قوش والثورة (مهندس التغيير)
(قوش) هو مهندس الانقلاب على البشير، باستخدامه عدة أساليب في زمن واحد لإضعاف البشير عبر مسيرة بداءت منذ بدء الاحتجاجات في ١٨ سبتمبر ٢٠١٨ ، وكان اكثر وضوحا، في تهييجه للثوار ببعض الأساليب . وشتى الطرق ، كنا نلاحظ في بداية الثورة قبل يوم ٦ ابريل انها تهدأ تارة وتشتعل أخرى، وهذا في ظني أن أذرع قوش الكثيرة مثل الاخطبوط هي وراء إشعال جزوة الثورة كلما بدأت تخمد، حتى استقوت ونضج عودها بالوصول الي مقر القيادة العامة للقوات المسلحة يوم ٦ ابريل ، وهو (اي قوش) من فتح الطريق للثوار للوصول إلى مقر الاعتصام بساحة القيادة ، ويعتبر الاعتصام بساحة القيادة اقوى اسلوب ضغط ثوري لخلخلة النظام القمعي الظالم وإسقاطه.
(قوش) هو من يملك كل المعلومات الأمنية الدقيقة عبر مصادره السرية الموجودة في كل مكان حتى داخل مكاتب قيادات المعارضة والحركات المسلحة ، وله اذرعه الاخطبوطية التي بها يمكنه تمرير ما يريده، وغالبا ما يتم ذلك بمعاونة أعدائه وهم لا يشعرون ، كما أنه العضو الاهم بالجنة الأمنية في حكم البشير وتقاريره بالطبع مصدر ثقة، يتم اتخاذ القرار على أساسها، فاستخدم كل هذا كسلاح لخدمة أهدافه في الوصول للسلطة ، وهو المشهور بين الإسلاميين بالفتى المعجزة ، فهو داهية ماكر.
صلاح عبدالله قوش في المراحل الدراسية كان من أميز الطلاب في حل مسائل الرياضيات فهم كانوا يضعون له مسأله في الرياضيات يفك طلاسمها في دقائق ومن تلك المراحل كُنيه بصلاح (قوش) نسبة لعالم الرياضيات الهندي قوش ،وتمرحل ( قوش) في المراحل التعليمية حتى وصل إلى جامعة الخرطوم كلية الهندسة ، في هذه المرحلة وضع له ماده خاصة وهي مادة (أجهزة المعلومات) برع فيها وحل كل البرامج والشفرات مما أهله إلى الاتحاق بجهاز الأمن الوطني الذي برع فيه وطوره بالطرق التي تخدم نظام الانقاذ . وبعد ذلك أصبح لصلاح قوش كل الصلاحيات ، أصبح اليوم هو الوحيد الملم بكل المعلومات الخاصة بالدولة السودانية على مدى ٣٠ عاما.
ومعروف ان (قوش) دايما ما يستخدم سياسة النفس الطويل ، للوصول الي الهدف ، فهو لا يتعجل النتائج ، ودقيق في التخطيط والتنفيذ، لا يترك وراءه أثر وقليل الاخطاء، ويضع بدائل لكل الاحتمالات.
اتفقنا معه ام اختلفنا يظل ل(قوش ) القدح المعلا في إسقاط النظام ، فهو ثوري وشريك اصيل مع الثوار ، والناظر بفكر سليم ونظرة سياسية حكيمة الي الوضع قبل زوال النظام السابق، لادرك انه من غير مباركة جهاز الأمن، لا تستطيع القوات المسلحة فعل شيئ الا بمباركة من جهاز الأمن . مثلا جهاز الأمن مسيطر على كل المعلومات الأمنية الداخلية منها والخارجية، وفيه قوة ضاربه اكثر من الجيش، فما يسمى بقسم العمليات . داخل الجهاز ، له ميزانية مالية أكبر، وله عتاد وسلاح افضل ، وحرية حركة مطلقة .
قوات الدعم السريع ، بها إمكانيات تفوق ما في الجيش ، من سيارات دفع رباعي وأسلحة نوعية متطورة ، فضلا عن الرواتب العالية، التي تفوق ضعف ما يتقاضاه فرد الجيش، مقارنة مع نظيره في قوات الدعم السريع .
