَّت منذ عامين.
وأشار إلى معاناة العمال حالياً في سبيل الحصول على حقوقهم، لغياب المؤسسات التي تمثلهم وترعى مصالحهم وتسترد حقوقهم المسلوبة.
ورسم النقابي السابق بالغزل والنسيج محمد حمد صورة قاتمة لأوضاع العاملين في السودان حالياً، ومعاناتهم من الارتفاع الحاد في المعيشة وتراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية والذي أثر في السلع المستوردة والمحلية كافة، وارتفاع تكلفة النقل بسبب شح الوقود، مشيراً إلى أن الزيادات تطاول كل شيء تقريباً، بينما مرتبات العاملين ثابتة ولا تكفي إلا (3 ـ 4) أيام فقط في الشهر.
ووصف قانون النقابات في عهد حكومة الإنقاذ بالظالم، لأضراره الكبرى التي ألحقها بالعاملين في البلاد وبحقوقهم، مطالباً الحكومة الانتقالية بالاهتمام بالعاملين في عيدهم وإنصافهم وإلغاء قانون النقابات السابق والاستعاضة عنه بآخر يكفل لهم حقوقهم وواجباتهم تجاه الدولة وتحسين أجورهم وإعانتهم على الغلاء المعيشي وتوفير مشاريع والدخول في شراكات مع التجار تضمن حصول العاملين على السلع الضرورية بأسعار ميسَّرة وأقساط مريحة تناسب رواتبهم.