حول طريقة الحل السياسي الحرية والتغيير ولجان المقاومة.. من سينتصر في الصراع؟
وضعت تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم الأخيرة مركزي الحرية والتغيير في موقفٍ صعبٍ، بعيد إعلان رفضها الجلوس والتشاور بشأن عملية الاتفاق الإطاري. وفي الوقت الذي كان فيه المجلس المركزي للحرية والتغيير يأمل في أن يجد الاستجابة من التنسيقيات لمجرد التشاور حول الخطوة، جاءت الضربة ربما قاضية من قبل المقاومة التي تمسكت بشعارها المرفوع مسبقاً وهو اللاءات الثلاث. وبطبيعة الحال خطوة مقاومة الخرطوم الأخيرة وضعت الاتفاق الإطاري في إطار إكمال عملية الاتفاق بين الحرية والتغيير والعسكر على المحكّ، إن لم تكن قد منحته بطاقة الخروج من المولد بدون اتفاق، وهو ما يطرح التساؤل بشأن مصيره في المرحلة المقبلة؟
العقبة الكبيرة
وربما كانت المؤشرات في عدم إكمال مسار الاتفاق مع المكون العسكري من قبل مركزي الحرية والتغيير واضحة، خاصة بعد التصريحات التي أطلقها القيادي بالمجلس المركزي ياسر عرمان، عندما أشار إلى أن الأجواء العامة غير مشجعة على الوصول إلى حلٍ سياسي، ولكن كانت الصورة واضحة منذ إعلان مركزي الحرية والتغيير عن اتفاقه الإطاري مع العسكر بأن العقبة الكبيرة التي ستواجهه هي إقناع مقاومة الخرطوم التي تملك الشارع، وضمها إلى الاتفاق لإنجاح العملية السياسية.
ودون شك ستكون قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي في حاجة إلى خطوات بشأن تحديد مصير الاتفاق الإطاري، في ظل عدم قبول الشارع المتمثل في لجان المقاومة التي ترفض مبدأ التفاوض مع العسكر.
ويشير المحلل السياسي عبد الرحمن أبو خريس إلى أن الخطوة التي قامت بها لجان المقاومة بعدم قبول دعوة مركزي الحرية والتغيير، طبيعية للغاية وتتسق مع المسار العام لما يدور حول الاتفاق الإطاري.
ويبين أبو خريس في حديثه لـ (الانتباهة) أن لجان المقاومة جزء أصيل في الثورة وفاعلة في ولاية الخرطوم، مشيراً إلى أن رفضها الجلوس مع الحرية والتغيير المجلس المركزي طبيعي، لأن الاتفاق ولد ميتاً ومن لجنة محامين منتهية الصلاحية ولا تمثلهم على حد قوله، وتابع قائلاً: (كما أن هذه اللجنة ليست مفوضة من الشعب السوداني لتقديم أية تصورات للأزمة السياسية الراهنة). وقال أبو خريس إن الاتفاق الإطاري جاء على حساب تجاوزاتٍ كبيرةٍ في أهم المبادئ التي قامت عليها الثورة. وأضاف قائلاً: (بعض أفراد الحرية والتغيير ذهبوا وقتلوا اللاءات الثلاث التي رفعها الثوار، وجلسوا مع العسكر وحاولوا أن يفرضوا أنفسهم على الشارع السوداني بذات الآلية التي فرضت بها لجنة المحامين تصور الاتفاق الإطاري، وهناك تشابه كبير بين لجنة المحامين ومن جلسوا مع العسكر وكأنهم يكملون بعضهم).
الحاضنة
وقال أبو خريس في سياق حديثه لـ (الانتباهة): (إن الاتفاق الإطاري بعد رفضه من قبل القوى الثورية الحية لم تعد لديه حاضنة سياسية تدعمه وتنهض به)، مؤكداً أن ذلك لن يجعله يصمد على الإطلاق. وأردف قائلاً: (الوثيقة الدستورية أفضل حالاً من الاتفاق الإطاري لأنها وجدت التأييد، لكن الثاني وجد دعماً من قلة، فيما كانت معارضته أكبر من البعثيين والشيوعيين والكتلة الديمقراطية، وهذا الرفض تأكيد على رفض ما قامت به لجنة المحامين بعد جلوسهم مع العسكر، وبالتالي الاتفاق جاء ميتاً).
ويشير عبد الرحمن إلى أن الساحة السياسية ستعمل على تجاوز الاتفاق الإطاري إلى حلول أخرى لها قبول أكثر.
العسكر والمدنيون
ولا يرى عبد الرحمن أبو خريس أن سقوط مقترح الاتفاق الإطاري بأمر لجان المقاومة يعني إيقاف التعامل بين العسكر والمدنيين، مبيناً أنه سيكون من الاستحالة الدفع بمقترحاتٍ دون التشاور مع العسكر. ويكمل قائلاً: (سقوط هذا المقترح لا يعني وقف التعامل مع العسكر والاتصال بين العسكر والمدنيين، وأية خطوةٍ في اتجاه إبعاد العسكر من المشهد السياسي في الوقت الراهن أو في الفترة الانتقالية لن تكون موفقةً). وتابع قائلاً: (لا بد من التقارب بين المدنيين والعسكر في الفترة الانتقالية لإدارتها بأمانٍ وتحقيق الانتقال الديمقراطي).
ويشدد أبو خريس على أن تجاوز المكون العسكري في الفترة الحالية لن يكون منطقياً، فيما سيكون غير ذلك بعد نهاية الانتخابات. وأضاف قائلاً: (الأمر سيكون واقعياً بعد نهاية الانتخابات، ووقتها يمكن الحديث عن عودة العسكر إلى الثكنات، ولكن في الفترة الانتقالية لا بد من استصحاب العسكر حتى الإتيان بحكومة مدنية منتخبة).
طريق واحد
وفي المقابل يرى المحلل السياسي نصر الدين التيجاني أن المجلس المركزي للحرية والتغيير بات أمامه خيار واحد بعد خطوة تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم الرافضة للجلوس معه للتشاور، وهو مواصلة التفاوض لإحداث انشقاق وسط مقاومة الخرطوم والضغط من أجل الوصول إلى اتفاقٍ ومن ثم التوقيع على الاتفاق الإطاري.
ويقول التيجاني في حديثه لـ (الانتباهة): (إن تنسيقيات مقاومة الخرطوم ليست موحدة، لجهة أنها تضم أحزاباً أخرى تندرج تحت لواء المقاومة وعلى تواصل معها). ويمضي شارحاً هذه الجزئية قائلاً: (رغم أن مركزي الحرية والتغيير في اعتقادي قد وصل إلى طريقٍ مسدودٍ، ولكن أتوقع أنه سيراهن على وجود الأحزاب الأخرى مثل الشعبي والأمة والاتحادي الأصل التي لديها بالتأكيد ممثلون في لجان المقاومة).
لا توقعات بتوافق
ولا يتوقع التيجاني وصول الحرية والتغيير المجلس المركزي إلى توافق في الوقت الراهن مع العسكر، لجهة رفض الخطوة من قوى سياسية مؤثرة. ويضيف نصر الدين في حديثه لـ (الانتباهة) قائلاً: (إن ما يمكن أن يحدث في المرحلة المقبلة في ظل التضارب الذي يحدث حالياً اتجاه المكون العسكري إلى اتخاذ خطوتين، الأولى تتمثل في جمع كل المبادرات المطروحة من كافة الكيانات السياسية وأخذ خلاصتها، والثانية تشكيل حكومة مهام محدودة مطالبة بتوفير الأمن ومعاش الناس والإعداد للانتخابات).