السودان : الطاقة والتعدين تقف على صفيح ساخن قبل قرار تحرير الوقود
يبدو أن عملية تحرير أسعار الوقود باتت أمراً عسيراً إن لم يكن مستحيلاً؛ سيما في ظل تضارب التصريحات عن تسعير وتحرير الوقود بمشتقاته المختلفة في السودان حيث دلق وزير الطاقة والتعدين المكلف مهندس خيري فتح الرحمن
تصريحات صحافية قبل يومين أشارة فيها إلى رغبتهم تحرير الوقود قبل أن يعود أمس (الإثنين) ويعلن تراجعهم عن القرار ويرمي بالكرة في ملعب حمدوك. ولم تكن هي المرة الأولى التي تتراجع فيها الحكومة الانتقالية عن تحرير
قبل يومين تناولت تقارير إعلامية تصريحات منسوبة لوزير الطاقة والتعدين خيري عبدالرحمن يعلن فيها رغبتهم في تحرير سعر الوقود، وأن القرار قديم وسيتم تطبيقه دون أن يعلن عن تسعيرة معينة للوقود بعد التحرير،
وعقب تصريحات خيري شهدت الساحة الاقتصادية جدلاً مكثفاً بسبب القرار ذي الظلال السالبة على الواقع المعيشي بمختلف تفرعته، الجدل المكثف دفع وزير الطاقة والتعدين لإخراج توضيح صحافي يؤكد فيه أن وزارته لم تتخذ قراراً بتحرير الوقود
وأن الجهات المناط بها فعل ذلك هي رئاسة الوزراء ووزارة المالية، وشدد خيري على أن القرار أعلنه حمدوك في وقت سابق وليس من صميم وزارته.
المسؤول
لم يكن وزير الطاقة المكلف خيري، هو أول مسؤول يتراجع عن تحرير سعر الوقود حيث أعلنت الحكومة الانتقالية في وقت سابق وعبر مؤتمر صحافي مشهود تحدث فيه وزير المالية السابق إبراهيم البدوي ووزير الثقافة والإعلام
الحالي فيصل محمد صالح عن صدور قرار بتحرير أسعار الوقود، وعقب ذلك المؤتمر الصحافي انطلقت عاصفة من الغضب بدأت من داخل حاضنتها السياسية التي رفضت القرار، فضلاً عن مقاومة شعبية تمثلت في رفض لجان المقاومة للقرار،
إزاء الضغط المكثف أعلنت الحكومة تجميد سريان قرار تحرير الوقود والاستمرار في دعمه إلى حين إشعار آخر، ويبدو جلياً أن الحكومة مترددة في اتخاذ قرار صارم فيما يخص تحرير الوقود، وربما بسبب ارتباط هكذا قرار بالواقع المعيشي.
تراجع
التردد من قبل الحكومة الانتقالية في اتخاذ قرار تحرير الوقود يفسره وزير الطاقة السابق مهندس عادل إبراهيم بالخوف والضعف، وإن الحكومة لا تستند على حاضنة سياسية قوية تساعدها في اتخاذ القرار ويقول :الحاضنة السياسية ضعيفة وهشة
وعلاقاتها مع الحكومة في السودان انهارت تماماً بسبب تباين الآراء”. ويضيف عادل إبراهيم سبباً آخر لتردد الحكومة؛ وهو عدم حسم المؤتمر الاقتصادي لمسألة تحرير الوقود، مبيناً أن توصيات المؤتمر الاقتصادي كانت عادية ولم تناقش القضايا الاستراتيجية مثل تحرير الوقود.
غير أن المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء دكتور آدم حريكة يقول باقتضاب للصحيفة إن المؤتمر الاقتصادي حسم مسألة تحرير الوقود، دون الغوض في تفاصيل أدق..
القرار
قرار تحرير الوقود الذي أصبح بعبعاً يخيف الحكومة الانتقالية لم تتصد أي جهة للقول بأن القرار من صميم اختصاصاتها، حيث قال وزير الطاقة المكلف خيري فتح الرحمن في توضيح
إن تحرير الوقود ليس من اختصاصات وزارته بل من اختصاص رئاسة الوزراء ووزارة المالية، غير أن وزير الطاقة والتعدين السابق عادل ابراهيم يكذب حديث الوزير المكلف خيري عبدالرحمن الرحمن؛ ويقول إن تحرير
وتسعير الوقود من اختصاص وزارة الطاقة والتعدين بالتشاور مع وزارة المالية في السودان مضيفاً أن القانون جعل تحرير أسعار الوقود من صميم عمل وزراء الطاقة، مبيناً أن الحكومة يمكن أن تتخذ قراراً بتحرير الوقود، مطالباً الحكومة بالصراحة والوضوح مع الشارع من خلال توضيح برامجها واهدافها.
الشاهد في الأمر أن الحكومة الانتقالية ظلت تصر على تحرير الوقود منذ الربع الاولى لحكمها، حيث ظل وزير المالية السابق ابراهيم البدوي مصراً على قرار تحرير الوقود ويصف دعم الوقود بالتشوهات.
الاصرار الحكومي على تحرير اسعار الوقود يقول عنه عضو اللجنة الاقتصادية بالحرية والتغيير دكتور عادل خلف الله: “إن الغرض من الاصرار هو الوصول لحلول اقتصادية ساهلة يدفع فاتورتها المواطن المغلوب على امره”. واضاف
“ان تحرير اسعار الوقود له ارتدادات مؤلمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي”. ويمضي بالقول: “الحكومة في السودان تصر على تحرير اسعار الوقود من اجل ارضاء البنك الدولي
ومن ثم نيل قروضه”. واضاف: “البنك الدولي غير مهتم بدعم الحكومة السودانية، بل حريص على استرداد ديونه بطرف الحكومة في السودان ”.