خطر دمج الحركات داخل الجيش
تداولت الأخبار شروع الجيش في بدء الترتيبات الأمنية لدمج جنود الحركات المسلحة داخل الجيش هذا الخبر الذي يبدو عاديا و ربما يثير طمأنينة الكثيرين يحمل في طياته مقدمة لخطر كبير و خراب أعظم لم يشهد السودان له مثيل , كيف ؟؟؟
⬛️ ما لا تعلمه عن بند الترتيبات الأمنية في اتفاق سلام جوبا , انه يمنح الحركات المسلحة حق تعيين قيادات تنفيذية و قيادية تصل لوزراء دولة بوزارة الداخلية و الدفاع و المخابرات , وهيئة الأركان أيضا وظل الجيش يماطل في هذه الترتيبات تحت عدة ذرائع من أهمها خرق الحركات المسلحة للإتفاق الذي ينص على عدم تحرك منسوبيها بأي سلاح أو زي عسكري داخل المدن قبل اكتمال كافة الترتيبات ودمجهم في القوات المسلحة , لأن الإتفاق ينص على ذهاب الأسلحة للمخازن و دمج الجنود أو تسريحهم , بل ان الفريق خالد عابدين الشامي رئيس لجنة الترتيبات رمى باللائمة على الحكومة لعدم توفيرها ما يقرب من ال200 مليون دولار لتنفيذ الدمج, لكن ما الخطورة في ذلك , و لماذا الإعلان عن الترتيبات الأمنية الأن ؟
- في يوليو الماضي ومع اقتراب مواعيد تسليم السلطة للمدنيين , أدرك العسكر بأن تسليم السلطة يعني تسليم رقابهم للمحاسبة , فلجأوا إلى تحريك اتفاق سلام جوبا الملئ بالثغرات و المطبات التي وُضِعت عمدا من قبل العسكر , فاستمال المجلس العسكري كل الحركات المسلحة إلى جانبه مع وعد منه بتنفيذ كافة الترتيبات الأمنية و المناصب البراقة حال تحالفهم معه و إبقائه في السلطة تجنبا للمحاسبة , لم تُصدق الحركات المسلحة هذا العرض فأقبلت عليه و أصبحت حاضنة سياسية سرية للعسكر, وبدأت حركة العدل و المساواة و حركة تحرير السودان جناح مناوي في بيع الرتب و تجنيد الألاف من الدول المجاورة مثل تشاد و أفريقيا الوسطى و النيجر , لضمّهم إلى قواتها و جعل الثقل الأكبر لها في الدمج , هذا الأمر كشفه عضو مجلس السيادة دكتور الهادي إدريس رئيس الجبهة الثورية في تصريح على سكاي نيوز في مايو الماضي , و رغم التحذيرات المتصاعدة من هذا الخطر الكبير لاذ البرهان وقادة الجيش بالصمت و كأنما الأمر لايعنيهم , بل و ساهمت الاستخبارت العسكرية في تفريخ حركات مسلحة جديدة من صنعها و صنع الجنجويد لتشملها في عمليات الدمج لتوسيع المشاركة و ضمان عدم افلات الأمور من أيدي العسكر.
⚫️و بعد اشهر على انقلاب 25 اكتوبر الذي قام به البرهان و الجنجويد بمعاونة الحركات المسلحة فقدت البلاد أكثر من 1.6 مليار دولار كانت احتياطي بنك السودان و أصاب الشلل معظم مفاصل الدولة و عادت الأزمة الإقتصادية للتكشير بأنيابها , مما حدا بالكثيرين لتفسير إقدام الجيش على بدء الترتيبات الأمنية في هذا التوقيت إنما ينمَّ عن ضغوطات تمارسها الحركات عليه مقابل وقوفها معه و لضمان استمرار البرهان وحميدتي على رئاسة المجلس الانقلابي , خاصة و أن الحركات هددت بحرب أهلية شاملة تبدأ من العاصمة الخرطوم حال نقض اتفاق السلام او عدم الإيفاء بأحد بنوده , بل يرى بعض قادة الجيش المتقاعدين الذين استشرناهم أن البرهان قايض أمن و سلامة السودان ككل بسلامته هو ومن معه من العسكر , وما فعله يُعد خيانة عُظمى و تفكيك للجيش و تغيير هويته و وطنيته , مما يعني انهيار الدولة ككل , فلا أحد يرغب في رؤية وزراء دولة بالداخلية و الدفاع او بقيادة اركان الجيش لنكتشف لاحقا أنهم ليسوا سودانيين , حسب مخاوف قادة الجبهة الثورية و المراقبين .
ويكشف عن عدم صدق مزاعم الجيش حول عدم توفر الميزانية لبدء الترتيبات الأمنية في العام الماضي , مما يعني ان حالة السيولة الأمنية و التفلتات الإجرامية التي تحدث , هي أمر مخطط له بعناية من قبل العسكر بعد فشل ايجاد حاضنة سياسية لهم تقيهم شر المحاسبة حال أن حققت الثورة أهدافها , و يعني تمادي البرهان في التحالف حتى مع الشيطان من أجل ضمان عدم المحاسبة , و لكن المقلق و الأخطر أن الحركات المسلحة نفسها لن تقبل بحصول أحدها بحصة اكبر من الأخر , و لأن الأمر أصبح لعبة كراسي وحصص سلطوية في إن الإنفجار سيأتي من داخل الحركات التي تسيطر على مفاصل الدولة فعليا أمام عجز البرهان الذي يدعي بأنه وصي على السودان و أمنه, وتكشف الأحداث زيف هذا الأمر وكذبه , و أن رغبتها في السلطة اصبحت لا تقل عن مطامع الجنجويد , وأن هنالك سباق محموم نحو السلطة و مراكز القوى أمام ضعف قيادة البرهان للجيش و إلمام الحركات بنقطة ضعفه هو وحميدتي ….
وهذا يضع الشارع في مواجهة كل هذه المكونات الإنقلابية , و إتفاقها الملغوم , فهل تعي الأحزاب الخطر المشترك و تبتعد عن أي صفقات جديدة تشمل العسكر في السلطة, ام ستعي الدرس الذي وعت به لجان المقاومة..؟
مجاهد بشري