مبادرة الشيخ كدباس.. هل تفلح في نزع فتيل الأزمة؟
تتكاثر و تعدد المبادرات الرامية لإيجاد حل للأزمة بين مكونات الطبقة السياسية الناجمة عن انقلاب 25 أكتوبر الماضي، في محاولة البحث عن مسار جديد يخدم أهداف ثورة ديسمبر وحث الفرقاء السودانيين للتوصل لاتفاق يعيد البلاد إلى المسار الديمقراطي.
وعلى خطى الجد وبدر يسير شيخ كدباس اذ أعلن الشيخ محمد حاج حمد الجعلي في تصريحات صحفية امس عن انطلاق مبادرة كدباس الأسبوع المقبل بمباني وقاعات جامعة أمدرمان الأهلية لحل الازمة.
بالنظر للمشهد السياسي عن قرب نرى أن الأزمة الحالية ومآلاتها التي دخلت شهرها الحادي عشر ليست بحاجة لمبادرات جديدة ،بل لجهود لتوحيد هذه المبادرات والاتفاق على الحد وفق كثيرين، وبلغ عدد المبادرات الرئيسةـ بحسب مراقبين ـ، أكثر من ثمان مبادرات، يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات. تبنت المجموعة الأولى منها مبدأ المشاورات الأولية بين المكون العسكري والمكونات المدنية؛ بحثًا عن النقاط التي يمكن أن يتحاور الطرفان فيها، وكيفية تهيئة المناخ لإجراء حوار مباشر بينهما للخروج بمقترحات لحل الأزمة. واقترحت المجموعة الثانية جملة من القضايا التي يمكن أن يتحاور الطرفان فيها للتوافق حول مخرج آمن من الأزمة. أما المجموعة الثالثة فقد رفعت شعار (لا تفاوض… لا شراكة… لا شرعية) للمكون العسكري، الذي أزاح المكون المدني في 25 أكتوبر، وآثرت البحث عن مسار جديد يخدم أهداف ثورة ديسمبر، ويحدث تغييرًا جذريًا في بنية النظام القديم، لتحقيق انتقال ديمقراطي مستدام.
وقال شيخ كدباس لصحفية الحراك إن المبادرة ستكون جامعة لكل السودانيين ولن تستثني أحداً من القوى السياسية السودانية، ما عدا الحزب المحلول (المؤتمر الوطني)، مشيراً إلى اتصالات أجراها مع قيادات الأحزاب والقوى السياسية وأساتذة الجامعات وقيادات المجتمع المدني، والرموز الاجتماعية ومشايخ الطرق الصوفية، أسفرت عن موافقة الثوار ولجان المقاومة والحرية والتغيير والشيوعيين والبعثيين وكل القوى والأحزاب والقيادات السياسية، على المشاركة في اللقاء الجامع بمباني جامعة أمدرمان الأهلية. وأشار الشيخ محمد حاج حمد الجعلي إلى أن الجلسة الافتتاحية ستكون مغلقة لمناقشة مسارات الحل السياسي الشامل الذي يقود لسودان الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية، على أن تكون الجلسات الثانية والثالثة مفتوحة لكل أهل السودان، مشيراً إلى أن مشايخ الطرق الصوفية سيشاركون مع الآخرين للوصول إلى حل سياسي يكون مفتاح خير لأهل السودان.
وأكد الشيخ الجعلي أن هذا اللقاء سيكون هدفه السامي هو جمع أهل السودان على كلمة سواء تفتح آفاقاً جديدة نحو سودان جديد ينعم بالديمقراطية، ويحصل المواطن السوداني على حقوقه في الكساء والدواء والخدمات الاجتماعية والتعليم والصحة، وكل ما يخدم الوطن والمواطن.
ويقول القيادي في المؤتمر السوداني نور الدين بابكر من الجيد ان يتداعى السودانيون لشؤونهم العام، ويكون الشأن العام محطة اهتمام الجميع وبالتأكيد أن تطرح مبادرات التي يرى من خلالها استقرار البلد .
ويرى نور الدين أن الاشكالية الكبيرة للمبادرات أنها تتخذ توصيفاً خطاً للأزمة ،والأزمة ليس بين مدنيين ومدنيين ،كما نلحظ في المبادرة المطروحة، الأزمة بين معسكرين السلطة الانقلابية وحلفائهم من المدنييين ، وهنالك قوى الثورة والمطالبة بإسقاط الانقلاب واستئناف التحول المدني الديمقراطي ،وعليه أعتقد أنه المبنى عندما لا يقوم أساساً صحيحاً أن سرعان ما ينهار ويتهاوى ـ لذلك يجب على كل مبادرة ان تقدم التوصيف الحقيقي للأزمة أن تجمع أطراف الأزمة للتوسط بينهم وتحقق هدفها المنشود .
مع ذلك حذر ممثل الأمين العام الخاص إلى السودان فولكر بيرتس في إحاطته لمجلس الأمن، من استمرار تدهور الوضع العام في البلاد ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي لاستعادة حكومة مدنية، ذات مصداقية، يمكنها إعادة تأسيس سلطة الدولة في جميع أنحاء البلاد، وتهيئة الظروف لاستئناف الدعم المالي الدولي، بما في ذلك تخفيف عبء الديون، وحث جميع الجهات الفاعلة على اغتنام هذه الفرصة والتوصل إلى اتفاق ذي مصداقية بشأن حل يتمتع بالشرعية ، مؤكداً موقف الأمم المتحدة والآلية الثلاثية- المكونة من الاتحاد الأفريقي وهيئة إيقاد ويونيتامس- الثابت في دعم جهود الانتقال السياسي.
اختلاف كبير
ويعتقد المحلل السياسي مصعب محمد على ان نجاح المبادرات يقف على قدرتها في اقناع الاطراف السياسية حولها وهذا الامر اذا توفر للمبادرة يمكن أن تفلح في حل الأزمة، و يمكن القول ان المبادرة يمكن أن تحقق نجاحاً في حال وصل الأطراف جميعهم إلى اتفاق لحل الأزمة السياسية في البلاد.
ويضيف لا أعتقد ان الأوضاع الحالية تحتاج لمبادرة جديدة فتعدد المبادرات اثبت ان هناك اختلافاً كبيراً بين المكونات السياسية ،عدم قدرة المبادرات على جمع المكونات المختلفة يعد من ابرز التحديات التي تواجه اصحابها ،إضافة إلى عدم وجود مركز موحد لمعارضة رغم الاحتجاجات شبه اليومية.