فولكر وإنقلاب ٨ أغسطس ٢٠٢٢
جاء إلينا الخواجة فولكر بيرثيس ممثلاً للأمين العام للأمم المتحدة ورئيساً لبعثة اليونيتامس براتب دولاري مغرٍ ومخصصات تخرّ لها الجبابر ساجدينا
فولكر بيرثيس هو أكاديمي ألماني ذو خلفية أمنية أهّلته ليكون مديراً للمعهد الألماني للشئون الأمنية والدولية لمدة عشرة أعوام حسوماً (٢٠٠٥ – ٢٠١٥) وما زال يتمتع بوظيفة زميل غير مقيم بهذا المعهد ..
وقد نال فولكر بيرثيس وسام كارل كارشتاين للتميّز من الأكاديمية الالمانية للتخطيط الأمني عن خدماته الأمنية المتميزة لدولة الرايخ والبوندستاج.
بدأ فولكر حياته دارساً في الشئون السورية .. ونال درجة الدكتوراة في العام ١٩٩٠ وكان موضوعها “دراسة حول الدولة والمجتمع في سوريا في الفترة من ١٩٧٠ – ١٩٨٩”
موّلت هذه الدراسة الأكاديمية الألمانية لخدمات التبادل (DAAD) التي تدعم التبادل العلمي وتموّل الدارسين في المجالات التي تخدم مصالح ألمانيا.
بعد نيله درجة الدكتوراة عمل فولكر أستاذاً مساعداً بالجامعة الأمريكية ببيروت في الأعوام ١٩٩١ إلي ١٩٩٣ وفولكر بيرثيس البالغ من العمر ٦٤ عاماً يتقن اللغة العربية نطقاً وكتابة إضافة للغته الألمانية واللغة الإنجليزية .
وفي خلال فترة عمله أستاذاً مساعداً بالجامعة الأمريكية ببيروت تم استيعابه في المعهد الألماني للدراسات الأمنية والدولية في العام ١٩٩٢، أي أنه في عامي ١٩٩٢ و ١٩٩٣ كان فولكرنا يعمل في وظيفتين ببيروت وبرلين وحال السرور يا يمة ..
ويحرص الحبيب فولكر في كثير من أحايينه علي أن تكون له أكثر من وظيفة من الوظائف الملحاء القرناء فعندما تم تعيينه في وظيفة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاراً للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بسوريا (ستافان دي ميستورا) في سبتمبر ٢٠١٥ وبعدها بشهرين فقط عُيّن في المجلس الاستشاري للتجارة والاستثمار عبر المحيط الأطلسي (TTIP) .. وحال السرور يا يابا ..
ولكن دعنا من كلّ ذلك فهذا مبحث آخر سوف نرجيء تفصيله لوقت لاحق.
وسوف نركّز في هذا المقال علي الإنقلاب الذي رتّب له الفولكر ..
وبدأ تنفيذه الفعلي يوم ٨/ ٨/ ٢٠٢٢ وسيكون الانقلاب متدرجاًً علي عدة مراحل.
فإلي تفاصيل الإنقلاب:
خلفية إنقلاب فولكر الدستوري:
١/ أعلن البرهان يوم ٤/ ٧/ ٢٠٢٢ عن خروج الجيش من العملية السياسية واعتزامه تسليم السلطة للمدنيين وكان ذلك الإعلان صدمة غير متوقّعة لفولكر الذي منّي نفسه وبعثته بسنوات سمان يقتاتون فيها مِنْ مَنِّ انتقال السودان وسلواه فخلافات السياسيين السودانيين لا تنتهي وهي إن طال زمانها طالت سلامته وبعثته وتورّدت كضيماتهم من دنس الرواتب الأممية الدسمة ومخصصاتها البضة من بدلات وأسفار وجاه وصولجان .. تجعل فولكرنا ينعم بمعاش هنيء ومركب وطيء وحَلْيٍّ وحُلل في أرض الطهر والنبلِ وسط أحفاد رماة الحدق وأنصار مهدي الله من أحفاد ود نوباوي “قاطع رأس غردون” وأخوات نسيبة وإخوان سكران الجنة وعلي عبد الفتّاح والمكحّل بالشطّة ..
٢/ أعلن البرهان دعمه لمبادرة نداء السودان وهي مبادرة أهل الله التي يقودها مولانا الطيّب الجدّ وهو حفيد أحد فاتحي الخرطوم ومخلّصيها من غردون اللعين .. وهي مبادرة لقت قبولاً من قطاعات واسعة من القوي الوطنية والإسلامية
٣/ أثارت هذه التطورات حفيظة فولكر ذي الوظائف المتعددة .. واختفي عن الأنظار لعدة أسابيع فقد كان يرتّب مع حلفائه السودانيين ودبلوماسيين عربٍ وأعاجم علي التخلص من هذا الكابوس الذي يهدّد بزوال الملك الذي لا يبلي والنعيم المقيم.
