فولكر في الشرق.. تسويق التسوية
تواصل الآلية الثلاثية المكونة من البعثة الأممية والاتحاد الإفريقي ومنظمة (إيقاد) مشاوراتها بين المكونات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والإدارة الأهلية قبيل بدء المشاورات المباشرة بين الفرقاء لإيجاد مخرج للأزمة السياسية التي دخلت فيها البلاد جراء انقلاب 25 أكتوبر.
وغادر أمس وفد بقيادة المبعوث الأمم فولكر برتيس والمبعوث الخاص للاتحاد الافريقي السفير محمد بعليش لشرق السودان، حيث التقوا بناظر عموم قبائل البني عامر علي إبراهيم دقلل في إطار المشاورات الفردية التي تجريها الآلية والسماع لأهل الشرق بغية الوصول حلول مرضية بين جميع الأطراف.
(1)
وصلت الآلية الثلاثية إلى كسلا للاستماع إلى أصوات الشرق، وقالت الصفحة الرسمية لبعثة يونيتامس بالفيسبوك: (يواصل المبعوثون الخاصون للاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيقاد) والأمم المتحدة في السودان العمل معاً لدعم حل للأزمة السياسية).
ومن جهته قال ناظر عموم قبائل البني عامر علي إبراهيم دقلل إن زيارة فولكر له بمنزله بحي الختمية بولاية كسلا نهار أمس، بغرض إنهاء الخلافات بين مكونات شرق البلاد وإشراك الإقليم في التسوية السياسية التي تجري الآن، ووصف دقلل ــ بحسب العربية ــ زيارة فولكر بأنها شبيهة بزيارة السفير الأمريكي بحيث يلتقي خلالها كلاً من دقلل وترك والسيد عبد الله الميرغني.
(2)
الأمين السياسي للجبهة الشعبية للتحرير والعدالة جعفر محمد الحسن علق على معرض الطرح، وقال لـ (الانتباهة): (إن حكمة الناظر دقلل كبيرة، وظل يؤكد كثيراً أن القبائل ليست ميداناً لممارسة السياسة، وهذا منهج دقلل بحكم معرفتي به، ولكن الحل يكمن في ازالة أزمة الحكم بالخرطوم، ومنهج الفشل في ادارة التعدد السياسي لم يحدث في الاطراف، ونقول للبعثة الاممية اتركوا القبائل ولا تعزلوا شرق السودان عن المزاج العام للسودانيين حول مدنية الدولة، ودعم ممارسة السياسة عبر تنظيمات سياسية نستطيع مساءلتها).
وحول نتائج الزيارة المتوقعة يقول جعفر: (حدث الكثير من هذه الزيارات ولم يحدث تطور ايجابي في ملف شرق السودان).
وشهد شرق السودان خلافات عاصفة بين مجموعة من المكونات القبيلة أدت إلى إغلاق الشرق، وقاد رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين محتجي البجا في سبتمبر الماضي لإغلاق طرق حيوية في ولايات الإقليم الثلاث، إضافة إلى الطريق الرئيس الرابط بين بورتسودان والعاصمة الخرطوم وميناء البلاد الرئيس في سياق احتجاج رافض لمسار شرق السودان.
وعلقت السلطات في ديسمبر الماضي اتفاق مسار شرق السودان الموقع ضمن اتفاق جوبا للسلام إلى حين توافق أهل الإقليم، وذلك بعد التشاور مع أطراف الحكومة والوساطة.
فيما اتهمت قيادات مسار شرق السودان في اتفاق جوبا المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة بدعم الكراهية والفتنة في الإقليم، وأعلنوا رفضهم الاعتراف به. وكان المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة في شرق السودان قد اتهم لجنة معالجة أزمة الإقليم التي يرأسها (حميدتي) بعدم الحياد لتغييرها قرار ترسيم الحدود من قبلية إلى إدارية، وتمسك بإلغاء مسار شرق السودان. وقال بيان صادر عن قيادة مسار شرق السودان الموقعين على اتفاق جوبا لسلام السودان: (انهم ظلوا يدعمون خط التهدئة وعدم التصعيد تجاه قضية شرق السودان، وتعاونوا مع كل المبادرات الداعية للتوصل إلى تسوية سياسية واجتماعية لحل الأزمة، ولكن بالمقابل ظل خطاب ما يسمى المجلس الأعلى لنظارات البجا خطاباً منفراً وتصعيداً لإذكاء الكراهية والفتنة في شرق السودان).
وتداعيات الخلافات في الشرق لم تقف عند المجلس الأعلى للبجا وموقعي اتفاق الشرق، بلا امتدت لمكونات المجلس, ومنذ يونيو الماضي يعاني المجلس الأعلى لنظارات البجا من صراعات عاصفة بين قادته في أعقاب اجتماع عقد في بلدة أركويت.
(3)
في أكثر من مرة يؤكد مراقبون لـ (الانتباهة) أن الحل للازمة السياسية بما فيها أزمة شرقي السودان يمكن في حوار سوداني ــ سوداني شامل من حيث المشاركة ومن حيث القضايا التي يناقشها، ليفضي لتوافق على تشكيل حكومة كفاءات مستقلة تهتم بترقية الاقتصاد والإعداد لانتخابات شفافة ذات مصداقية تعبر عن إرادة الناخبين السودانيين واستكمال تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، وتضع مشروع دستور يعالج مظالم الأقاليم ويرسم ملامح دولة مدنية تحكمها المؤسسات ويحرسها القانون، لكن ثمة خلافات حول هذا الامر، إذ أصبح البعد الدولي والاقليمي يلعب دوراً مهماً ويسر حواراً سودانياً برعاية دولية تقدم حافزاً على شاكلة إعادة الدعم الخارجي حال تم تكوين حكومة ذات مصداقية، وهذا ما يعبد فرضية إبعاد الوسطاء الدوليين من الأزمة السودانية.