الاستثمارات الصينية والتركية في السودان في مرمى سهام لجنة إزالة التمكين
من المعلوم أن سياسة اجتثاث البعث التي تم اعلانها في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين تضمنت تسريح الاف الموظفين والضباط وغيرهم. لكن وعلى المدى الطويل أدت هذه السياسة المتسرعة الى تفكك المجتمع وتعمق الشرخ الإجتماعي بشكل حاد مما ساهم لاحقاً في نشوب حرب أهلية واقتتال، بالاضافة الى تفاقم الوضع الاقتصادي، حيث ان هذه السياسة الغت العديد من الاتفاقيات الاقتصادية التي كان العراق قد أبرمها في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
أما في السودان فقد عمل البشير مطولاً على تعزيز العلاقات مع الصين وتركيا على وجه الخصوص، وعلى أساس ذلك هناك العديد من الاستثمارات الصينية والتركية في السودان، واتفاقيات أبرمتها الحكومة السودانية وعدد من الشركات مع شركات صينية وتركية، فنتجت بذلك علاقات تجارية ومالية قوية مع ههذه الدول.
يبدو أن السيناريو العراقي يتكرر اليوم في السودان بشكل من الأشكال، فلجنة ازالة التمكين تحارب ليس فقط رموز النظام السابق ومؤسساته في الحكم، بل تقوم بالتدخل السافر غالباً في كافة العقود التجارية والاتفاقيات المبرمة بين السودان والدول الأخرى في عهد عمر حسن البشير، تمهيداً لالغائها أو إعادة النظر بها.
لكن ومع الأسف يبدو أن البعض في هذه اللجنة وفي السلطة الحالية لا يدرك أن هناك فرقاً شاسعاً بين محاربة وازالة تمكين النظام السابق من جهة، وتفكيك العلاقات السودانية التجارية والاقتصادية مع الدول الأخرى.
سمعنا مسؤولين وموظفين في اللجنة يقولون أن السودان يمكن أن يعيد النظر بأي اتفاقيات وعقود أبرمها النظام السابق، لكن على الجهات المعنية الا تسمح لهذه اللجنة بضرب العلاقات السودانية مع دول هامة مثل الصين وتركيا من خلال التعدي على الشركات واستثماراتها في السودان.
علماً أنه وحتى ان كان لبعض رموز النظام السابق مكاسب شخصية من وراء تلك العقود، وهو أمر وارد ومن السخافة إنكاره، فهذا لا يعني أنه علينا الغاء كافة العلاقات والعقود، بل يمكن تعديلها أو تحسينها بحال تطلب الأمر ذلك.
فالنظام السابق كان يبرم العقود والاتفاقيات باسم وباموال السودان، وهذا واقع لا يجوز تجاهله أثناء عمل لجنة ازالة التمكين، وتفكيك النظام السابق يجب أن يكون عبارة عن عمل جراحي دقيق ومدروس وليس عملاً عشوائياً يعمم على كل شيء. لانه ان استمر عمل اللجنة بهذا الشكل فسيؤدي ذلك الى عواقب وخيمة وتخريبا للعلاقات السودانية وخصوصا مع دول هامة كالصين وتركيا، وهو الأمر الذي يجب تجنبه قدر المستطاع.