٤/ غاب فولكر عن حضوره اعلان أم ضواً بان وأوكل مستشارته للحضور نيابة عنه علماً بأنّ هذه المبادرة قد قبلها رئيس الدولة التي ابتعث لها الفولكر والذي يتقاضي راتبه من أجل إعانتها وفضّل فولكر أن يحضر هو وسفيران من دولتين شقيقتين فعالية أقامتها لجنة تسيير محلولة لنقابة محاميي الطواريء تضم في عضويتها بضع عشرات من المحامين الشيوعيين واليساريين وتعمل تحت مظلّة قوي الحرية والتغيير وفي ذلك إخلال بالعرف الدبلوماسي وبتكليفه هو نفسه كمبعوث خاص للأمين العامّ للأمم المتحدة ..
وعكس فولكر الآية فكان الأولي حضوره هو للفعالية التي أعلن رئيس الدولة عن دعمها له وإيفاد مستشارته لحضور فعالية لجنة تسيير محامي الطواريء المحلولة ..
فلمَ فعل الفولكر هذا ..؟
أظن وبعض الظن ليس إثماً ..
أنّ السيّد فولكر يرتّب لإنقلاب دستوري مهد له بالآتي :
١/ تزوير توقيعات المبعوث الإفريقي ومبعوث الإيقاد حين أعلن عن إيقاف التفاوض عقب خطاب الفريق عبد الفتّاح البرهان في يوليو الماضي؛
٢/ حضور فولكر لندوة لجنة تسيير محامي الطواريء المحلولة وغيابه عن تدشين مبادرة أهل السودان وإيفاد مستشارته إلي أم ضوّاً بان وذلك ليعطي شرعية أممية كاملة لهذه الندوة المحدودة ..
وشرعية منقوصة لمبادرة الجدّ التي يدعمها البرهان ..
٣/ وسمّي ندوة لجنة التسيير المحلولة في تغريدته يوم ٨ / ٨ / ٢٠٢٢ بأنها “حوار حول الإطار الدستوري الانتقالي” تمهيداً لاعتماد بعثة اليونيتامس لمخرجاتها ؛ وهذا تدليس مفضوح منه فمن أقاموا الندوة نفسها لم يسمّوها حواراً..!
٤/ وكذب بشأن أن الندوة نظّمتها نقابة المحامين السودانيين وكما أسلفنا فإنّ الندوة أقامها أفراد في لجنة تسيير محامي الطواريء بغير علم وموافقة بقية أعضاء المكتب التنفيذي للجنة المحلولة؛ والغرض من كلّ ذلك هو إظهار الندوة بأنها حوار دعت له مؤسسة قانونية سودانية محايدة ومحترمة .. وذلك سيكون وصفها في خطابه القادم للأمين العام للأمم المتحدة والذي سيوصي فيه بقبول مخرجات هذه الندوة الضّرار.
٥/ وكذب فولكر بشأن الحضور الذي وصفه بأنه شبه شامل للقوي السياسية والاجتماعية وذلك في محاولة منه لإضفاء الشرعية علي هذه الندوة التي حضرتها أحزاب قوي الحرية والتغيير فرع ٤ طويلة وليس غيرها،
وغرض فولكر من هذا التهويل المقصود هو التدليس علي قرار مجلس الأمن للقبول بمخرجات الندوة واعتماد مخرجاتها لدي مجلس الأمن الذي سوف يتبناها حلّاً مفروضاً علي أهل السودان قاطبة،
وأيضاً يقلّل في خطابه من شأن مبادرة أهل السودان والتقليل لدي مجلس الأمن ..
علماً بأنّ مبادرة أهل السودان حضرها ستون مندوباً دبلوماسيًا وأكثر من أربعين فصيلاً سياسياً وقيادات في الإدارة الأهلية ومشايخ الطرق الصوفية
وغيرهم كثيرون ..
لذا فإن في كل هذه الإشارات مقرونة بالخلفية الأمنية لفولكر بيرثيس فإن ما يقوم به هذا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لا يتلاءم مع وضعه الدبلوماسي المحايد ولا طبيعة تكليفه لإعانة السودان علي الخروج الآمن من الفترة الإنتقالية وإعادة تأهيله للاندماج في المجتمع الدولي وترقي عندي هذه الأفعال التآمرية إلي محاولة إنقلابية علي الوضع الدستوري الحالي كاملة الأركان وستعقبها مباركة أممية ..
وقد أعذر من أنذر ..