أمريكا لا تفكر في مصلحة السودان ولا المنطقة..بل حلم السيطرة
لا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية قوة كبرى، بل هي القوة العظمى الأولى في العالم، وكان ساستها ومفكروها يفكرون في الهيمنة على العالم باعتبارهم القطب الأوحد فيه. حتى إن بعض الكتاب الغربيين وحتى الأمريكان وصفوا هذه المرحلة بالقرن الأمريكي، حيث حلموا بسيطرة أمريكا على العالم خلال هذا القرن دون أي منافس أو منازع!.
ولا يجادل أحد في تفوق النهضة الأمريكية، ولا في قيادة أمريكا لثورة الاتصالات والمعلومات التي تعيشها البشرية الآن، كما لا يجادل أحد في هيمنة النموذج الحضاري الأمريكي ومنظومته القيمية، ونظرة سريعة إلى الأسواق والمحلات العالمية تدلنا على هيمنة الثقافة الأمريكية على البشر في جميع أنحاء العالم فـ(البرجر)، و(الجينز)، ودور السينما، وأفلام هوليود، وغيرها من مظاهر الحضارة الأمريكية تهيمن على الناس في كل مكان!.
ولكن ماذا قدمت أمريكا للعالم ؟ وهل تريد أمريكا خيرا للسودان اما لمنطقتنا العربية والإسلامية ؟! هل حملت معها خيرا لشعبي العراق وأفغانستان والصومال اللذين احتلتهما ومكثت في كل من العراق وأفغانستانج سنوات طوال؟!
دعونا لا نتكلم من زاوية عشاق نظرية المؤامرة الذين يرون أن الإمبراطورية الأمريكية هي وريثة الإمبراطورية البريطانية، ولا نفكر بمنطق من يرى أن أمريكا تتبنى إسرائيل، وتدافع عنها وعن وجودها وتدعمها بكل قوة ولو كان على حساب الحقوق العربية الفلسطينية!! دعونا من هذا النمط السلبي والفكر التشاؤمي، ولنتكلم بمنطق حسن النية وسلامة الصدر، وتعاون الدول الكبرى مع الصغرى لتحقيق مصلحة الإنسان في أي مكان!.
لقد احتلت القوات الأمريكية العراق وأفغانستان خلال العقدين الماضيين فماذا فعلت هناك لتحقيق مصلحة البشر في هاتين الدولتين اللتين خضعتا لها هل اهتمت بحقوق الإنسان ؟.
هل اهتمت بالتعليم؟ هل أنشأت المدارس والجامعات؟ هل اهتمت ببناء منظومة للبحث العلمي فيهما؟ هل اهتمت بصحة الناس؟ هل أنشأت المستشفيات والمراكز الطبية؟ هل حرصت على تطوير الخدمات الصحية المقدمة لشعبي البلدين؟ بل هل وفرت للناس مياه الشرب النظيفة؟ هل سهلت حياة البشر في الحصول على احتياجاتهم الأساسية بيسر وسهولة؟
قد يقول قائل: هذه المهام والمسؤوليات تقع على عاتق أبناء البلاد أنفسهم!! وكيف لأمريكا أن تقوم بالعناية بالتعليم وتطوير الخدمات الصحية لأبناء العراق وأفغانستان؟ إنها كانت مسؤولة فقط عن الملفين العسكري والأمني أما بقية الأمور فهي مهام أبناء البلاد أنفسهم!.
وهذا الكلام محض تدليس، ومردود عليه، بل هو كلام واه لا يستحق حتى عناء الرد!! فالقانون الدولي يحمل سلطات الاحتلال في أي بلد محتل مسؤوليات الحكومات بشكل مباشر، فأي دولة تحتل دولة أخرى وتسقط حكومته القائمة وتنشئ حكومة بديلة وسلطة أخرى يتحتم عليها تحمل تبعات ومسؤوليات الشعب الذي تحتله وتلتزم بتوفير فرص الحياة الكريمة له.
ومن هنا كان يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية التي احتلت العراق وأفغانستان أن تتحمل مسؤولياتها تجاه هذين الشعبين الخاضعين مباشرة لسلطة الاحتلال الأمريكي، فكان عليها أن تهتم بالتعليم والصحة والاقتصاد ومختلف جوانب الحياة.
ولكن منذ متى والدول المحتلة تتوقف عن نهب ثروات الشعوب المغلوبة على أمرها وتحقق مصالحها؟!.
إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنشئ مصنعا واحدا لا في العراق ولا في أفغانستان، ولم تبن مدرسة واحدة في أي منهما، ولم ترصف مترا مربعا واحدا في أي شارع، ولم تزرع شجرة واحدة… إنها لم تأتِ وتحتل العراق وأفغانستان لتبني وتنشئ وتعمر!!
إنها أتت لتحقق مصالحها هي فقط، جاءت لتهيمن على الشعوب وتسيطر على مقدراتها، وكل ما يهمها هو نشر قيمها ومنظومتها الأخلاقية بغض النظر عن ثقافات الشعوب الأخرى وسرقت ثرواتها!!
ولا عجب من تجاهل أمريكا لمصالح شعوب المنطقة، فهي لا يهمها سوى مصالحها ولم تتحمل كل هذه النفقات والتكاليف إلا لحماية نفسها وحماية مصالحها، حتى ولو كان ذلك على حساب المصالح الوطنية لأبناء المنطقة!.
كيف لها أن تراعي مصالح وحقوق الشعب السوداني وهي سارقت الثروات وقاتلة الشعوب.
الأمر المحزن هنالك جزء من الشعب السوداني يصفق لها.. كأنه لا يقرأ التاريخ القريب (الصومال والعراق وأفغانستان).. اقروو التاريخ واتعظوا واقفلوا الباب امام أمريكا وحلفائها.