الواثق البرير: السودان يتجه إلى منزلق خطير.. وآمالنا فى مبادرة فولكر ضعيف
حذر الواثق البرير الأمين العام لحزب الأمة القومى والمتحدث الرسمى باسم المجلس المركزى للحرية والتغيير من اتجاه السودان إلى منزلق خطير فى ظل الأزمة السياسية الراهنة، مؤكدا على دعم فكرة الحوار الوطنى شريطة أن يكون بشهود وضامنين دوليين.
وأوضح البرير فى حوار خاص لـ«الشروق» أن الأمال فى مبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان «يونيتامس»، فولكر بيرتس ضعيفة، مشيرا إلى أن فولكر يسير فى اتجاه سيرفضوه المكون المدنى والعسكرى. كما اعتبر البرير أن قرارات 25 أكتوبر الماضى التى اتخذها الجيش بحل مجلسى السيادة والوزراء نتيجة تراكم أخطاء من المكون المدنى والعسكرى، مشددا على ضرورة مد الفترة الانتقالية لفترة تتراوح ما بين 18 إلى 24 شهرا.
وإلى نص الحوار:
كيف تقرأ الوضع الراهن فى السودان؟
ـــ قبل قرارات 25 أكتوبر كان لدينا تطلعات وآمال عريضة يُمكن تحقيق التقدم فى السودان، لاسيما أن جميع عوامل الإنتاج والقوى البشرية متوفرة، فالشباب يمثلون 62% من المجتمع السودانى، ولكن السودان الآن يتجه إلى منزلق خطير، ولابد من حل الأزمة ووقف نزيف الدماء فى الشارع وكذلك المواجهة بين المكون العسكرى والمدنى.
برأيك ما هى الأسباب التى أدت إلى الوصول بالبلاد إلى الوضع الحالى؟
ـــ كان هناك عدم ثقة بين الطرفين منذ البداية، كما أن المدنيين انفصلوا عن الشارع ولم تعد «الحرية والتغيير» التى دعمت الثورة والتصقت بالشارع هى القائدة والمحركة له، فانشغالهم بالحكم أدى لابتعادهم عن الجماهير، ومن ثم صعدت لجان شباب المقاومة، كما أن المكون العسكرى رأى أن الحرية والتغيير أصبح ليس لديها جذور ميدانية وفقدت مصداقيتها لدى الشارع، هذا بالإضافة إلى أن المدنيين لم يحكموا بالشكل الذى حددته الوثيقة الدستورية، فعلى سبيل المثال لا الحصر – هناك عدد من الملفات كـ «الاقتصادى، الأمنى، العلاقات الخارجية» كانت تُدار من القصر الجمهورى وليست من مقر رئاسة الوزراء! ولو كنت فى وضع الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق لكنت رفضت ذلك، فهو غير قادر على الحسم وحاول يرضى جميع الأطراف.
وفى رأيى أن حمدوك رجل يتمتع بقدرات فكرية عميقة ولكن تنظيرية لأنه لم يمارس العمل السياسى فهو شخص غير سياسى ولكنه إدارى محترف، فهو لم يريد الاشتباك مع القوى العسكرية أو القوى المدنية الأخرى، والحاضنة السياسية لرئيس الوزراء ارتضت بذلك من أجل مصلحة وجودها فى السلطة.
إذن هى تراكم لأخطاء ارتكبها المكون المدنى والعسكرى مع عدم حسم قرارات عدة من قبل دكتور عبدالله حمدوك، أدت إلى قرارات 25 أكتوبر.
ما هى رؤية المجلس المركزى للحرية والتغيير لحل الأزمة الراهنة؟
ـــ رؤيتنا تهدف للتحول المدنى الديمقراطى، ووضع آلية تهدف لحل سياسى وتوافق، بعيدا عن ما يُمسى بـ «اللاءات الثلاثة» أى «لا تفاوض ــ لا شراكة ــ لا مساومة»، فالوضع الراهن يحتاج لحل وهذا التصعيد غير صحيح مطلقا، فهناك شباب يدفعون الثمن فى الشارع.
وعلى مدار الأيام الماضية، عقد المجلس المركزى عدة اجتماعات لبلورة الرؤية السياسية الخاصة بـ«الحرية والتغيير» وحددنا عددا من القضايا التى لابد من التوافق عليها بين المدنيين والعسكريين، وكيفية تحقيق الانتقال الديمقراطى للسلطة، فضلا عن رؤيتنا للعلاقات الخارجية، الملف الاقتصادى، العدالة الانتقالية، كما أجرينا نوعا من النقد الذاتى لمشاركتنا فى الفترة الانتقالية ما قبل قرارات 25 أكتوبر، مع وضع خارطة طريق لإلغاء تلك القرارات.
ورؤيتنا أنه لابد من تشكيل مجلس سيادة مدنى، بجانب مجلس للأمن والدفاع يضم فى عضويته العسكريين، مع منح صلاحيات تنفيذية أكبر لرئيس الوزراء المقبل.
