تعاني منظومة الصحافة والإعلام في مصر من أزمات عديدة تتعلق بعلاقات عملهم التي تتدهور وتزداد سوء بمرور السنوات الماضية، وتحديدًا منذ عام 2013، وبالإدارات المالكة سواء كانت حكومية أو حزبية أو خاصة مملوكة لمجموعات أو أفراد أو مؤسسات استثمارية، حتى ظهر مصطلح المجموعة الاحتكارية أو ما يطلق عليه الصحفيون المصريون “صحافة السامسونج”.
هذه الأمراض التي تفشت كالوباء قتلت آمال الذين ظنوا أن ثورة 25 يناير قامت لأجل حياة كريمة للجميع، الحق في “الصحة والتعليم والعمل بأجر عادل والسكن” حقوق ثابتة لا خلاف عليها، وسيكون هناك مناخ آمن يضمن حرية الصحافة والإعلام، حرية الجميع في أن تُسمع أصواتهم في منابر أساس وجودها هي التحدث عن أزماتهم وأوجاعهم وآمالهم وآلامهم، لا التحدث باسم الذين يقتلون هذه الطموحات ويقضون على كل ما هو حق للمواطن، تحت شعار” أنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة والإرهاب على الأبواب”.
في إحدى فقرات برنامج بفضائية مصرية خاصة، قالت مقدمة برنامج في نهايته تقرير أذاعته، أنه “تم إرساله من جهاز سامسونج”، كل شئ أصبح مكشوفًا للكل، ومعروف لدى الجميع، أن كل وسائل الإعلام المسموعة والمقروئة والمرئية لها رئيس تحرير واحد، يرسل ما يحلو له للنشر من جهاز السامسونج الخاص به، وما لايروق له لا يلتفت إليه أصلًا، حتى أصبح المواطنون أسرى لوسائل إعلام خارجية تضيف على الحقيقة الواحدة ألف كذبة، وتفبرك ما تشاء من الأخبار والمقاطع المصورة فتحدث بلبلة وتثير توترات عديدة، لو كانت هناك حرية صحافة لم يكن كل ذلك ليحدث.
فلو كانت هناك حرية صحافة، لم يكن خبر استشهاد ضباط مصريين بسجن طرة على خلفية اشتباكات مع سجناء المفترض أنهم عُزَّل يمر مرور الكرام، فمن أين حصلوا على السلاح وكيف أصلا استطاعوا الهرب من هذه المنظومة الحديدية التي يمتاز بها مجمع سجون طرة؟! ويخرج النائب العام المصري ووزير الداخلية بتوضيح حقائق الأمور للجميع، بدلًا من ترك هذه الأحداث كمادة تُفبرك من خلالها أكاذيب ووقائع غير حقيقية كثيرة.
ولو كان الأمر متروكًا لحرية الصحافة، كان المجتمع سيعلم من المسئول عن قتل شباب في منطقة تتبع محافظة الجيزة على خلفية مناوشات ناتجة عن رفض الأهالي تنفيذ الجهات الحكومية إزالة منازل بزعم أنها غير مرخصة ولم تقنن أوضاعها وذلك وفقًا للقانون رقم 17 لسنة 2019 والمعدل بالقانون رقم 1 لسنة 2020 بشأن التصالح على مخالفات البناء.
لو كانت هناك حرية صحافة كان سيعلم الجميع أن هناك ملثمين يجوبون شوارع القاهرة والمحافظات بالأسلحة البيضاء على مرأى ومسمع السلطات والجهات الأمنية، أثناء فترة التواجد الأمنى بسبب الدعوات التي أطلقها المقاول المصري الهارب محمد علي للتظاهر.
لكن هذا لم يحدث، صحافة السامسونج ترفض حتى الآن أن تترك متنفسًا لصوت واحد يكشف الحقيقة، فالكل معرض للحبس والفصل من العمل والتشريد، وأحيانًا خطر الموت الذي لحق بأستاذنا الكبير الكاتب الصحفي محمد منير.
لو كان الأمر متروكًا لحرية الصحافة كان الكل سيعلم حقيقة ما يجري في قطاعات الدولة الصناعية التي أصبحت خاوية على عروشها، كنا لن نجد هذا الطابور الطويل من العاطلين بحثًا عن فرصة عمل، وأمام المستشفيات بحثًا عن الحق في خدمة طبية وعلاج دون الوصول لخطر الموت لأن قطاع الصحة يحتاج للاهتمام، والدولة لديها خطط أخرى متعلقة بالكباري والطرق ومعالم مصر السياحية، حتى هذه الآخيرة لم تسلم وأصبحت تنتقل من أماكنها العتيقة لقلب القاهرة بزعم التطوير والتجديد.