يبقى هنالك قوتان ظاهرتان على الأرض ، غير القوات المسلحة، قلنا ظاهرتان لان هنالك قوة خفية وهي قوة كتائب الظل ، لكن لا تقوى على فعل شيئ دون مباركة جهاز الأمن ، القوتان اقوى من القوات المسلحة ، لذا لا يمكن لأحد لعب دور بدونهما، وهما قوات جهاز الأمن، وقوات الدعم السريع.
(قوش ) بيده إحدى القوتين، وبيده كل المعلومات الأمنية والاستخباراتية . معه ملفات ومعلومات دقيقة لكل التنظيمات الإسلامية، والتنظيمات الإرهابية في المنطقة الإفريقية ،ابداء” من الإخوان في مصر ومرورا” بالإسلاميين في السودان والجماعات المتطرفة في الصومال الانفصاليين في والكونغو ، وجيش الرب في يوغندا وفجر الاسلام في ليبيا وتنظيم السيليكا في افريقيا الوسطى وحركة تيمان اردمي في تشاد وبوكو حرام في النيجر ونيجيريا والمتطرفيين الإسلاميين في مالي والسنغال . فضلا عن ملفات تسليح حماس في فلسطين ، ومعلومات عن محاولة اغتيال مبارك ، فهو يملك معلومات امنية قيمة وباهظة الثمن يسيل لها اللعاب مطلوبة دوليا ، مما يجعله شخص ذا قيمة عند من يعرف قيمة هذه البيانات الضخمة التي يحملها في قرص فلاش، لذا يحظى بمكانة خاصة عند الغرب ، وهو يعرف كيف ومتى يستخدم هذه الداتا الضخمة من البيانات .
ووفقا لما ذكرناه ، فإن(قوش ) له قبول خارجي ،ومدعوم من الغرب. وله قبول عند معسكر تركيا ايران قطر ، بحكم مسيرة العمل الطويل في الامن، والتعاون مع هذا المعسكر لفترة ، كما له قبول لدى معسكر السعودية الامارات مصر ، لما يملك من معلومات قيمة ، قد تغطس حجر الاخوان المسلمين .
هذه البضاعة التي يمتلكها (قوش) لها سوق رائج في الغرب ، يمكنه استخدامها مقابل دعم الغرب له .لانها تساعد في اقتلاع الارهاب من جذوره في المنطقة
كما يملك داتا أخرى من المعلومات والملفات على المستوى الداخلي ، تحمل معلومات دقيقة ، قد تورط وتفضح قيادات كثيرة في الحكومة والمعارضة ، وقيادات داخل القوات المسلحة لهم جرائم موثقة وانتهاكات إنسانية في جنوب السودان، ودارفور . ويستخدم كل هذا الكم من الملفات الخطرة، كسلاح للضرورة .
عليه يعد (قوش) اقوى الشخصيات في الساحة السياسية، فكان يحتاج فقط لاسناد من قوات الدعم السريع ، للوصول الي ما يربو اليه ، كما يحتاج للقوات المسلحه، ليس لانها قوة ضاربة، لكن للشرعية والسند الشعبي الذي تجده القوات المسلحة، وهنا يتطلب شخص داخل الجيش له قبول، ويكون ضعيف في نفس الوقت، يسهل ل (قوش) تحريكه يمنة ويسرى ، وهذه المواصفات غير متوفرة في وزير الدفاع الفريق أول عوض ابن عوف، فهو لا يتفق مع (قوش) في كثير من الأمور، لذا من مصلحة (قوش) إبعاده باي وسيلة ، وغير متوفر في رئيس هيئة الأركان، الفريق أول كمال عبدالمعروف،أيضا لذات السبب، اذا لا بد من إيجاد الرجل المناسب ل (قوش) داخل الجيش ، لكن لابد أولا من إكمال عملية سقوط النظام.
بدأ (قوش ) في تحريك اذرعه داخل احزاب المعارضة ، ومدهم بمعلومات وارسال تطمينات لهم بالأمان، كما بدأ رفع معلومات مغلوطة للبشير، مثل معلومات قتل الدكتور ، وعرض تقارير استفزازية للثوار عبر وسائل الإعلام ، مثل هنالك تخطيط إسرائيلي عبر أفراد من الحركات المسلحة.
وبدأ يمثل مسرحيات بسزاجة مقصودة ، مثل مسرحية الخلايا النائمة المرسلة من الحركات المسلحة، ومسرحية صاحبة البندقية، التي قتلت الدكتور من الخلف، وانسحبت وتم رصدها باستلايت .
