السفير الأميركي الجديد في الخرطوم يدعم التحول الديمقراطي بقيادة مدنية
استهل السفير الأميركي في السودان عمله بلقاءات أثارت جدلاً بين الفرقاء السودانيين، وعدّها كل فريق تصب في مصلحته، إذ رأت المعارضة في لقاءاته مع أسر الضحايا ولجان المقاومة (التي تقود الحراك في الشارع)، ومن ثم تحالف المعارضة الرئيس «الحرية والتغيير»، دعماً لها، بينما اعتبر مؤيدو العسكريين أن مجرد تقديم السفير أوراق اعتماده إلى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، يشكل اعترافاً بحكومة الأمر الواقع، وربما دعماً أميركياً يفتح باباً خلفياً للتعامل بين المجموعة الحاكمة والإدارة الأميركية.
وقال المتحدث باسم تحالف «الحرية والتغيير – المجلس المركزي»، وجدي صالح، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن لجنة الاتصال السياسي التابعة لتحالف المعارضة التقت السفير الأميركي جون غودفري، بدعوة منه، بعد تقديمه أوراق اعتماده مباشرة، وإن الرجل أبلغ التحالف بأن سياسة حكومة بلاده «ثابتة» في دعمها للتحول الديمقراطي بقيادة مدنية ذات مصداقية معبرة عن قوى التحول الديمقراطي.
وأوضح صالح، أن الوفد عدَّ الدعوة «خطوة مهمة» في سبيل تطوير علاقات البلدين، وأنه أكد خلال اللقاء على رؤية «الحرية والتغيير»، التي تتمثل في أن جوهر الأزمة الحالية «هو انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن لا مخرج إلا بإنهائه، وتأسيس سلطة مدنية كاملة تقود التحول الديمقراطي، بما يضمن استقرار وسلام السودان، وينعكس إيجاباً على محيطيه الإقليمي والدولي».
وقدم السفير غودفري أوراق اعتماده الخميس الماضي لرئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وهو ما عده مؤيدوه «اعترافاً» أميركياً بحكومة الأمر الواقع، وبالإجراءات التي اتخذها البرهان، والتي حل بموجبها حكومة رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، مستندين في ذلك إلى الخلفية التاريخية لتجنب الدبلوماسيين الغربيين بشكل عام، والأميركيين بوجه خاص، تقديم أوراق اعتمادهم للرئيس السابق عمر البشير، كما اعتبروا توقيت وصوله للخرطوم دعماً للحكومة العسكرية.
لكن غودفري، وقبل وصوله إلى الخرطوم، أطلق تغريدة على حساب السفارة في «فيسبوك»، حدد فيها سياساته تجاه الخرطوم، وقال إنه التقى «أعضاء بارزين من الشتات السوداني والناشطين المقيمين في الولايات المتحدة»، وأكد لهم وقوف واشنطن مع تشكيل حكومة جديدة بقيادة مدنية، ودعم جهود الشعب السوداني للمضي قدماً في انتقاله الديمقراطي.
وعزز السفير غودفري، موقف بلاده المعلن لدى لقائه وزير الخارجية المكلف علي الصادق، الأسبوع الماضي، وأكد أنه يهدف إلى تعميق العلاقات بين الولايات المتحدة والشعب السوداني، وتشكيل حكومة بقيادة مدنية، والمضي قدماً في انتقال السودان إلى الديمقراطية، باعتبارها خطوة رئيسية لإطلاق المزيد من المساعدات الإنمائية الأميركية والدولية للبلاد.
ولم يشر غودفري، وفقاً لنشرات السفارة الأميركية المتتالية، إلى اسم رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، أو الحكومة السودانية، وتمسك بعبارة «شعب السودان» في كل مخاطباته. وقال وفقاً لتغريدة على موقع السفارة، عقب تقديم أوراق اعتماده مباشرة، «قدمت اليوم – الخميس – أوراق الاعتماد الدبلوماسية، وأتطلع إلى تعزيز علاقة الولايات المتحدة مع الشعب السوداني، ودعم رغبتهم في دفع عجلة التحول الديمقراطي تحت قيادة مدنية».
واستهل السفير الأميركي نشاطه الرسمي في السودان بلقاء مع «أسر الشهداء»، وقال: «تشرفت هذا المساء بلقاء أمهات أربعة شهداء فقدوا حياتهم بشكل مأساوي أثناء تظاهرهم دعماً للحرية والديمقراطية في السودان». وتابع: «لقد تأثرت برسالتهم التي كان مفادها أن أرواح أحبائهم لا يمكن أن تضيع سدى، وأن السودان يجب أن يستأنف التحول الديمقراطي تحت قيادة مدنية».
ثم التقى غودفري وفداً من لجان المقاومة السودانية التي تقود الاحتجاجات. وذكر موقع السفارة على «فيسبوك»، أنه استمع إلى أعضاء لجان المقاومة من جميع أنحاء السودان، و«تحدث المنظمون الشجعان لهذه الحركة الشعبية بقيادة الشباب، عن التحديات التي يواجهونها والتزامهم باستعادة الطريق إلى الديمقراطية»، وأن السفير أكد لهم دعم بلاده لإصرارهم على حكومة جديدة بقيادة مدنية وسعيهم لتحقيق الحرية والسلام والعدالة.
وصول غودفري إلى البلاد حرك الركود الذي لازم المبادرة الأميركية السعودية للحوار بين العسكريين والمدنيين، إذ عقد اجتماعاً مع السفير السعودي على بن حسن جعفر، شارك فيه للمرة الأولى السفير البريطاني. وعلى الرغم من أن موقع السفارة الأميركية لم يشر إلى لقاء غودفري بـ«تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، لكن التحالف نشر بياناً صحافياً عن اللقاء، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» المتحدث باسم التحالف.
ومنذ وطأت قدماه أرض السودان، حرص السفير غودفري على تأكيد رؤية الولايات المتحدة الأميركية للعلاقة مع السودان، التي تنص على تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية، وتحت قيادة المدنيين، ودعم رغبة الشعب السوداني في الديمقراطية، ورهن المساعدات بإنهاء الانقلاب، وإن تقديم أوراقه للبرهان لا يعني الاعتراف به، على عكس ما حاول تفسيره الموالون للقيادة العسكرية.