ينزلق السودان بين تكتيك أربعة طويلة واستراتيجية تسعة طويل
أربعة طويلة هو النعت الذي تطلقه (قبيلة الميثاق الوطني) علي الاخ اللدود في الحرية والتغيير ، يسير به وصفا علي القنوات الفضائية العربية دهاقنة الخبرات الاستراتيجية التي ُولدت بالسودان في ظروف التغير المناخي الذي ضرب العالم في أعقاب جائحة الكورونا ، الخبراء الاستراتيجيون يتهمون أحزاب الشيوعي والمؤتمر السوداني والبعث العربي والاتحادي بسرقة ثورة ديسمبر وتجييرها لصالحهم ، بقية الاحزاب لم يستضافوا أو يدعهم أحد ليعتلوا السفينة الي بر النجاة هروبا من الطوفان الذي أغرق البشيرواخوانه.
في الحقيقة يُغيب خبراء الغفلة عمدا ظاهرة لا تخفي علي المتابع السوداني ، الاحزاب والمكونات السياسية التي تدعي بأنها أُقصيت بعد الثورة ولم تمنح دورا في الحكومة الانتقالية ، تنسي أنها عاشت لثلاثين عاما علي طريقة (النظر من ثقب المفتاح) ، في العمل المعارض لحكومة البشيرظلت تلك الاحزاب في حالة خمول وبيات شتوي وادعاء الموت السريري ، تنظر من فتحة ثقب المفتاح لتري اتجاه الريح ، ثم تخرج مع المنادين (لا بديل للبشير الا البشير) عند كر البشير وفر المتظاهرين ، تتحلق حول مائدة البشير والمؤتمر الوطني وتنتظرقسمة الغنائم ، ربما كانت مناصب وزارية تحوز بعضها النخبة منهم أوأموالا توزع منها الوفير يذهب لقادة تلك الاحزاب ، وربما نال مسار منها ظرفا كما يعترف في كثير من مفاخراته بالظروف المالية التي يوزعها عليهم البشير. تلك الاحزاب التي كانت تنتظر طعام البشير في قسمة الثروة والسلطة هي ما أطلق عليهم تسعة طويلة ، يتحايلون لنهب ثروات الشعب السوداني تمكينا لمحاباتهم نظام الانقاذ واستطعام موائده.
تسعة طويلة من مجموعة الاحزاب السودانية كانت قصيرة النظر ، سارت علي مقال (WAIT AND SEE) ، في عنفوان الثورة وحمي الوطيس هم خلف الابواب يراقبون من ثقب المفتاح ، تشجعهم احصائيات ينثرها عليهم حسين خوجلي بأن 98% من الشعب السوداني هي عضوية المؤتمر الوطني ، ركنهم الشديد أيضا تهديدات علي عثمان للثوار يلوح بقدرات كتائب الظل، رقدت أحزاب تسعة طويلة علي أنغام تلك التطمينات ونامت (قفا) ، بعضهم لا يعزف أغاني الثوار بل يتحدث عن الظروف المناخية في العالم الصناعي الذي تنفث مصانعه ثاني اكسيد الكربون ، مساهمة مبارك الفاضل وعلي استحياء كانت حضورا لساحة الاعتصام ورده الثوار وعاد مطأطئ الرأس .
تحطم الصنم وعاد البشير الي حجمه الطبيعي ونجح ألثوار ، طار عقل أحزاب تسعة طويلة وأصبحوا أيتاما ، تلفتوا حولهم فإذا ما كانوا يحسبونهم أحزابا لا تتمتع بثقل جماهيري ولا تكاد تبين هي التي تحرك الشارع ، تركت أحزاب تسعة طويلة ساحة مبادأة العمل الوطني لثلاثين عاما ، الفراغ ملأته أحزاب أربعة طويلة وكما يقول المثل الانجليزي (DESPERATE MEN ARE BRAVE MEN) ، كانت أربعة طويلة بأحزابها حضورا مع حملة الهواتف الذكية يتبادلون مواقيت الثورة ، تنقر أصابعهم علي (الكيبورد) لنسخ فعاليات لجان المقاومة في الاحياء والمدن.
الحكمة كانت تتطلب من أحزاب أربعة طويلة نظرة بعيدة ، استدعاء جبهة عريضة من مكونات أحزاب السودان بعد نجاح الثورة وعند اعداد الوثيقة الدستورية ، ثم اشراك أكبر طيف من الاحزاب في الحكومة الانتقالية في نسختها المحاصصية الثانية ، تسريع قيام المجلس التشريعي وإفراد حصة لمعظم أحزاب الساحة السياسية في السودان ، تلك ما يسمي بعملية ( TAKE THE STEEM OUT) ، الخصومة في الساحة السياسية لا تدوم بل يعمد المنتصر الي خلق حالة النصر للجميع من أجل الوطن ، هي حالة عربية نشاهد تطبيقاتها في بعض دول الخليج اليوم ، القبيلة التي ينزع منها الحكم لا ترمي بعيدا كما الحقائب القديمة بل تقرب وترفع مقامات زعمائها وقادتها ويمنحون الالقاب والمخصصات وفي المناسبات توزع (الشرهات) علي كل أفراد القبيلة.
ملاحظة جديرة بتعليقها علي جدارية الوطن لتعيها الاجيال ، المباغضة والحسد لا يسود صاحبهما أو يعلو شأنه ، ببساطة لأنه سيجد من يسحبه بعيدا عن مواطن النجاح ، تلك حالة سودانية بامتياز ، جميع أحزابنا تنجح في المعارضة وتفشل في ادارة الحكم ، دروسها الحزبية في مقارها هي كيف تسقط الخصم وتحرك ضده الانقلابات العسكرية، صفر كبير في ادارة الموارد وتفعيل طاقات الشباب ، المقال الاشهر هو (الديمقراطية لو شالها كلب ما في زول يقول له جر) . يمثل القول بؤس الممارسة السودانية لمعني الديمقراطية والتي لا تأتي الا بمزيد من الديمقراطية.
أسامة ضي النعيم