بعيدا عن المعترك السياسي والاستقطاب الداخلي والإقليمي والدولي حول ليبيا، ينشط شباب ليبيون عبر مبادرات وطنية هادفة لعلاج عديد من أوجه الاختلالات المجتمعية التي تؤثر سلبا على حياة الناس وتُحمّلهم بالمزيد من المصاعب والتحديات في حياتهم اليومية، آملين في مساندة حكومية لتلك المبادرات البسيطة.ماهر الغرياني وطاهر ساسي، شابان ليبيان، أطلقا مبادرات مجتمعية مختلفة لعلاج بعض الظواهر السلبية في الشارع الليبي، كان آخرها مبادرة مواجهة ظاهرة سرقة أغطية الصرف الصحي، وهي الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير في ليبيا ضمن عمليات التخريب والسرقة في ظل الوضع الأمني المتذبذب بالبلاد.تبنى الشابان الليبيان فكرة الاعتماد على أغطية أسمنتية بديلة للأغطية الحديدية التي عادة ما تكون مطمع للصوص والمخربين، باعتبار أن الأغطية الأسمنتية أو الخرسانية زهيدة السعر، ولن تمثل مطمعاً للسرقة، وهو ما يحل مشكلة تترتب عليها عدة “كوارث” تهدد حياة الناس.عمل تطوعيالغرياني (من مواليد مدينة بنغازي) يقول لموقع “سكاي نيوز عربية” إنه بدأ العمل التطوعي في خدمة الليبيين عبر صفحة أسسها على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تحمل اسم (وسط البلاد بنغازي ليبيا) في العام 2010، هدفها مساعد الناس في شتى المواضيع الخاصة والعامة، واستطاع من خلالها كسبت ثقه معظم سكان بنغازي، لا سيما أن الصفحة بعيدة عن الأمور السياسية والمشاكل والفتن، وتهدف فقط لمساعدة الناس والمدينة.ويشير إلى أن “ليبيا مرّت بحروب كثيرة، وللأسف فإن كثيراً من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي كانت تعمل على إثارة الفتن (..) وبسبب هذه الحروب تدهورت أوضاع الكثيرين، وأصبح الوضع المادي تحديداً تحت الصفر، وهذا ما فتح باباً لتجارة تعتبر جديدة على الشعب الليبي وهي تجارة الخردة”.ويشير إلى أن “المواطن أصبح -مع عدم توافر السيولة وفرص العمل- يبحث عن أي مصدر رزق له.. ومن ثم انتشرت ظاهرة جديدة وهي سرقة أغطية الصرف الصحي في كل شوارع المدينة للأسف، وبالتأكيد هذا الشيء يضر بالمواطن وحتى السيارات، وكان هذا الأمر السبب في الكثير من الحوادث، وكل شيء موثق”.
حاول الشابان الليبيان قدر المستطاع محاربة تلك الظاهرة “ولكن للأسف بسبب عدم متابعة الأمن لتجارة الخردة في المدينة وأماكن بيع الخردة لن يتوقف السارقون عن سرقة هذه الأغطية.. وبالتالي كان يجب التفكير في شيء لا يمكن بيعه أو الاستفادة منه كبديل للأغطية الحديدية”.وأضاف “كانت الفكرة لصديقي طاهر ساسي.. تشاورنا سوياً وفكرنا في كيفيه عمل غطاء من الأسمنت.. ونفذنا نموذجاً (..) مع العلم أنه قبل فكرة الأغطية الأسمنتيه قمنا بصنع أغطية حديدية جديدة، ولكن للأسف تمت سرقتها من جديد، لهذا فكرة إعادة صنع أغطية حديدية تعتبر مشروعاً فاشلاً، ومن ثم لجأنا إلى الأغطية الأسمنتية، لا سيما أنه لا جدوى من بيعها ولن تمثل مطمعاً للسارقين”.ويشير الغرياني إلى أنه “بالتأكيد مثل هذه الأعمال من أجل تكون بمواصفات قوية، تحتاج إلى دعم من الدولة؛ لأنها مشكلة عامة بالبلد كله.. ومن المفترض أن يكون هناك تواصل من بلدية بنغازي معنا، وأن يتم تشجيعنا (..) الخاسر هو المواطن الذي يتحرك بشكل يومي بالسيارة أو على قدميه