كل من شاهد المسرحية عبر الإعلام اوسمع تقارير جهاز الأمن عن الخلايا النائمة ، اتهم (قوش) بالغباء ، لكن من ذكاء (قوش) ان يدعي الغباء في مثل هكذا مواقف ليصل إلى الهدف وقد كان، كما ان كل تصرف من أفراد جهاز الأمن يستفز الثوار ، وكان ذلك يصب مزيد من الزيت في النار ، حتى وصل الثوار الي ساحة القيادة العامة للقوات المسلحة، بتسهيل الطريق لهم من جهاز الأمن، وربما الفكرة أساسا وصلت للمهنيين بايحاء من (قوش) ، عبر اذرعه او بوسيلة أخرى ، فكان اعتصام القيادة، اقوى سلاح للثوار ، وابتدأ يشتد الخناق على النظام وأصبح فاقدا للسيطرة تماما ، والفترة من ٧ابريل الي ١٠ابريل أصبحت اللجنة الأمنية في تلك الفترة العصيبة تجتمع في اليوم اكثر من مرة، وكان كل شيئ يتم داخل الاجتماعات المغلقة للجنرالات يتم تسريبه لوسائل التواصل الاجتماعي عن قصد ، وكل مرة (قوش ) يرفع معلوماته الأمنية للجنة الأمنية ، منذرا بالخطر ،حتى وصلت اللجنة الأمنية الي قناعة تامة بأنه لا يمكن التضحية بالشعب من اجل البشير ، وجاء الاقتراح من (قوش) بطرح فكرة التنحي للبشير وتسليم السلطة للجيش وترتيب مخرج امن له .
ومن ناحية أخرى تم تجهيز رجل (قوش ) داخل القوات المسلحة.
والمعروف لكل الناس ان ابن عوف هو أعلى رتبة في الجيش، وأعلى سلطة في النظام، هو نائب الرئيس ، وحسب النظام والضبط والربط والأدب العسكري، ابن عوف أحق باستلام الحكومة، من اي رتبة أخرى في حالة تنحي البشير او موته .
اختارت اللجنة الأمنية ابن عوف ليذهب للبشير ويطرح له فكرة التنحي ، على أن يتولى الجيش الأمر من بعده ويضمن له مخرجا أمنا، إلا أن البشير رفض الفكرة بتاتا ،وهاج في وجه نائبه ،واتهم اللجنة الأمنية بالخيانة، واتصل بوزير الدفاع السابق، الفريق أول مهندس عبدالرحيم محمد حسين ، وطلب منه أن يجئ فورا الي القصر لاستلام مهامه وزيرا للدفاع ، وحل اللجنة الامنية ،والقيام بالمهام الأمنية، انابة” عنها ، عندها خرج ابن عوف من مقر الرئيس ،وتوجه الي اللجنة الأمنية وأخبرهم بما دار بينه وبين الرئيس، وهنا تم رمي الكرة في ملعب (قوش) ، وحالا” اقترح (قوش) على اللجنة الأمنية عزل الرئيس، وفرض إقامة جبرية عليه، والإعلان عن انحياز القوات النظامية للثورة ، وتم الاتفاق على ذلك ، وفي صبيحة يوم ١١ ابريل تم الإعلان عن انقلاب عسكري بواسطة الجيش ، وتأخر بيان الجيش طويلا ، بسبب خلافات على مستوى القادة ، وهي محاولة إبعاد ابن عوف من قيادة الانقلاب ، وبعد البيان، تم رفض ابن عوف وعبدالمعروف من قبل الثوار ، باعتبارهم امتدادا للنظام القديم ، وتسهلت المهمة ل (قوش) ولم يحتاج إلى استخدام الخطط الموضوعة لابعادهم ،ولا بدائل الخطط التي رسمها لذلك ، فلم يحتاج الي الخطة (ب)ولا (ج ) ولا(د) لذلك. فتم إقناعهم بالتنحي حفاظا على تماسك الجيش، وأمان البلد والثوار . عندها تم تهيئة الطريق (للبرهان) ، و تلميعه بأنه عسكري مكرب(مفتش عام للجيش) ليس له علاقة بالحركة الإسلامية، وحفيد ابراهيم عبود ، ويجد قبول من القادة وصغار الضباط داخل الجيش هذا اعتبار ما كان .