صمت المنظمات الحقوقية من إصابة البشير بالكورونا وهو يستحق العلاج بالخارج
لا ينتطح عنزان في أن الجزء اليسير من الاستقرار الذي يشهده السودان بسبب وجود الرئيس السابق عمر البشير، على قيد الحياة.
والشواهد على ذلك كثيرة، فدول مثل العراق وليبيا واليمن غشاها الخراب فوراً بعد وفاة أو مقتل رؤسائها السابقين “صدام، القذافي وعلي صالح”.
وبالتالي فإن حياة الرئيس وعدم موته داخل السجن، مهمة ليس للسودان فحسب وانما للمنطقة برمتها.
مع الاعلان عن إصابة الرئيس السابق بوباء كورونا، تتزايد المخاطر بشأن حدوث مكروه له داخل السجن، بينما كان بالامكان علاجه بالخارج، مثل غيره من القادة والسياسيين.
أصوات عديدة انطلقت هنا وهناك تطالب رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، السماح له بالعلاج خارج السودان، سيما وأن البشير غير متهم أو مدان في جريمة كبرى مثل الخيانة العظمى، وأن التهم الموضوعة أمام المحكمة تتمثل في قيادته لانقلاب الانقاذ، وحتى هذه التهمة تحولت لسياسية أكثر منها جنائية، وأصبح البشير معتقلاً سياسياً وحبيساً بلا إدانة وبتهم فضفاضة.
تمثل كورونا خطراً على البشير، لكونه قد تجاوز الخامسة والسبعين عاماً، ويعيش في ظروف غير مثالية في سجن يفتقر لأبسط أدوات الحماية الشخصية، وبالتالي فإن البرهان سيحاكم أخلاقياً حال حدث مكروه للبشير.
قبل يومين طفت أخبار عن تعافي البشير من وباء كورونا، وهى أخبار مغلوطة، وتقف وراءها جهات لها خصومة مع الرئيس السابق وتريد رفع الحرج عن قادة السلطة واعفائهم من محكمة الضمير، لكن يظل البرهان معذباً بهذا الضمير الذي يسمح باعتقال رجل كبير وعدم السماح له بالعلاج في الخارج، مثله مثل صديق يوسف ومالك عقار وغيرهم ممن تعالجوا من كورونا خارج البلاد.
ليس أنصار البشير وحده من يطالبون بارساله للعلاج بالخارج، وانما المنطق والمروءة السودانية وشرف الزمالة، تدفع باتجاه مغادرته للخارج للعلاج، فالبشير مهما يكن، كان رئيساً للدولة لمدة 30 عاماً، أخطأ وأصاب، نجح وفشل، لكن انجازاته لا تخطئها العين ومن جاءوا بعده أظهروا من حيث لا يدرون حسن ادارته للبلد ومقدرته الهائلة على ادارة جميع التوازنات والتعامل مع جميع الخيوط والحفاظ على قدر معقول من الوضع الاقتصادي في فترة كانت ثلاثة أرباع الكرة الأرضية تقف ضده.
لجميع هذه الأسباب وغيرها، يظل سفر البشير للعلاج بالخارج، فرض عين وحق مستحق ودين على الدولة يفرضه العرف والأخلاق وشهامة السودانيين.
ويظل بلا شك ــ لا قدر الله ــ حال توفى البشير بكورونا داخل السجن، فإن السودان اليوم لن يكون سودان الغد.، ذلك لأن انصار البشير، قد صرحوا أكثر من مرة، انه في حال حدث مكروه له في السجن فلن يمر الأمر بسلام، وأضافوا في مخاطبات سابقة (مستعدين للقيام بأي شئ لو كان هناك خطرا على حياة البشير)
ولأن التأريخ يذكرنا، انه في حال مات البشير مريضا في السجن، فإن الأوضاع لن تهدأ، يذكرنا التاريخ القريب ان العراق كانت متماسكا حتى عشية اعدام صدام حسين، وأن ليبيا كانت تحتمل الحياة، لغاية مقتل القذافي حيت تحولت لحفرة من جحيم قبرت الجميع، ومثلها اليمن، حيث استقوى الحوثيون عقب مقتل علي صالح وتحولت اليمن إلى بؤرة فشل وفساد وقتل مجاني يومي، لا يعرف فيه القاتل لما قتل ولا المقتول فيما قُتل.
لأجل ذلك، فإن السماح للبشير بالعلاج خارج السودان، يظل أمر حتمي وضروري، وعربون تقدمه السلطة الحالية من أجل خلق التوازن ومن أجل شراء الاستقرار.
أتركوه يتعالج بالخارج وعاملوه كما عاملت مصر الجارة، حسني مبارك، رغم فظائعه، ففي نهاية الأمر، هذا رئيس ومريض ومن حقه علينا رعايته وعلاجه، وأن رجلاً في مثل سنه وبهذا الوباء الذي أصيب به يصبح سفره للخارج، واجب مقدس لا يرفضه إلا متخاذل.
اين المنظمات الحقوقية؟!
أين منظمة الصحة العالمية؟!
الطيب إبراهيم