الهدف من التدخل الغربي الهيمنة على الموارد والقرارات السيادية
تحاول القوة الغربية، ومنذ الحملة النابليونية على
مصر عام ١٧٩٨ ،أن تعيد صياغة وتشكيل المنطقتين
العربيــة والإفريقيــة؛ بما يخــدم أهدافهــا ومصالحها
الاســتعمارية. والمتأمل في أدبيات السياســة الغربية
ًــا يلاحظ أنها تتســتر تجــاه العالم غيــر الغربي عموما وراء دعاوى إنسانية وأخلاقية، تهدف في حقيقة دوم أمرهــا إلــى الســيطرة والنهب. وقد أظهــرت أحداث١١ ســبتمبر، وتداعياتهــا تلــك النزعــة المتأصلة في الوجدان الغربي.
تعد محاولات الغرب لإعادة صياغة وتشكيل المنطقتين العربية والإفريقية، بما يخدم أهدافه ومصالحه الاستعمارية، نزعة متأصلة في الوجدان الغربي، والحالة السودانية، وما تطرحه من تنافس دولي واضح، تمثل صورة مصغرة للمشهد الإفريقي العام في عصر الهيمنة الأمريكية. إلى الأزمة الهيكلية التي يعانيها م الدوافع الحقيقية لحروب السودان المعاصرة، والتي أدمن المهم تفه السودان منذ الاستقلال؛ متخذة شكل حروب مدمرة في مناطق شاسعة في الجنوب والغرب والشرق.
وجاء فشل مشروع الدولة الوطنية بعد الاستقلال، وعدم قدرته على تحقيق الاندماج القومي، وكذلك العوامل
ً الاقتصادية، وتقسيم الثروة والموارد في البلاد، فضلا عن دور المتغير الخارجي في دعم أطراف الصراع،
ُ ِّشك ُّ ل كلها المتغيرات الأهم في دوافع حالة الحرب في السودان. والتدخل في تفاعلاته المختلفة، اهتمام
َ وتتباين مواقف الدول الإقليمية والدولية من القضايا السودانية على حسب أهدافها واستراتيجيتها، فثم
ُ بتلك القضايا من مؤسسات العمل الإفريقي المشترك، ودول الجوار، والدول الأوروبية التي ت ّعد الشريك
التجاري الأول للسودان، والدور الصيني الذي يحاول التخفيف من غلواء الضغوط الغربية على السودان؛
ً حفاظا على مصالحه بالسودان، إضافة للدور الأمريكي البارز، والمنطلق مما تمثله المنطقة من أهمية خاصة
ً في الاستراتيجية الأمريكية في الحرب على «الإرهاب»، فضلا عن ثروات المنطقة المتعددة.
وعكست قرارات مجلس الأمن الرؤية الأمريكية البريطانية، والتي تسعى لتفتيت السودان باسم «الشرعية
الدولية»، فهي تعمل على إعادة هندسة المنطقة من الناحية الجيوبوليتيكية؛ بما يحقق لها أهدافها ومصالحها
التوسعية، والقضاء على الحركات الإسلامية في المنطقة.
ويبدو أن مستقبل التناحر والحروب السودانية لا يخرج عن واحد من سيناريوهات ثلاثة: فإما التركيب
ً القائم على معايير الانتماء الجغرافي بعيدا عن الهوية الدينية، وإما تفكيك وتقسيم السودان إلى مجموعة من
ً الكيانات ذات ارتباطات إقليمية مختلفة، وإما إعادة الفك والتركيب معا.
إن الدعوة إلى التمسك بالذات الحضارية للأمة العربية بتراثها الثقافي والإسلامي تمثل المدخل الصحيح
لهذه المواجهة التي يقودها الغرب تحت ذرائع ومسميات شتى، تستبطن في جوهرها العداء الدفين للعرب
والمسلمين. يعني ذلك أن يكون حديث النهضة هو شاغل الأمة.