الاقتصاد الياباني ينكمش لأول مرة منذ 2009
تراجع الاقتصاد الياباني المتضرر جرّاء وباء كوفيد في 2020 لأول مرة منذ أكثر من عقد، لكن الانكماش كان أقل من المتوقع ليختتم العام بشكل قوي بفضل انتعاش الصادرات والدعم الحكومي الضخم.
لكن المحللين حذروا من أن التوقعات للأمد القريب قد تتأثّر سلبا جرّاء تراجع الاستهلاك المحلي نظرا للقيود الجديدة التي فرضت لاحتواء الفيروس
وتواصل إغلاق الحدود امام السيّاح قبل أقل من ستة شهور من الموعد المقرر لانطلاق أولمبياد طوكيو الذي تم تأجيله العام الماضي.
وانكمش ثالث أكبر اقتصاد في العالم بنسبة 4,8 في المئة العام الماضي، في أول انكماش سنوي يسجّله منذ ذروة الأزمة المالية العالمية سنة 2009.
لكن الرقم كان أفضل مما جاء في استطلاع لتوقعات المحللين أجرته وكالة بلومبرغ، وذلك بفضل الأداء القوي الذي سُجّل من تشرين الأول/أكتوبر حتى كانون الأول/ديسمبر، وهي فترة نما الاقتصاد خلالها بنسبة 12,7 في المئة مقارنة بالربع السابق على أساس سنوي.
كما شكّلت تدابير تحفيز الاقتصاد التي أقرّتها الحكومة منذ بدأ كوفيد في إطار حزمة بقيمة 3 تريليون دولار مصدر دعم مهم.
وأدت الأنباء إلى ارتفاع مؤشر “نيكاي” المرجعي في طوكيو بنسبة 2% الاثنين على وقع الآمال بشأن التعافي التجاري، ليغلق فوق حاجز 30 ألفا لأول مرة منذ ثلاثة عقود.
وقالت خبيرة الاقتصاد لدى “موديز أناليتكس” شاهانا موكيرجي إن النمو الأفضل من المتوقع في الفصل الرابع من العام كان مدفوعا بـ”موقع (اليابان) التجاري المرن” مع ازدياد الصادرات والارتفاع الضئيل في الاستهلاك الخاص.
وأضافت أن “موجة كوفيد-19 المحلية الثالثة والشديدة خففت زخم التعافي في اليابان في الشهور الأخيرة من 2020”.
وتابعت “لكن مع تواصل تعافي الصادرات وإقرار لقاح فايزر، يفترض أن تشهد الشهور المقبلة انتعاشا أقوى”.
وعلى غرار غيرها من الدول، دخلت اليابان في ركود عميق مطلع 2020، وأعلنت أسوأ نمو فصلي في الربع الثاني من أي عام يسجّل، في وقت خنقت تدابير احتواء الفيروس نشاط الاقتصاد الياباني الذي أضعفه أكثر فرض ضريبة على الاستهلاك في 2019.
وسمح تباطؤ الإصابات الجديدة للأعمال التجارية بمعاودة الانتعاش في النصف الثاني من العام، بينما ساهم الطلب المحلي وصافي الصادرات في التحسّن، وفق ما أفادت الحكومة.
وأضافت أن الإنفاق على السكن واستثمار الشركات انتعشا أيضا.
معضلة الأولمبياد –
لكن عدد الإصابات عاود الارتفاع لتسجيل أرقام قياسية أواخر كانون الأول/ديسمبر، ما دفع الحكومة لفرض حالة طوارئ صحية جديدة في معظم أنحاء البلاد بما في ذلك طوكيو وأوساكا. وتبدو التوقعات إيجابية على الأمد البعيد، لكن مع وجود تحذير بشأن مطلع 2021.
وقال كبير خبراء الاقتصاد لدى “سومي تراست” نايوا أوشيكوبو في مذكرة نشرت قبيل صدور أرقام الاثنين “يبدو تراجع إجمالي الناتج الداخلي أمرا لا مفر منه للربع الأول من 2021 نظرا إلى حال الطوارئ التي أعلنتها الحكومة في عدد من المقاطعات اليابانية اضرا كثيرا با الاقتصاد الياباني”.
وتعد تدابير احتواء الفيروس في اليابان محدودة إذ طلب من الحانات والمطاعم الإغلاق عند الساعة 20,00 إلا أنها غير ملزمة بالأمر. وبينما أوصت السلطات بشدة بالعمل عن بعد إلا أنها لم تفرض أي تدابير إغلاق.
وأفاد أوشيكوبو أنه من شأن التساهل النسبي في هذه الإجراءات الطارئة أن يساهم في التخفيف من حدة الانكماش المتوقع في الربع الأول.
لكن مراقبين يستبعدون أن يحصل الاقتصاد على الدفعة التي يحتاجها من أولمبياد 2020 المؤجل، وإن كان المنظّمون أصروا على أن الحدث سيمضي قدما وإن لم تتم السيطرة بالكامل على الوباء.
وفي ظل الشكوك بشأن إن كان سيسمح للمتفرّجين بالحضور والخطط بشأن بقاء الرياضيين والمسؤولين معزولين خلال دورة الألعاب الأولمبية، لن تكون هناك الكثير من الفرص للإنفاق، بحسب مديرة المخاطر بالنسبة لآسيا لدى “فيتش سوليوشنز” أنويتا باسو.
وقالت لفرانس برس إن “نتائج النمو بالنسبة لغياب المتفرجين وعدم إقامة الألعاب (الأولمبية) ستكون هي ذاتها تقريبا”.
وزادت قيود مكافحة الفيروس وغيرها من التكاليف المرتبطة بتأجيل الأولمبياد 294 مليار ين (2,8 مليار دولار) إلى كلفة الحدث التي ارتفعت إلى مبلغ إجمالي قدره 1,64 تريليون ين على الأقل، ما يجعل من طوكيو 2020 الأولمبياد الصيفي الأكثر كلفة في التاريخ.
وأفادت باسو أنه في وقت تتمثّل الأولوية المالية للناس بـ”تجاوز مطب كوفيد وإعادة أسلوب حياتهم إلى طبيعته… لست متأكدة إن كان سيتم نفسيا الترحيب بالألعاب” الأولمبية داخل اليابان.
وتابعت “قد يتراجع الشعور السائد حيال الاستهلاك أكثر إذا قرروا المضي قدما بالألعاب” الأولمبية.