أمل مشوب بالحذر لدى القطريين بعد المصالحة الخليجية
يعبر قطريون بعد المصالحة التي أعلنت أمس بين بلادهم وأربع دول عربية، عن أمل مشوب بالحذر متمنين عودة الأمور إلى سابق عهدها ولمّ شمل العائلات، فيما يفضل البعض توخي الحذر خوفا من خيبة أمل جديدة.
ويقول فهد الذي يعمل في مجال النفط والغاز “كل الناس الذين أتحدث معهم سعيدون، أعتقد أن الناس نسوا شعورهم (في حزيران/يونيو 2017)”، عندما أعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر بشكل مفاجىء قطع علاقاتها مع قطر.
ويضيف “هذه أخبار جيدة. الناس هنا ليسوا غارقين في التفاصيل السياسية. هم سعيدون لأنهم يستطيعون رؤية عائلاتهم وسيتمكنون من السفر”.
واتهمت الدول الأربع قطر بالتقرب من إيران ودعم مجموعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته الدوحة. واتّخذت إجراءات لمقاطعة قطر، بينها إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القطرية، ومنع التعاملات التجارية مع الإمارة ووقف دخول القطريين أراضيها، ما تسبب بفصل أفراد عائلات من جنسيات مختلطة عن بعضهم.
وأثارت المصالحة التي حصلت الثلاثاء خلال قمة لمجلس التعاون الخليجي عقدت في العلا في شمال غرب السعودية، آمالا بتدشين عهد جديد، ولو ان البعض في قطر لا يزالون يشعرون بشيء من عدم الثقة و ب أمل مشوب بالحذر، فيتعاطون مع الحدث بحذر.
واضطر عدد كبير من القطريين الى ترك عائلاتهم في البحرين والإمارات والمغادرة إلى الدوحة بعد قطع العلاقات. وتسبب ذلك أيضا بخلافات داخل العائلات المختلطة.
وبموجب أرقام صادرة عن السلطات القطرية، تأثر أكثر من 3600 زواج مسجل بين قطريين وإماراتيين بسبب الإجراءات التي اتخذتها الدول المقاطعة عند إغلاق حدودها والمجال الجوي أمام القطريين.
ويقول القطري راشد المولود من أم إماراتية إنه في الأيام الأولى بعد قطع العلاقات، “كنا غاضبين للغاية من بعضنا لدرجة أننا توقفنا عن الحديث معا لفترة”، مشيرا الى أن الأمر يتعلق “بحب الوطن”.
وبحسب راشد، “حدث الأمر ذاته مع أقاربي في السعودية”.
خلافات وانقسامات
ويقول موظف سابق في الخطوط الجوية القطرية كان في الدوحة عند بدء الأزمة، إن العديد من الزيجات فشلت بسبب القيود المفروضة.
ويوضح أن “هناك العديد من الأشخاص الذين خسروا أزواجهم أو زوجاتهم بسبب هذا الحصار الغبي، الكثير من قطر المتزوجين من السعودية والإمارات…”.
وتمكنت بعض العائلات من اللقاء خارج الدول المعنية بالأزمة.
وواجه المسلمون في قطر صعوبات في أداء فريضة الحج والعمرة في مكة المكرمة في السعودية.
وتبادلت قطر والسعودية الاتهامات حول “عرقلة” الحجاج القادمين من قطر، ولم تذهب سوى أعداد قليلة إلى السعودية خلال سنوات الأزمة.
ويقول عبد الرحمن راشد الكواري، وهو طالب جامعي يدرس إدارة الاعمال، إن “أداء الحج أمر ضروري. ولم أؤديه طوال الفترة الماضية لأن الحدود كانت مغلقة. وحتى العملة (القطرية) لم يكن مسموح التعامل بها، كان الأمر صعبا ومتعبا جدا”.
ويؤكد الشاب بعد أداء صلاة العصر في مسجد في العاصمة القطرية “بعد الاتفاق وفتح الحدود لا يوجد خوف وصارت الأمور طيبة، خصوصا مع السعودية، ولا نحتاج أي شيء آخر. وسوف نذهب لزيارة الأماكن المقدسة خاصة فريضة الحج فهي أمر ضروري بالنسبة لنا”.
كما تركت الأزمة أثرا اقتصاديا في كل المنطقة خصوصا مع انخفاض أسعار النفط وتأثيرات فيروس كورونا المستجد.
وخلال سنوات الأزمة، لم يتمكن السعوديون من زيارة الدوحة لتمضية عطل نهاية الأسبوع، كما كانوا يفعلون سابقا، بينما كان المقيمون في قطر من الأجانب غير قادرين على الذهاب إلى دبي دون المرور عبر سلطنة عمان، ما يجعل الرحلة تستغرق وقتا أطول.
ويرى فهد أن القطريين سيتوخون الحذر في ما يتعلق بالسفر إلى الإمارات فهناك الان أمل مشوب بالحذر .
ويتابع “سيسافر الأجانب بالتأكيد إلى دبي عندما تسنح أمامهم الفرصة. ولكن الكثير من القطريين لن يكونوا متحمسين للذهاب إلى الإمارات لأنهم يعتقدون أنها غير آمنة”.
وأضاف “سيستغرق الأمر المزيد من الوقت. ولكن بالتأكيد سيذهب الناس إلى السعودية، فالأمر ليس مخيفا بالنسبة لهم”.
وسيتمثل الاختبار الحقيقي الشهر المقبل بعدد المشجعين من الدول المقاطعة الذين سيحضرون إلى الدوحة لمشاهدة كأس العالم للأندية الذي سيجري في الدوحة في حال سمحت القيود المفروضة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، بذلك.
في السابق، كان السعوديون المهووسون بكرة القدم يحضرون إلى قطر بأعداد كبيرة. وسيلعب النادي الأهلي المصري هناك الشهر المقبل ما قد يجذب آلاف من المشجعين.
وبحسب فهد “هذا سيساعدنا في تجنب الملاعب الفارغة” في كأس العالم 2022 المقرر عقدها في قطر.