أخبار ساخنةأهم الأخبارالأزمة السودانية

مسؤول سوداني في نيويورك للتفاوض حول مهام محدودة لبعثة «يونيتامس»


قالت وزارة الخارجية السودانية إنها في صدد تسليم الأمم المتحدة وبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي، مصفوفة تتضمن مطلوبات حكومة السودان من بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس)، والتي يبدو أنها لا تتضمن المهام السياسية للبعثة.
وكان وكيل وزارة الخارجية المكلف، السفير نادر يوسف، التقى، أمس الخميس، في نيويورك، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو. وأكد أن جميع الجهات المختصة في السودان قد شاركت في وضع مصفوفة شاملة تتضمن رؤية حكومة السودان للدور الذي يجب أن تضطلع به يونيتامس وفقاً لولايتها.
وحسب وزارة الخارجية، يزور يوسف، نيويورك لمقابلة قيادة الأمم المتحدة وبعض الدول الأعضاء بمجلس الأمن من أجل تسليم هذه الجهات مصفوفة تتضمن مطلوبات حكومة السودان من البعثة الأممية (يونتامس).
وتتمثل المطلوبات التي تسعى السلطات السودانية لتمريرها، لتقييد عمل البعثة، إنفاذ اتفاق السلام ودعم تنفيذ البروتوكولات وحشد الموارد وتقديم الدعم اللوجستي لبناء القدرات ودعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان والمساعدة في إنشاء ودعم مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج وآلية العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار والتنمية، في وقت تعتبر مهمة البعثة الأساسية هي دعم الانتقال الديمقراطي في البلاد.
وقال البيان إن وكيل وزارة الخارجية، وصل إلى نيويورك في وقت مبكر من الأسبوع الجاري وعقد اجتماعات مكثفة مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن والدول الأفريقية الثلاث الأعضاء في المجلس، وكذلك الإمارات والهند، من أجل شرح رؤية السودان المتصلة بعمل البعثة الأممية في السودان وأولويات حكومة السودان في هذا الصدد.
وكانت الخرطوم، قد كونت لجنة وطنية عليا للتعامل مع الأمم المتحدة، عقدت عدة لقاءات برئاسة العضو العسكري في المجلس السيادي، إبراهيم جابر، قالت انها للتعامل مع متطلبات ونشاط الأمم المتحدة وبالتحديد بعثة يونيتامس، وفق برامج ومقترحات الوزارات الاتحادية لكيفية التعامل مع يونيتامس خلال المرحلة المقبلة.
وفي اجتماعها الشهر الماضي، قالت اللجنة، إن وثيقة مطلوبات السودان ستكون مؤشرا للتعامل مع البعثة.
وواجهت يونيتامس خلال الفترة الماضية تهديدات من القادة العسكريين وصلت للتلويح بطرد البعثة من البلاد، زادت وتيرتها بعد تقديم رئيس البعثة فولكر بيرتس، نهاية الشهر الماضي، إحاطة لمجلس الأمن حول الأوضاع في السودان
وكشفت الإحاطة عن الانتهاكات التي حدثت منذ الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجرائم القتل والاغتصاب، خلال قمع الأجهزة الأمنية للتظاهرات، فضلا عن التداعيات الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلاد.الأمر الذي دفع البرهان لاحقا، للتهديد بطرد بيرتس من البلاد، وقال خلال مخاطبته حفل تخريج ضباط من الكلية الحربية مطلع الشهر الجاري، إن على بيرتس أن يكف عن التمادي في تجاوز تفويض البعثة، والتدخل السافر في الشأن السوداني، مؤكدا أن ذلك سيؤدي إلى طرده.
وبعدها بيوم واحد التقى بيرتس البرهان وناقش اللقاء حسب بيان للبعثة الأممية، سبل الخروج من الأزمة السياسية وتحقيق الانتقال الديمقراطي وتهيئة المناخ للعملية السياسية التي تيسرها الآلية المشتركة التي تضم بعثة يونيتامس والاتحاد الأفريقي وايقاد.
وأطلقت يونيتامس نهاية العام الماضي عملية سياسية لحل الأزمة السودانية، شملت المرحلة الأولى منها حوارا غير مباشر بين الأطراف السودانية، استمر لستة أسابيع، عقدت خلالها لقاءات مع مجموعات مدنية وحركات مسلحة بعضها موالي للانقلاب.
وعلى الرغم من أن القادة العسكريين كانوا أول المرحبين بالعملية السياسية، عاد البرهان لاستخدام خطاب معاد للبعثة، مشددا على أن دورها يقتصر على تيسير العملية السياسية وليس تقديم المبادرات لحل الأزمة السودانية، الأمر الذي ظلت يونيتامس تؤكده طوال الوقت، حيث أوضح رئيس البعثة فولكر بيرتس أن دوره محدد بتيسير عملية سياسية يقودها السودانيون.
ولاحقا، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في السودان والاتحاد الأفريقي وإيقاد، العمل معا في آلية مشتركة لتيسير الحوار بين الأطراف السودانية، إلا أن الحكومة السودانية ما زالت تواصل المساعي لإبعاد يونيتامس من العملية السياسية.