ماذا عن رؤيتكم بشأن الشراكة بين المكون المدنى والعسكرى؟
ـــ نرى أن الشراكة بوضعها قبل قرارات 25 أكتوبر لا يُمكن أن تعود، لكن لابد أن يكون هناك علاقة ما مع المكون العسكرى، فالسودان بلد يحيطه التحديات المختلفة ولا يُمكن أن يحكمه طرف واحد منا فقط.
ومن ثم الدولة تحتاج إلى علاقة إيجابية بين الطرفين، تُحدد مهام المكون العسكرى وكذلك مهام المكون المدنى، وبشأن المشاركة فى السلطة أكدنا عدم رغبتنا فى الحكومة المقبلة، بل تم الاتفاق على ضرورة بدء استعدادنا للمشاركة فى الانتخابات خلال فترة انتقالية من 18 لـ 24 شهرا، وذلك عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة وما تفرزه صناديق الاقتراع تكون له «الشرعية».
إذن هل «الحرية والتغيير» لا تمانع فى المشاركة بالحوار الوطنى الذى يتم التشاور بشأنه حاليا؟
لابد من تعديل تلك الصورة، المدنيون ليس لديهم مانع فى الحوار، وأرى أن المكون العسكرى بدأ يميل إلى حد كبير الآن للانخراط فى حوار، والذى لابد أن يُفضى إلى حل سياسى والعودة للمسار الديمقراطى، فنحن لا نريد أن تصل البلاد لمرحلة «سوريا».
هل معنى ذلك أنكم تريدون مَد الفترة الانتقالية؟
ـــ بالتأكيد.. لابد أن يتم تمديدها من 18 إلى 24 شهرا، وفى حال حدوث توافق وطنى سوف نبدأ مرحلة جديدة، وحتى نصل إلى حل سياسى لابد من كتابة وثيقة دستورية جديدة، بفترة انتقالية جديدة، حتى نستطيع تحضير أنفسنا للانتخابات، وكذلك بناء علاقة بصورة جديدة مع المكون العسكرى.
إذن ما رأيكم فى مبادرة رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية فى السودان «يونيتامس»؟
ـــ من المُنطلق السالف ذكره وحرصنا على التوافق الوطنى، قدمنا الدعم لمبادرة رئيس بعثة «يونيتاميس» بهدف قيادة حوار بناء، وقدمنا له عددا من النصائح أبرزها «عدم الإطالة فى مدة المشاورات، والعمل على وقف العنف ضد المتظاهرين» لأن العنف يُعمق الأزمة، كما أكدنا له ضرورة أن يكون الحل سريعا عبر إجراءات بناء الثقة حتى يُنتج حوارا بمضمون جيد، ولكن أصبحت آمالنا فى مبادرته ضعيفة، بعد أن اعتقدنا أنه الحل النهائى لحل الأزمة، وأخشى عليه من الفشل.
لماذا الإحباط من المبادرة وما فرص نجاحها؟
ـــ فى البداية كنا متفائلين للغاية بالمبادرة ونجاحها، ولكن فولكر وسّع دائرة المشاورات السياسية بشكل كبير، فهو يعتقد أن الزمن فى صالحه، لكن هذا غير صحيح، وأرى أنه يسير فى اتجاه سيرفضه المكون المدنى والعسكرى، فضلا عن ذلك فولكر ذكر أنه «مُيسر» وليس «وسيطا» إذن أين الفكرة ؟ وأين المبادرة ؟ ومن ثم آمالنا فى مبادرته ضعيفة بعد أن اعتقدنا أنه الحل النهائى لحل الأزمة.
لكن هناك مبادرات أخرى طرحتها أطراف إقليمية؟ ما موقفكم منها؟
ـــ نرفض تعدد المبادرات لأن تعددها سوف يسبب مشكلة كبيرة، فمنظمة «الإيجاد» أرسلت مبعوثها بمبادرة، فأكدنا له أن هناك مبادرة مطروحة بالفعل من رئيس بعثة «يونيتامس» ودعونا ننتظر إلى أين ستصل نتائجها أولا، ولكن نحن مع الحوار الوطنى.
هل يُمكن أن تُشارك «الحرية والتغيير» فى حوار مباشر مع المكون العسكرى؟
ـــ الأزمة السياسية الراهنة تتطلب جهودا كبيرة، وأى عمل سياسى دون حوار لن يؤدى إلى استقرار الأمور فى السودان، إذا كان هناك حوار سوف يُرضى الشعب السودانى لن يستطيع شخص أن يرفضه، والحل السياسى مطروح عبر نوع من التفاهمات، أما فيما يتعلق عن طبيعته سواء بشكل مباشر أو غير مباشر لم نحدد ذلك، ولكن لابد أن يكون الاتفاق بشهود وضامنين دوليين.
ماذا عن استعداد حزب الأمة للانتخابات؟
ـــ حزب الأمة يُعد أكثر حزب فى السودان جاهزية للانتخابات، فالحزب لديه تواجد ميدانى بعدد 18 مكتبا بـ18 ولاية، فضلا عن 73 مكتبا حول العالم ويتمتع بكوادر شبابية عظيمة، فالإمام الراحل الصادق المهدى ترك مؤسسة حزبية جيدة، ومن ثم فرصنا كبيرة للغاية للفوز فى الانتخابات، ليس بقوتنا فقط ولكن بضعف الآخرين أيضا