مقالات الرأي
قحت تعتذر ، بعد ما الطير أكل العيش!..
- ألا ترون أن السودان منهكٌ اليومَ ويتآكلُ. ليس ببطءٍ، بل بتسارع مخيف؟! ألا ترون أنه يتزعزع زعزعة ينفذها السودانيون أنفسهم؟.. هل أسباب ما يجري في السودان بيد السودانيين كما قد يتراءى للبعض منا أم أن هناك أيدي خفية درست نفسياتنا وحياتنا الاجتماعية بدقة، فعكفت تستغل بعض ما فينا من ضعف بشري (خاص) بنا، فتؤجج ما بيننا من ضغائن وكأنها تسعى لإطفاء الحريق بمبادرات غير قابلة للحياة؟
- ثم أمعنوا النظر في الصراع الجاري بين قحت ولجان المقاومة، من جهة، وبين قحت والتحالف الجديد، من أخرى؛ يحدث هذا، بينما الثلاثة كيانات تصارع الانقلابيين، وكل كيان يحاربهم بمفرده..
- إن صراع الانقلابيين لا يهم، والمهم هو صراع قوى الثورة في ما بينها، خاصة صراع قحت مع الآخرين.. وقحت هي المسئول الأول عن ما يحدث من انشقاقات في جسم قوى الثورة، منذ أخذتها العزة بالأثم بعيداً عن حكمة إصلاح الضرر الذي الحقته بنفسها في فترة سلطانها.. ولم تعتذر في الوقت المناسب عن خطاياها، ففقدت الشارع السوداني الذي تجاهد لاستعادته.. وكان حرياً بها أن تقدم إعتذارها باكراً وليس مؤخراً..
- في اعتقاد كثيرين أن اعتذار قحت المؤخر إعتذار لا يمكن أن ادخاله في تركيبة (أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي)، إنما مدخله الأنسب تركيبة (بعد ما الطير أكل العيش؟!)،
- فبعد انقلاب البرهان على قحت، طالبتها بعض الكيانات المدنية والسياسية بالاعتذار عن خطاياها لقوى الثورة، غير أنها لم تفعل، وانتظرت طوال 9 أشهر، خاضت خلالها صراعات عبثية مع هذا وذاك، وقامت بمحاولات ، يُشَّك في أنها محاولات تسوية مع العسكر، ويُعتقد أنها بعد أن (دقَّت القيف) تقدمت باعتذارها الذي لم يجد صدى كانت ترتجيه .. ثم دعت قحت قوى الثورة للمشاركة في موكبٍ لتأكيد قيادتها هي للثورة، ولم تجد غضاضة في دعوة لجان المقاومة، القائدة الفعلية للثورة، لمشاركتها في موكب تأكيد الملكية ذاك، ما أحدث شرخاً في جسم لجان المقاومة .. بعد تباين مواقف اللجان حول الاستجابة أو عدم الاستجابة للدعوة..
- وضربت تنسيقية لجان الديوم قحت ضربةً موجعة بقولها:- “كل من يريد المشاركة في فعاليات الثورة فأهلاً به ثائراً، لا قائداً..” وبذلك حسمت امر تفكير قحت في قيادة الشارع! .
- ترى لجان المقاومة عدم ثبات مواقف قحت وسعيها الملتوي نحو التسوية مع العسكر، علاوة على مغازلة بعض أعضائها لميليشيا الجنجويد، وكانت آخر مغازلة اعتبار أن في خطاب حميدتي الأخير إيجابيات تتماشى مع رؤية قحت! .
- أما الذي استجد في الشارع السياسي بتكوين (تحالف التغيير الجذري)، فهو تأجيج للمزيد من التنافر بين قوى الثورة .. ما يؤكد أن اعتذار قحت أتى (بعد ما الطير أكل العيش)، وكان من الممكن لو أنه أتى باكراً أن يجعل التقارب بين الكيانات (فركة كعب)! .
- ومع كل هذا وذاك من سلبيات وخلافات، إلا أن ما هو إيجابي في الموضوع كله يكمن في اتفاق الجميع على وجوب سقوط الانقلاب وسقوط سدنته، ووجوب قيام دولة مدنية و”العسكر للثكنات والأحزاب للإنتخابات ”..
- لكن، لا يمكن لأي كيان من الكياتات المتصارعة أن يصل إلى الهدف منفرداً، مهما كانت عدديته الجماهيرية وأسلوبه في التعاطي مع الأزمات المفاجئة .. وسوف تستمر صراعات هذه الكيانات إلى أمد طويل يحدث فراغاً يملأه خصومهم الانقلابيون بشكل أو بآخر..
- وأعتقد أن على الكيانات المتصارعة أن تضع عِصِيِّ الخصومة جانباً قبل فوات الأوان بحيث ينآى (تحالف التغيير الجذري) عن الفجور في خصومته مع مركزية قحت .. وأن تنآى قحت عن الاعتقاد في ملكيتها للشارع تمسكاً بما كان، ولم يعُد كائناً .. وأن تعرض لجان المقاومة عن التشبث بملكية الشارع ملكية خاصة .. وإلا لحقت الثورة المجيدة (أمات طه)! .
- أتمنى ألا يحدث ذلك..! .
- عثمان