ماذا وراء تعيين مبعوث أمريكي جديد للسودان؟
كشفت بعض التقارير الإعلامية عن تعيين البيت الأبيض توم بيريلو مبعوثا خاصا بالشأن السوداني، مما يشير بوضوح إلى عودة السودان لدائرة الاهتمام الأميركي.
جاء ذلك بالتزامن مع صدور عدة تقارير، عن قُرب تنحي السفير الأميركي لدى السودان جون غودفري عن منصبه خلال الأسابيع المقبلة.
والسفير غودفري، وهو أول سفير أميركي لدى السودان منذ أكثر من 25 عام، ويؤدي جميع مهامه في السودان من العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل/نيسان 2023، بعد إغلاق السفارة الأميركية وإجلاء دبلوماسييها من الخرطوم.
وتشير بعض التقارير إلى تدهور علاقة السفير غودفري، مع أعضاء الكونغرس بسبب سوء تعامله مع إجلاء المواطنين الأميركيين من السودان بعد اندلاع الصراع في أبريل/نيسان الماضي. ولكن ليس من المؤكد حتى الآن السبب وراء مغادرة السفير غودفري من منصبه.
دور المبعوثين الأمريكيين يثير الشبهات
أصبح دور المبعوثين الخاصّين للولايات المتحدة الأمريكية، في عدّة دول بالشرق الأوسط وأفريقيا، مثيراً للجدل بشكل متزايد في أروقة المؤسسات الأمريكية وفي دول المنطقة.
ففي كل مكان أو دولة تم تعيين مبعوث أمريكي خاص بشؤونها، تزداد أوضاعها السياسية والعسكرية والأمنية سوءاً، والتجربة السورية واليمنية هي أكبر دليل على ذلك. وكأنّ مهمة هؤلاء المبعوثين هي تعقيد الأزمات ومفاقمتها، بما يتفق مع مصالح الإدارة الأمريكية، وليس حلها كما تعلن واشنطن.
وما يثير الشكوك أكثر، هو تزامن هذه الأخبار مع ما تم نشره في الأيام القليلة الماضية عن دور الولايات المتحدة الأمريكية في دفع كييف لإرسال قوات خاصة أوكرانية، للقتال في السودان ضد قوات الدعم السريع مقابل استمرار الدعم المالي والعسكري المقدم من واشنطن لكييف.
وفي سياق متصل، قال ديفيد شين مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق للشؤون الأفريقية والباحث بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن للجزيرة نت أنه “من الضرورة أن يفهم الجميع الولايات المتحدة لديها نفوذ محدود على التطورات داخل السودان. والأهم من ذلك أن كلا من قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لم تبديا أي مؤشر على استعدادهما لبدء مفاوضات جادة أو تقديم تنازلات من شأنها أن تنهي الحرب الرهيبة”.
واستبعد شين نهاية سريعة للصراع في السودان نتيجة لهذا التعيين في واشنطن، متسائلا ،”هل يكترث بايدن بالسودان؟”.
وأضاف المتحدث ذاته أنه في الوقت الحالي يتم التعامل مع السودان خارج واشنطن من قبل المبعوث الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر، إلا أن لدى هامر العديد من المسؤوليات والملفات والقضايا. من هنا يعكس تعيين بيريلو رغبة في التركيز على السودان داخل الإدارة الأميركية. كما قلل شين من حجم التوقعات الناتجة عن تعيين سفير جديد.
واتفق خبير الشؤون الأفريقية في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية كاميرون هدسون مع الطرح السابق، وقال للجزيرة نت أن واشنطن “منذ الانقلاب متأخرة خطوتين عن الجنرالات في الخرطوم، وتأمل دائما أن نتمكن من استعادة المرحلة الانتقالية وتجنب الحرب”.
من جهته، شكك دانيال سوليفان، كبير مستشاري السياسات السابق في تحالف إنقاذ دارفور، بالتزام بايدن بالشأن السوداني، وقال إن بايدن أثناء عمله سيناتورا ورئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ كان صوتا مهماً لاتخاذ قرارات بشأن السودان، أما اليوم فهو صامت تقريبا.
وقال سوليفان للجزيرة نت إن “سياسة إدارة بايدن في السودان محبطة وغير كافية على الإطلاق.”