تفاصيل جلسة مجلس الامن الدولي المغلقة حول السودان
أعرب الأعضاء الخمسة عشر في مجلس الأمن الدولي، خلال اجتماع مغلق الأربعاء، عن دعمهم للجهود التي يبذلها مبعوث الأمم المتّحدة إلى السودان فولكر بيرتيس في مسعى لإجراء مفاوضات غير مباشرة بين المكوّنين المدني والعسكري في البلد الغارق في أزمة سياسية حادّة، بحسب ما أفادت مصادر دبلوماسية.
وقال دبلوماسي طالباً عدم نشر هويته، إنّ الجلسة “تخلّلتها أسئلة” من جانب كلّ من روسيا والصين والأعضاء الأفارقة في المجلس وهم كينيا والغابون وغانا، “لكن لم تكن هناك معارضة فعلية”.
ولفت دبلوماسي آخر مشترطاً عدم الكشف عن اسمه، إلى أنه خلال الجلسة “كان هناك دعم واسع للمبعوث وجهوده”. وأضاف: “ومع ذلك، فقد طُرحت أسئلة كثيرة أيضاً حول كيفية جعل العملية شاملة وكيفية ضمان مشاركة جميع الأطراف الرئيسيين”.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية، أنّه خلال الجلسة أسهب الألماني بيرتيس في عرض مقاربته للأزمة وسبل حلّها، مؤكّداً أنّ “الطرفين نفسيهما يريدان مفاوضات غير مباشرة” للمساعدة في حلّ الأزمة.
وكان المبعوث الأممي قال خلال مؤتمر صحافي في الخرطوم الاثنين، إنّه يريد في مرحلة أولى إجراء محادثات مع كلّ طرف على حدة، للانتقال بعدها إلى مرحلة ثانية تجري خلالها مفاوضات بين الطرفين، سواء مباشرة أو غير مباشرة.
ووفقاً لأحد الدبلوماسيين، فقد تطرّق المبعوث الأممي خلال جلسة مجلس الأمن إلى المسألة الحسّاسة المتمثّلة بعودة المسلحين السودانيين من ليبيا إلى بلدهم، وضرورة تأمين إطار لإعادة دمجهم.
وعقد مجلس الأمن اجتماعه بطلب من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا والنرويج وأيرلندا وألبانيا.
“الديمقراطية على المحك”
وقبل الاجتماع قالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتّحدة باربرا وودوارد، إنّه بالنظر إلى التطوّرات الأخيرة في السودان، فإنّ “الديمقراطية باتت الآن على المحكّ”.
وأضافت أنّ “مطالب الشعب السوداني بالديمقراطية والتي رأيناها بشغف كبير، لا يمكن حقّاً أن تُدفن”.
وشدّدت على أنّ “ما نحتاج إلى القيام به الآن هو تقديم دعمنا الكامل للمحادثات التي تسهّلها الأمم المتحدة، لتجتمع جميع الأطراف، وتساعد السودان على العودة إلى طريق الديمقراطية”.
ردود فعل
ومع إعلان المبعوث الأممي عن المبادرة، تفاوتت ردود فعل القوى السياسية في السودان على الدعوة.
ورحب مجلس السيادة الانتقالي برئاسة عبد الفتاح البرهان، بالمبادرة الأممية، مشيراً إلى حرص الأطراف على أن يكون الحوار “سودانياً-سودانياً”، كما أعلن، الثلاثاء، عن تشكيل لجنة من أجل التواصل مع كافة المكونات السياسية.
ورداً على الدعوة لإطلاق الحوار، قال “حزب الأمة القومي” إنه “يثمن مجهودات الأمم المتحدة لتحقيق التحول الديمقراطي في البلاد” وإنجاح الفترة الانتقالية، مشيراً إلى أنه يرحب “بالدعوة للحوار بين مكونات العملية السياسية في البلاد”.
وفي مقابل هذه التصريحات المرحبة، أبدت قوى سياسية أخرى فتوراً، وحالة من الشك إزاء الدعوة الأممية إلى الحوار، إذ قال جعفر حسن المتحدث باسم الفصيل الرئيسي في “قوى الحرية والتغيير”: “لم نتلقَّ بعد أي تفاصيل حول المبادرة”.
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة “فرانس برس”: “نحن على استعداد للمشاركة في المحادثات بشرط أن يكون الهدف منها استئناف التحول الديمقراطي، وتنحية نظام الانقلاب، ولكننا ضد هذه المبادرة إذا كانت تستهدف إضفاء الشرعية على نظام الانقلاب”، على حد وصفه.
جمود سياسي
ومنذ التدابير التي أعلنها الجيش السوداني في 25 أكتوبر الماضي والتي حل الحكومة بموجبها واعتقل معظم الوزراء المدنيين في الحكم، ووضع رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يتفق معه مجدداً على تشكيل حكومة جديدة، يخرج السودانيون بعشرات الآلاف أحياناً، إلى الشوارع بشكل متكرر مطالبين بحكم مدني خالص.
وبداية العام الجاري، أعلن عبد الله حمدوك استقالته من رئاسة الوزراء، مؤكداً أنه حاول “إيجاد توافقات” لكنه فشل، وحذر من أن البلاد تواجه “منعطفاً خطيراً قد يهدد بقاءها”، وأنه كان يسعى إلى تجنب “انزلاق السودان نحو الهاوية