ميزانية الحكومة الاسبانية انتصار سياسي حاسم لسانشيز
بعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي في إسبانيا، يسير رئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز باتجاه الحصول على الضوء الأخضر لميزانية البلاد التي وضعها، وهو نجاح حاسم قد يسمح لحكومة أقلية ومنقسمة أن تصمد حتى نهاية ولاية البرلمان.
ومن المفترض أن تحصل الميزانية التي صوّت عليها النواب في الثالث من كانون الأول/ديسمبر على الموافقة النهائية من مجلس الشيوخ مساء الثلاثاء.
وستكون هذه الميزانية التي تميل قليلا إلى سياسة يسارية والممولة جزئيا من خطة الانعاش الأوروبية (140 مليار يورو لإسبانيا)، أول ميزانية يتم تبنيها في إسبانيا منذ تلك التي أقرت في عهد ماريانو راخوي السلف المحافظ لسانشيز، في أيار/مايو 2018.
والتحدي كبير في بلد يتسم بعدم استقرار سياسي مزمن أدى إلى تنظيم أربعة انتخابات عامة بين 2015 و2019.
وقال أوريول بارتوميوس أستاذ العلوم السياسية في جامعة برشلونة المستقلة “هذه خطوة مهمة جدا لأنها تسمح لبيدرو سانشيز” الذي كان عليه حتى الآن تمديد العمل بميزانية المحافظين “بكسب الوقت والاستقرار والمواصلة حتى نهاية ولاية البرلمان دون مشكلات حتى العام 2023” موعد الانتخابات العامة المقبلة.
وأوضحت كريستينا مونييه أستاذة العلوم السياسية في جامعة سرقسطة “وضعت هذه الميزانية وفي الأذهان فكرة أنه لن يكون من الممكن الموافقة على ميزانية جديدة للعام 2022” بسبب الانقسام الكبير للبرلمان “وبالتالي يمكن تمديد” الميزانية السابقة لمدة عام على الأقل.
لا يهزم
عندما وصل زعيم الحزب الاشتراكي إلى السلطة في حزيران/يونيو 2018، لم يكن قد حقق النجاح نفسه في العام السابق، واضطر للدعوة إلى انتخابات جديدة بعد رفض الانفصاليين الكاتالونيين مشروع ميزانيته في اليوم التالي لبدء محاكمة قادتهم لمحاولة الانفصال العام 2017.
لكن بالوما رومان أستاذة العلوم السياسية في جامعة كومبلوتنسي في مدريد، قالت إن “بيدرو سانشيز أظهر خلال حياته المهنية، أنه لا يعترف أبدا بالهزيمة”.
وحاول سانشيز الذي حكم في ائتلاف مع اليسار الراديكالي لبوديموس منذ كانون الثاني/يناير، بدون جدوى في البداية إقناع حزب المواطنة (كيودادانوس) الليبرالي الصغير بدعم هذه الميزانية
قبل أن يلتفت إلى الأغلبية غير المتجانسة والمثيرة للجدل التي أوصلته إلى السلطة في العام 2018 والتي تراوحت بين الانفصاليين الكاتالونيين إلى “بيلدو” وريث الجناح السياسي لمنظمة إيتا الانفصالية الباسكية.
في مقابل هذا الدعم، قبلت الحكومة تعويضات، بما فيها مرسوم بتعليق إجلاء الأسر المستضعفة حتى أيار/مايو والذي يجب أن يوافق عليه مجلس الوزراء الثلاثاء.
وأثار التحالف مع “بيلدو” استهجانا من قبل اليمين واليمين المتطرف، وكذلك داخل الحزب الاشتراكي لسانشيز.
ولكن نظرا لميزان القوى في البرلمان “لم تكن هناك أغلبية أخرى” ممكنة للحصول على الموافقة على هذه الميزانية، وفق أوريول بارتوميوس الذي يعتبر أنها “ظرفية” في كل الأحوال.
ولأنه عملي جدا، قد لا يتردد سانشيز في المستقبل العودة مرة أخرى إلى حزب المواطنة كما تعتقد كريستينا مونييه.
-حكومة منقسمة-
من خلال التصويت على الميزانية، سيضمن بيدرو سانشيز بقاء حكومته. لكن السنوات المقبلة ستكون “سنوات من المفاوضات الدائمة داخل الحكومة والبرلمان” للموافقة على كل إصلاح، كما أضافت مونييه.
زيادة الحد الأدنى للأجور، الملكية، الهجرة والصحراء الغربية… كلها مواضيع تشكل نقطة خلاف بين الاشتراكيين وبوديموس.
وقد تكون العلاقات مع الحليف الكاتالوني متوترة أيضا بسبب الانتخابات الإقليمية في كاتالونيا منتصف شباط/فبراير.
يعتقد أوريول بارتوميوس أنه “لن يكون من السهل على الحكومة مقاومة هذه التوترات لكن لا أحد من (الشريكين في الائتلاف) لديه أي مصلحة حقيقية في الانفصال” وإسقاط الحكومة.
وختمت كريستينا مونييه أن “الثمن الذي يجب أن يدفعه بوديموس والحزب الاشتراكي”، سيكون في الواقع “باهظا جدا” لأنه سيعني عودة اليمين إلى السلطة.