لقاح فيروس كورونا المستجد : أسئلة أخلاقية تواجه العالم
هل سيكون توزيع لقاح كورونا عادلاً؟ وكيف تُحدًّد الأولويات ووفق أي خطط وتشريعات؟ وهل يجوز – أخلاقياً – فرض التطعيم على الأفراد، حتى إن كان الهدف محاصرة وباء عالمي؟
تعيش البشرية لحظة “أخلاقية” صعبة، كأننا أمام خيارات تشبه أزمة البطلة في فيلم “خيار صوفي”، حين خيّرت في معتقل أوشفيتز بين إنقاذ ابنها أو ابنتها.
كيف تختار الجهات الصحية الفئات؟
فكيف تختار الجهات الصحيّة الفئات الأكثر عرضة للخطر إن كان عدد اللقاحات محدودا؟ وإذا تضاءلت الإمدادات، هل من الإنصاف في شيء تلقيح المرضى وكبار السنّ، أم تلقيح الشباب؟
في ظلّ كوفيد -19، كان على الشعوب أن تعيش وطأة التبعات الفجّة للسياسات الصحيّة والاجتماعية الراهنة: مكان ولادتك، جنسيتك، طبقتك الاجتماعية، جنسك عند الولادة، كلّها عوامل ستحدّد فرصك في النجاة، سواء لناحية وصولك إلى الحاجات الأساسية من غذاء وأمان خلال الحجر الصحّي، أو لناحية نيلك الرعاية الاستشفائية اللازمة.
ولم تتردّد شخصيات دينية في التعبير عن خشيتها من انعدام المساواة في توزيع اللقاحات، منذ الإعلان عن نجاح التجارب السريرية الأولى.
هكذا، دعا شيخ الأزهر في مصر، أحمد الطيب، الشركات المنتجة إلى إقرار سياسة عادلة في توزيع اللقاح، وتغليب الضمير الإنساني على الحسابات المادية، قائلاً: “يجب ألا يُخذل اللاجئون والفقراء في حقهم للحصول على هذا اللقاح”.
وقال البابا فرانسيس: “كم سيكون الأمر تعيساً إن أعطيت الأولويّة في لقاح فيروس كورونا للأغنياء!” وأضاف: “إنَّ الوباء قد كشف عن محنة الفقراء والتّفاوت الكبير الّذي يسود في العالم”.
وبين السياسة والاقتصاد والقانون والفلسفة والدين، يقدّم الباحثون والمختصون في الأخلاقيات الطبية استشارات لصناع القرار في قضايا مصيرية، تتعلّق مثلاً بحدود الحياة (الإجهاض والقتل الرحيم)، والتبرع بالأعضاء وعدالة توزيع الرعاية الطبية والاختبارات العلمية على الأجنة والتعديلات الجينية والاستنساخ، إلى جانب خطط التلقيح.
وقد شارك أستاذ الأخلاقيات الطبية في جامعة بنسلفانيا، هارالد شميدت، في نقاشات حول خطط توزيع اللقاحات في الولايات المتحدة، ويقول لـ”بي بي سي نيوز عربي” إنّ السؤال الأبرز الذي شغل المختصين، خلال تحديد الأولويات، كان: “هل علينا تقليل عدد الوفيات، أم الحد من انتشار الوباء”؟
كانت إجابة “مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها”، وهي وكالة فدرالية أمريكية تشرف على السياسات الصحية، إنّ الأولوية ستكون “لتقليل عدد الوفيات، والحدّ من الإصابات الخطيرة، والحفاظ على سير الأعمال في المجتمع، وتخفيف أعباء الوباء عمّن يعانون أساساً بسبب التفاوت”.