مبادرة نداء اهل السودان للوفاق الوطني.. ورفض قحت لها
أفهم أن يرفض علماني كامل العلمانية مشاركة رجالات الطرق الصوفية في الشأن العام وفي مبادرات السياسة بشرط أن يلتزم برفضه هذا على طول الخط وأن يتسق مع مبدأ الرفض هذا أبداً ..
أقول (أفهم) ولا أقول (أوافق) فأنا لا أوافقه بالطبع في هذا الذي يرفضه حتى لو كان مبدئياً في رفضه متسقاً مع نفسه.
لكن اتساقه ومبدئية رفضه تجعلنا نتفهَّمه ونُفسِّر ما أتى منه وما سيأتي على وجه صحيح.
أما العلمانية التي هي حسب الطلب .. والتي تُخلع حيناً وتُرتدى حيناً .. ويُواجه بها فريقاً من الناس وتُدارى عن آخرين .. فهي شيء غير مفهوم تنتهي بصاحبها إلى الانتهازية ولا شيء غير الانتهازية.
وهذه الانتهازية لتنجح تحتاج أن تعيش في مجتمع له ذاكرة أسماك وأحلام عصافير..
الذين ذهبوا يرفضون حضور (الخليفة الطيب الجد) في (الشأن العام) ويرون حصر دوره في (المسيد) تنظر إليهم فتجد غالبهم يوالون الحرية والتغيير … في ظني هؤلاء في حاجة إلى تذكيرهم بهذه المواقف بعد سقوط نظام البشير :
وفد من الحرية والتغيير بقيادة المهندس صديق يوسف القيادي بالحزب الشيوعي حلوا ضيوفاً على الشيخ محمد حسن الفاتح في (مسيد) الشيخ قريب الله بودنوباوي في حضور قيادات من المجمع الصوفي العام وتناول اللقاء (الشأن العام).
د. حمدوك رئيس الوزراء ووزيره الأول المهندس خالد سلك وبعض قيادات الحرية والتغيير زاروا (مسيد) الشيخ الياقوت واستقبلهم شيخنا الياقوت حفظه الله بأبنائه ومريديه وخالد سلك في تلك الزيارة ظهر في شكل المريد بجلباب وطاقية بلا عمامة والطاقية خضراء اللون ورمزية اللون الأخضر هنا بالطبع مقصودة _ وتناولت الزيارة بالضرورة (الشأن العام).
ثم د. حمدوك نفسه ووزيره الأول خالد سلك ووفد مرافق لهما من مجلس الوزراء ومن الحاضنة السياسية ذهبوا وأدوا صلاة عيد في مسجد السادة الأدارسة بالموردة في أم درمان وبعد الصلاة اجتمعوا بالسيد عبد الوهاب التازي مرشد الطريقة الإدريسية وتناول الاجتماع بالطبع (الشأن العام).
الأستاذ محمد الفكي عضو مجلس السيادة كان على المنصة الرئيسية لإعلان مبادرة الشيخ الياقوت في قاعة الصداقة وتكلم في الحفل هو وآخرون من الحرية والتغيير أعلن وأعلنوا دعمهم لمبادرة الشيخ الياقوت والمبادرة بالطبع كانت في (الشأن العام) لا في شأن المسيد.
أما قبل سقوط نظام البشير فمسيد الشيخ عبد الله أزرق طيبة رحمه الله كانت أحزاب الحرية والتغيير قبل أن يصبح هذا اسمها لا تتحرَّج أبداً من الاجتماع فيه مع الشيخ وإصدار الإعلانات السياسية منه ومذكرات التفاهم.
للناس أن يرفضوا مبادرة الخليفة الطيب الجد أو يقبلوها هذا اختيارهم … لكن على الناس أن ينتبهوا في إعلانهم لرفضهم أو قبولهم أن يكون كلامهم متسقاً مع مواقفهم من قبل وتحركاتهم واتصالاتهم ففي الناس مَنْ يذكرها ويذكرهم ويعرفها ويعرفهم .. وشيء من الاتساقِ أكرم لنا ولهؤلاء ولهم.
د. الحبر