أعلن صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن السودان بات على بعد خطوة واحدة من الوصول إلى نقطة القرار المطلوبة، وفقا لمبادرة مساعدة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون (هيبك)، وذلك لإعفائه من ديونه المقدرة بأكثر من 60 مليار دولار وتشكل معضلة رئيسية أمام حل أزمته الاقتصادية المتفاقمة.وأوضح صندوق النقد الدولي انه حصل على تعهدات تمويلية بقيمة 1.4 مليار دولار من 101 دولة تسمح بتسوية متأخرات السودان، مما يسهل استفادته من برامج إعفاء الديون والوصول إلى أموال واستثمارات جديدة ضرورية لتعزيز النمو ومكافحة الفقر.
وقال بيان صادر عن المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، إن هذا التمويل يمثل فرصة تاريخية للسودان للتحرك نحو تخفيف شامل لديونه.وأكدت أن الصندوق سيواصل دعم تعافي السودان من فترة طويلة من عدم الاستقرار والصعوبات الاقتصادية.وأوضحت جورجيفا أن عددا من الدول إضافة إلى بنك التنمية الأفريقي ونادي باريس والمفوضية الأوروبية وشركاء التنمية الآخرين لعبوا دورًا حاسما في نجاح هذه المبادرة متعددة الأطراف.وأصافت: “يمثل هذا الإنجاز اعترافًا واضحًا من عضوية الصندوق بالجهود غير العادية التي يبذلها شعب وحكومة السودان لدفع الإصلاحات الاقتصادية والمالية على الرغم من البيئة الصعبة”.ويعقد المجلس التنفيذي للصندوق اجتماعا الاثنين المقبل بشأن تصفية متأخرات ديون السودان وإدخاله في مبادرة (هيبيك).
ومنذ تسلمه مهامه في أكتوبر 2019، بذل رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك جهودا كبيرة من أجل إعادة السودان إلى النظام المالي العالمي بعد عزلة دولية استمرت 3 عقود، بسبب تصرفات نظام المخلوع عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019.ونتيجة لتلك الجهود، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية في ديسمبر 2020 شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتي ظل مدرجا فيها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وكبدته خسائر مباشرة وغير مباشرة قدرت بنحو 300 مليار دولار.وبعد أقل من 6 أشهر على التخلص من عبء قائمة الإرهاب، حصل السودان على تعهدات ضخمة قدمتها عدد من البلدان المشاركة في مؤتمر باريس الذي عقد في مايو الماضي.وشكل المؤتمر فرصة كبيرة لعرض السودان الجديد وعودته الكاملة إلى مجتمع التنمية الدولي.وخلال الأشهر الماضية، نفذت حكومة حمدوك عددا من الخطوات والإصلاحات بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وشملت الإصلاحات توحيد أسعار الصرف ورفع الدعم عن المحروقات.وعلى الرغم من المعارضة الداخلية الشديدة التي واجهت تلك الإصلاحات، إلا أن الحكومة أكدت أنه لا مناص من تنفيذها للخروج من الأزمة الهيكلية التي يعيشها الاقتصاد السوداني والناجمة عن الفساد الذي لازم فترة حكم البشير، والذي قدرت خسائره بنحو تريليون دولار.
وتأتي الخطوة في ظل مخاوف وقلق من أن تعصف الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد حاليا بمسار الانتقال، وهو ما دفع بحمدوك لدق ناقوس الخطر، مشيرا إلى أن البلاد تواجه مخاطر حقيقية.وتوقع بكري الجاك، أستاذ السياسات في الجامعات الأميركية، أن تنعكس التطورات التي أعلن عنها الصندوق إيجابا على الوضع الاقتصادي في السودان، لكنه شدد على أن الطريق لا يزال طويلا أمام تحقيق الاستقرار والإصلاح الكلي.وقال الجاك لموقع سكاي نيوز عربية عبر الهاتف من نيويورك، إن السودان يحتاج إلى بذل جهود كبيرة لإصلاح هياكل الاقتصاد والخدمة المدنية المنهارة والجهاز المصرفي الذي يواجه مشكلات عاصفة ووضع قوانين صارمة لجذب وحماية الاستثمارات، وهي جميعها عناصر مهمة لتحقيق الانطلاقة الاقتصادية.وأوضح أن الدولة السودانية ضعيفة للغاية، وفيها الكثير من الخلل الهيكلي والإداري الذي يجعل من الصعب الاستفادة من أي مساعدات أو استثمارات على المدى القريب.