عواقب رحيل ديبي في المنطقة غير واضحة لكنها تثير قلقا
بعد رحيل ادريس ديبي اتنو، يشعر محللون وأطراف فاعلة في النزاعات في الدول المجاورة بالقلق من عواقب تغيير القيادة في تشاد، البلد المحوري بين الساحل ووسط إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
وقال موسى أغ الشغتمان الذي يقود مجموعة مسلحة ناشطة في شمال مالي الذي يشهد نزاعا إن ديبي “كان له وزن لا يمكن إنكاره” في منطقة الساحل. وأضاف “حدثت وفاة القذافي وعواقبها (وصول أعداد كبيرة من المقاتلين والأسلحة إلى منطقة الساحل عند انهيار ليبيا)… علينا أن نأمل ألا يحدث مثل ذلك في تشاد”.
تحول ديبي الذي بقي ثلاثين عاما في السلطة على مر الوقت إلى شخصية أساسية على الساحة الإفريقية. وقد تدخل شخصيا أو من خلال جيشه الذي يعتبر من الأكثر مراسًا في القارة في النزاعات المجاورة.
ويشكل مستقبل هذا الجيش الذي يشكل قلب النظام السياسي التشادي ويتولى السلطة حاليا عبر المجلس العسكري الانتقالي، محور القلق. وقال أغ الشغتمان أن استقراره “سيكون أهم نقطة” للمحافظة على التوازن الهش لتشاد في منطقة مضطربة.
وفي منطقة الساحل كما في وسط أفريقيا، تشكل تشاد وجيشها في الواقع ركيزة يعتمد عليها الشركاء والدول.
“تراخ في مكافحة الجهاديين” –
يذكر الأستاذ الجامعي الكاميروني سيفرين تشوكونتي “عندما أصبحت جماعة بوكو حرام (الجهادية الناشطة في تشاد والنيجر والكاميرون) قادرة على إلحاق ضرر كبير، أخذ الرئيس ديبي على عاتقه الذهاب إلى الجبهة”، مؤكدا أن رحيله سيؤدي بالتأكيد إلى “لتراخي في الكفاح”.
وعندما يكون التهديد داخليا، لم تخف نجامينا يوما أن عمليات الانتشار الأجنبية تصبح في المرتبة الثانية. فمطلع 2020، أعاد ديبي الجنود البالغ عددهم 1200 ونشروا في إطار القوة الإقليمية لدول منطقة الساحل الخمس لمكافحة الجهاديين، للتصدي لهجوم جهادي على بحيرة تشاد.
وقد وصلوا أخيرا إلى النيجر بعد عام. ونشر 1400 تشادي آخرين في إطار بعثة الأمم المتحدة في مالي. ما هو مستقبل هؤلاء الجنود الموفدين في مهمة بينما يرتسم المستقبل السياسي لتشاد؟
سجلت نذر حرب لم تؤكدها نجامينا في القطاع المعروف باسم منطقة الحدود الثلاثة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. وقالت مصادر عدة لوكالة فرانس برس إن تشاديين من القوة المشتركة يستعدون للرحيل بعد شهرين فقط من وصولهم إلى المنطقة.
وسواء عادوا أو لم يعودوا، يرى إيفان غيشاوا الباحث في جامعة كنت أن ما حدث يعد “ضربة … للجهود الأخيرة لسوحلة مكافحة الإرهاب” التي دفعت باتجاهها فرنسا الموجودة في منطقة الساحل حيث تنشر 5100 جندي وتريد تقليص وجودها هناك.
هل ستستمر تشاد في إرسال رجالها لمطاردة مقاتلي بوكو حرام في شمال نيجيريا أو جهاديي تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة الساحل، أو تضمن في إطار قوة الأمم المتحدة أمن مخيمات على الحدود بين مالي والجزائر؟
وفي باماكو، يقول أحد مراقبي النزاع في منطقة الساحل “كانت تشاد تشكل ركيزة أمنية – مع أنها مهترئة – فهل ستبقى كذلك؟”.
“قلق عميق” –
النتيجة الأخرى غير المباشرة تتعلق بجنوب ليبيا الجارة الكبرى لشمال تشاد، التي انطلق منها التمرد الذي أدى إلى مقتل الرئيس ديبي. وقال الباحث جلال حرشاوي محذرا إنه إذا أصبح ساحة “فلتان للخصومات التشادية أو لعودة” تنظيم الدولة الإسلامية “فلن يذهب أحد لضمان أمنه”.
وهذه المنطقة الشاسعة صحراوية وتعمها الفوضى إذ تنتشر فيها مجموعات مسلحة ومهربون وجهاديون، وتشكل في الوقت نفسه ملاذًا للمتمردين التشاديين.
ويقول الخبراء إن هؤلاء حاولوا فعلا السير إلى نجامينا في الماضي وقد يستغلون هذه اللحظة لاستئناف تحركهم. وقد أعلن بعضهم دعمهم لحركة التمرد حاليا.
والخوف من التداعيات السلبية واضح أيضا في الشرق، في السودان حيث أعربت السلطات عن “قلقها العميق” و عواقب بشأن الوضع في تشاد.
وتتسم العلاقات بين نجامينا والخرطوم منذ عقود بالتوتر. وقد شهدت التشادية السودانية مواجهات.
وأخيرا قد يكون لرحيل ديبي عواقب و تأثير إلى الجنوب من تشاد، في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تشهد هي أيضا نزاعا. ويقاتل الجيش وقوات رديفة روسية على جزء كبير من أراضيها جماعات مسلحة يشتبه كثيرون بارتباطها بالرئيس التشادي الراحل.
وأقام الرئيس وهو نفسه متمرد سابق معروف بقلقه بشأن سهولة اختراق حدوده، صلات مع بعض قادة المجموعات المسلحة في شمال جمهورية إفريقيا الوسطى.
كما يقاتل عدد كبير من المرتزقة التشاديين في صفوف ميليشيات إفريقيا الوسطى.
وقال دبلوماسي من غرب إفريقيا عمل في الماضي في بانغي إن ديبي كان له نفوذ يستطيع بفضله تحريك بعض الميليشيات.