غزة تحت القصف الإسرائيلي خوف وقلق ولا نوم
يشعر الفتى محمد نجيب أنه يعيش “فيلم رعب حقيقيا” يشبه أفلام الفيديو الإلكترونية وهو يشاهد سقوط عشرات الصواريخ التي تطلقها مقاتلات إسرائيلية في “قصف مجنون” غرب مدينة غزة.
ويعبّر محمد نجيب (16 عاما) الذي يعيش في حي الرمال في مدينة غزة عن مدى الخوف والصدمة قائلا “شاهدت فيلم رعب حقيقيا، القصف مجنون مثل ألعاب الفيديو الإلكترونية”.
وخرج بعض سكان مدينة غزة الجمعة الى الشارع ليروا مزيدا من الحفر الضخمة في الطريق الناتجة عن القنابل الإسرائيلية وشظايا زجاج في كل مكان، ومنازل استحالت ركاما نتيجة الضربات الليلية المكثفة.
ويصف البعض ما يحصل ب”الزلزال”.
بالنسبة الى محمد نجيب، فإن تدمير برج “الشروق” المكون من أربعة عشر طابقا والذي يبعد مئات الأمتار من منزله، “كان مرعبا”.
ويضيف “عدد كبير من الغارات الإسرائيلية… القصف عنيف جدا”. ويتذكر “كنت طفلا في حرب 2014، حينها كنا نختبئ تحت الدرج أثناء القصف، الآن الوضع أصعب ولا مكان نختبئ فيه”.
ومنذ الإثنين، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية على قطاع غزة، وأطلقت مئات القذائف المدفعية، وحشدت مزيدا من الدبابات على حدود القطاع تحسبا لاجتياح بري.
وحذّر أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، من أن “أي توغل بري في قطاع غزة سيكون بإذن الله فرصة لزيادة غلتنا من قتلى وأسرى العدو، وجاهزون لتلقينه دروسا”.
ورغم شدة القصف على القطاع، تواصل حركة حماس التي تسيطر عليه وغيرها من الفصائل الفلسطينية إطلاق الصواريخ في اتجاه المدن والبلدات الإسرائيلية، مساهمة أيضا في المشهد الضوئي المرعب ليلا وسط أصوات القصف العنيف.
– لا نوم –
ويقول نجيب إنه يخشى الذهاب إلى دورة المياه “أخاف أن يقصفوا وأموت داخل الحمام. أكره حلول الليل، صوت الانفجارات قوي جدا ومجنون، لا أنام سوى ساعتين يوميا، نسينا عيد الفطر من الخوف”.
وبدأ عيد الفطر الخميس في الأراضي الفلسطينية وعدد كبير من الدول الإسلامية.
ويصف أحمد فطوم (16 عاما) العيد ب”الحزين”. ويقول “لبست ملابس العيد من الصباح الباكر، لكن لم أخرج مع أبي وأعمامي لزيارة الأقارب مثل كل عيد”.
وبشيء من السخرية، يقول الفتى الذي يسكن في منطقة تل الهوى غرب غزة التي شهدت عشرات الغارات الجوية، “لا أعرف لماذا يسمونه تصعيدا، هذه حرب حقيقية”.
ويتابع “لا ذنب لنا فيها، إسرائيل تدمّر كل شيء: البيوت والأبراج… قصفوا بستانا مزروعا بأشجار التين والعنب مقابل المنزل. اهتز البيت. إنه زلزال …زلزال ضخم”.
وتقول جدته أم جلال فطوم (73 عاما) “لم أر أعنف من هذا القصف. نتانياهو مجرم”، متهمة إياه ب”التعمّد بقتل الأطفال وهدم بيوتنا”.
وتضيف “عليه أن يرحل، نريد أن نعيش بسلام”.
وارتفع عدد القتلى نتيجة الضربات الإسرائيلية على القطاع الى أكثر من 120، بينهم 31 طفلا.
وتقول ديما طلال (17 عاما) بدورها “لم أنم خلال الأيام الأربعة الماضية إلا أربع ساعات، لأن الخوف يعتصرني”.
في بيت حانون في شمال القطاع في غزة المكتظ والمحاصر من إسرائيل، يروي جسار فياض كيف دمر منزله.
كان ذلك مساء الخميس. ويقول “سمعنا اصوات انفجارات (…) ضربوا عشر مرات تقريبا من دون إنذار”. ويتابع “انقطع التيار الكهربائي، ولم يعد بإمكاننا رؤية بعضنا. وركضنا الى المستشفى. فقد والدي ساقيه، وخسرت عمتي عينا، وأصيب اثنان آخران من أقربائي إصابات بالغة”.
وتقول مصادر حكومية أن هناك دمارا كليا أو جزئيا في نحو ستين منزلا في بيت لاهيا والقرية البدوية في شمال القطاع نتيجة القصف الجوي والمدفعي.
ويقول سواح أبو سيف (53 عاما)، وهو مصور تلفزيون” آي أر دي” الألماني يسكن في منطقة السودانية المجاورة للقرية البدوية، “ما حدث زلزال. أصيب منزلي بدمار جزئي، واضطررت لنقل عائلتي المكونة من ستة أفراد إلى بيت صديق في منطقة قريبة آمل أن تكون أكثر أمانا”.
بين وقت وآخر، تنطلق من القطاع رشقات صاروخية في اتجاه المدن الإسرائيلية.
ويقول طلال أبومرعي (30 عاما) “عندما نسمع صوت صاروخ، نستطيع أن نميز هل هو موجه لضرب تل أبيب أو مدن قريبة” من القطاع، مضيفا “عندما تضرب إسرائيل نستطيع التمييز إذا كان القصف هدفه الاغتيال أو تدمير منزل. باتت لدينا خبرة بصنوف أصوات الانفجارات”.
وخاض القطاع ثلاث حروب مع إسرائيل منذ 2007، تاريخ سيطرة حركة حماس عليه