من السودان إلى الصومال… نقل الأوكران بأمر من واشنطن
الأوكرانيون في السودان
بينما تشهد المنطقة العربية وشمال أفريقيا حالة من التخبط السياسي والفوضى الأمنية ناهيك عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إلا أن الأنظار تتجه نحو السودان الذي يعيش أزمة سياسية معقدة وحرب شبه أهلية مندلعة منذ أبريل العام الماضي.
وتوصف الحرب في السودان بالشبه أهلية لوجود أطراف أجنبية تقاتل إلى جانب أحد أطراف الصراع، فقد تداولت وسائل الإعلام كثيراً من التقارير التي أكدت على وجود عناصر من القوات الأوكرانية في السودان، بذريعة القيام بعمليات عسكرية هناك ضد عناصر الشركة العسكرية الروسية الخاصة “فاغنر”، الى أن قام رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، كيريل بودانوف، منذ أيام، ولأول مرة، بالتصريح علناً وتأكيد هذه المعلومات قائلاً أن “أوكرانيا تنشر وحدات عسكرية خاصة في السودان بالفعل، وأن الهدف من وجود القوات الأوكرانية هناك هو القضاء على العدو الروسي في كل مكان يمكن تصوّره على وجه الأرض”.
ووفقاً لمصادر عسكرية ودبلوماسية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم باستخدام المرتزقة الأوكران في السودان لدعم رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ضد قوات الدعم السريع بقيادة حليف البرهان السابق محمد حمدان دقلو، والذي عُرف عنه علاقته السابقة مع فاغنر.
وبحسب المراقبين للوضع السوداني، فإنه بعد أن قامت فاغنر بسحب عناصرها من السودان منذ زمن، ونشرهم في دول مجاورة أخرى كمالي وجمهورية أفريقية الوسطى، إستغلت واشنطن ذلك وبدأت تمارس نفوذها في هذه المنطقة عبر هؤلاء المرتزقة الأوكران.
الأوكرانيون في الصومال
بعدما تناولت وسائل إعلام محلية أنباء تتعلق بمقتل خمسة عسكريين على الأقل في هجوم على قاعدة عسكرية في العاصمة الصومالية مقديشو يوم السبت. أفادت مصادر مطلعة مساء أمس عن نقل مجموعة من عناصر المرتزقة الأوكران العاملة في أفريقيا وفي السودان بشكل خاص الى القواعد العسكرية التابعة للجيش الصومالي في مقديشو.
وقد أشارت المصادر الى أنه تجري تعبئة المرتزقة الأوكرانيين في وحدات خاصة تبعيتها ستكون الى شركة الأمن الأمريكية الخاصة “Bancroft Global Development” وليس الى الجيش الصومالي.
فقد سبق وأن نوهت صحيفة “Military Africa” في مقال لها عن التواجد الأمريكي في القارة الأفريقية، بأن شركة بانكروفت الأمريكية الخاصة التي تمولها وزارة الخارجية الأمريكية، تنشط في الصومال منذ أكثر من عقد من الزمن وزعمت بأن الشركة تسيطر على امتيازات التعدين وتقوم بحمايتها في المناطق التي تعمل فيها ضد الجماعات المسلحة، لتقاسم المنافع مع السكان المحليين والحكومة.
ويرى الكثير من الخبراء والصحفيين أن توقيع حكومة الصومال المفاجئ على “اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي” مع تركيا، كان السبب المباشر لتعزيز الأمريكيين لمرتزقتهم في الصومال عبر القوات الأوكرانية، لقطع الطريق أمام تنفيذ هذه الإتفاقية وإبقاء التوازنات العسكرية في منطقة مضيق باب المندب على حالها الراهن.
فالإتفاقية تنص على أن تركيا ستقوم بحماية ما يقارب من 3 آلاف كيلومتر من ساحل الصومال، من كينيا إلى جيبوتي، بواسطة سفن حربية وجنود أتراك، ناهيك عن فتح المجال الجوي الصومالي ومناطقها الأمنية بالكامل أمام أنقرة.
مصلحة الأوكران
لطالما تميزت سياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية بتأجيج الصراعات ونشر الفوضى في مناطق عدة من العالم. فتحت راية الدفاع عن الأرض والعرض يمولون الحرب في أوكرانيا ويستخدمون رجالها في مناطق أخرى في أفريقيا. والهدف واضح، بحسب الخبراء، وهو السيطرة على الموارد والثروات الطبيعية في دول أفريقيا الغنية بها، والإنفراد بالهيمنة على مضيق باب المندب والبحر الأحمر، ذو الأهمية القصوى في حركة الملاحة العالمية، ولي ذراع المنافسين الآخرين كروسيا والصين وكسر عظم تركيا اللاعب الإقليمي التاريخي في المنطقة.
أما بالنسبة لوجود المقاتلين الأوكران خارج حدود بلادهم، يُشير المراقبون بأنه أحد الشروط الأساسية لإستمرار الولايات المتحدة الأمريكية تقديم دعمها المالي والعسكري لحكومة كييف، في حربها ضد روسيا.
ولا شك بأن الطبقة الحاكمة في أوكرانيا تستفيد من الوضع القائم في بلدهم ومن النزاع العسكري مع جارتهم روسيا، إذ أن المساعدات المالية والعسكرية الأمريكية وحدها لأوكرانيا فاقت 65 مليار دولار منذ بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا عام 2022. وبالتالي أصبحت هذه الطبقة دمية لا إرادة لها، تحركها الإدارة الأمريكية، وبات الشعب الأوكراني ضحية للهيمنة الأمريكية عليه.