وظلت صحيفة القوات المسلحة تهاجم البعثة الأممية بشكل راتب، بينما وصفت رئيسها فولكر بيرتس بـ”النازي”.
وفي مقال الأحد الماضي، قالت إنه يسعى لاستنساخ نسخة بريمر في العراق ونموذج ليبيا ومجازر بانغي ورواندا والكونغو في السودان.
وردت البعثة في بيان مقتضب، الإثنين، دون إشارة للصحيفة، قائلة: “شَيطنةُ الشخصيات العامة والخاصة والتحريض على العنف ضدها، سلوكٌ يحملُ بصمات جرائم الكراهية، ومن مصلحة المجتمع والسلطات إحالة القائمين عليه للمُساءلة دون إبطاء”.
وفضلاً عن هجوم العسكريين وصحيفة القوات المسلحة على البعثة التي بدأت مهامها في السودان، في فبراير/ شباط 2021، قامت مجموعات تابعة لنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، وموالية للعسكر بتنظيم تظاهرات أمام مقر البعثة قبل الانقلاب العسكري.
ورفعوا شعارات تطالب بطرد البعثة ورفض ما وصفته بالتدخل الخارجي في الشؤون السودانية.
وتكونت بعثة يونيتامس في يونيو/حزيران 2020 بطلب من حكومة السودان، ووفق قرار مجلس الأمن رقم 2524 الذي نص على إنشاء بعثة جديدة للمساعدة في الفترة الانتقالية في البلاد.
وشمل تفويض البعثة المساعدة في الانتقال المدني الديمقراطي ودعم وحماية وتعزيز حقوق الإنسان والسلام المستدام وعمليات بناء وتنفيذ اتفاقات السلام بالإضافة إلى المساعدة في الحماية المدنية وسيادة القانون، خاصة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وكذلك دعم وتعبئة المساعدة الاقتصادية والإنمائية وتنسيق عمليات المساعدة الإنسانية في السودان.
ويقول الخبير الدبلوماسي، الرشيد أبو شامة لـ”القدس العربي” إن مهام بعثة يونيتامس حسب تفويضها لا تقتصر على المهام المنصوص عليها في المصفوفة التي تحاول الخارجية السودانية تمريرها في الأمم المتحدة مشيرا إلى أن دورها الأساسي هو دعم الانتقال المدني الديمقراطي في البلاد.
ورجح ألا توافق الأمم المتحدة على طلب حكومة السودان الذي يهدف إلى إبعاد البعثة من العملية السياسية، التي تعتبر مهمتها الأساسية.
وأضاف: “يمكن أن توافق الأمم المتحدة لاحقا على سحب البعثة إذا طلبت الحكومة ذلك ولكن ردة فعل الأمم المتحدة ستكون قوية ولن تكون راضية عن خطوة السلطات السودانية التي يبدو أنها تسعى لتحقيق مصالح شخصية لأفراد استولوا على السلطة عبر انقلاب عسكري.”
وتابع: “البعثة تم إنشاؤها بطلب من الحكومة السودانية، وبالتالي أي محاولة لإبعادها أو تقليص مهامها، لن تكون في مصلحة السلطات التي ستخسر كل فرص التعاون مع الأمم المتحدة و الترويكا والاتحاد الأوروبي التي تدعم جهود يونيتامس، وسينتهي بها الأمر إلى مزيد من العزلة الدولية.”
ورأى أبو شامة أن السلطات الحالية تمضي في اتجاه تحقيق مصالح شخصية أكثر من المصلحة العامة للبلاد لجهة تخوف قادتها على مستقبلهم، حال نجاح يونيتامس في تحقيق مهامها واستعادة الانتقال الديمقراطي، ومن جهود يونيتامس لإعادة الانتقال الديمقراطي، مشيرا إلى أن العسكر بعد استيلائهم على السلطة يتخوفون من عودة شركائهم السابقين من المدنيين الى مواقعهم من خلال عملية سياسية تدعمها يونيتامس وينتهي الأمر إلى محاكمتهم مثل عمر البشير.
ويوافقه الرأي المحلل السياسي حاج حمد، الذي يعتقد أن السلطات العسكرية تسعى لإبعاد يونيتامس من العملية السياسية لتعطيل المسار الديمقراطي، الأمر الذي يعني استمرار تحقيق أجندة الانقلاب.
وقال لـ”القدس العربي” إن استخدام سياسة العصا الغليظة هي كل الذي تبقى لقادة الانقلاب، لافتاً إلى مساعيهم المتكررة لإيجاد حاضنة مدنية والتي تفشل كل مرة في وقت يرفضون فيه جهود يونيتامس، مؤكدا أن كل محاولاتهم في الصدد تعمق الأزمة. وأضاف: “اللقاءات التي يجريها المسؤول السوداني في نيويورك، محاولة من الخارجية فيما يمكن تسميتها بالعلاقات العامة”، مشيراً إلى أن ما تقوم به ليس احترافيا بل يعكس تدنيا في مستوى فهم الشراكة الدولية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons