فشل قحت في الخطاب السياسي
في ظل التشرذم السياسي الحالي، ليس بين قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) ، وبين خصومها فحسب وإنما داخل قحت نفسها، فالحركات التي توصم الآن بأنها كانت انقلابية كانت جزءا لا يتجزأ منها، وكذلك الحزب الشيوعي الذي يقول في قحت اليوم ما لم يقله مالك في الخمر، فضلا عن تجمع المهنيين الذي هو الأب الحقيقي لها.من يمكن الجزم الان بأن الثورة السودانية فشلت فشلا زريعا ، والسبب في ذلك أن هناك حلقة مفقودة في الخطاب السياسي لأحزاب قحت التي ظلت تتحدث باسم الثورة ومعها النشطاء من الداخل والخارج ولجان المقاومة وغيرهم ، ولم تطرح “قوى الثورة” خطابا سياسيا رشيدا يبشر الجماهير التي فجرت الثورة بالمشروع الحلم ، بل ظل الخطاب السياسي بائسا ، فخطاب قحت كان موجها في بداية الثورة إلى “الكيزان” (والمقصود به التيار الإسلامي عموما)، فجعلت منه بعبعا يهدد الثورة، علما بأن رئيس المؤتمر الوطني المكلف أعلن أن حزبه سيكون في خانة المعارضة المساندة، غير أن قحت قابلت هذه التصريحات بالسخرية، وكان عليها إلا تعادي الحركة الإسلامية البته ، فكل من عادة الإسلاميين ارتد عليهم شره ومكره ، واصبحت قحت الآن قطع متناثرة كبغاث الطير مكسور الجناح تتخطفها سوء أفعالها وتطاردها لعنات أقوالها ، ثم بعد فشلها في معاداة الإسلاميين ، أصبح الخطاب الآن موجها إلى المؤسسة العسكرية برمتها، فأصبح كل من لا يتوافق مع قحت في خطها السياسي فهو “انقلابي”بعد أن كيزاني، وخسرت قحت بذلك الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية السلام والتي كانت جزءا أصيلا فيها ، وخسرت الشارع السوداني وخسرت الاسلاميين وخسرت نفسها فداخل قحت الكثير من الجدل والصراع ، فقحت الان تفتقد الخطاب السياسي الرشيد ، وتفتقد كذلك رؤيتها المستقبلية لمستقبل السودان.