الى السفير الأمريكي: لتعرف أنت ونحن أكثر
المسألة تتطلب أن نكون أكثر وضوحاً حيث ما يعتمل في السياسة السودانية يعد ضمن سلاسل تنفيذ الدراسات الغربية عن الشأن الإسلامي ينزع نحو محاربة القيم الإسلامية والمحور المعلن محاربة الأرهاب لحماية الحضارة والأسنان من وحشية وصولية لاستصدار الميزانيات الموجهة نحو صناعة تجريد المجتمعات الإسلامية من مبادئها بأساليب طبعها سياسي وخلفيتها اجتماعية باتخاذ الفن والنقاشات الإعلامية فرصة لتناول قضايا حساسة عن المرأة حول جسدها والجنس والتحرش والمثلية وأشياء من هذا القبيل مختصرها حريات مدنية وتأتي ضمنها كلمة حرية التي أخذت بعداً فنتازياً لا حاجة لتفسيرها ترددها أفواه الداعين للمدنية من الشباب المتظاهر بديمومة دون وقوفهم عند بعدها الاجتماعي المقزز انسياقاً خلف برنامج أمريكي نشرته كتب أمريكية ترجم للعربية تدعو لضرورة تنظيم العلمانيين المسلمين ويبقى السؤال عن طريقة تسريب الفكرة الى شعارات المتظاهرين الممثلين دور الضحية حيث كل جريمة لها ضحية ومجرم يقبض ثمن المهمة ويحيلها الى هؤلاء الشباب باعتبارها مبادئ تعلو فوق المقدس وبتصور ذهني ترسم معظمه من إنسانيته ويغدو هذا الهراء معبوداً وهمياً يفديه بروحه ويقابل ذلك شاخص مشيطن ويكون هدمه تحدٍ يؤجج من غلواء انفعاله المطلوب لدى المجرم وعرابه ليقدمانه قرباناً لسياساتهما أن تسريب شعار مدنية لأفواه المتظاهرين لابد أنه تم ذلك من خلال نماذج من المؤثرات الخفية صممت في مختبرات استخبارتية لها إمكانيات فائقة وهذا لا يتوفر الا في الغرب تفاصيل عملها ليس موضوعنا الآن، إنما الكلام مع السفير الأمريكي بالإشارة أن سفارته مبنى قد ينشط في تفعيل المصطلحات ضمن حراك مدعوم من الخارج أكثر من أنه نابع من رغبات الشعب مفعلاً إرادته على الأرض وتلك الحقيقة تجلت في أن حواراً بالخرطوم ارتضه نخبة مسيطرة وأشرفت عليه وكالات لها اعتبارية دولية ومناطقية يتدخل سفيران أحدهما أمريكي ويؤدي تدخلهما لتجميد الحوار الى أجل غير مسمى دون توضيح الخطوة التالية وآلية التعطيل رضوخ قوى الثورة التي تخلت عن شعاراتها وجلست مع المجلس العسكري معطية فرصة جديدة لتوسيع دائرة الحوار والمشهد برمته تفاعلات ومؤثرات السياسة الأمريكية في منطقتنا القائمة على تشكيل شبكات اعتدال إسلامي حتى مصطلح معتدل وصفه على شاكلة سلمان رشدي وآخرين بمقرات الدراسات الإسلامية في الغرب وقد قرأت بياناً موقعين عليه نشره كاتب أمريكي عنوانه (معاً في مواجهة الشمولية الجديدة) وصرحوا المقصود بالشمولية التعاليم الإسلامية ومختصر إفادة البيان أن حرية الرأي وحقوق الإنسان محفوظات إنسانية متقدمة على قدسية الإسلام وعليه النبي الأعظم وصحبه والكرام وآل بيته عرضة للتشويه في رسوم مضحكة وأفلام مسيئة لشخوصهم الاعتبارية دعك من قدسية، ويأتي ذلك في إطار أن المعركة بين الديمقراطية والثيوقراطية (الدينية) وثمة تحريض أن يفعل ذلك بشجاعة دون اكتراث لضجيج المسلمين في مدنهم وضرب صفحاً عن التهديدات المبثوثة بالوسائط الداعية لنصرة النبي عليه السلام وأدوات المعركة الدبلوماسية والإعلام العاملان على محو أي فكرة عن وجود شيء مقدس على الأرض نعتبره غير قابل للتناول الإعلامي الفج المعروض سينمائيا بوجهة نظر كاريكاتيرية بعدها فني أكثر من أنها معلوماتية تأتي في إطار كوميدياني مسلٍ ولا أدري إن كان السفير على إدراك بأن أبسط مواطن على اطلاع بكل ذلك وأكثر لابد أن السفير له خلفية طالما ابتعث لبلد إسلامي إذا حاولنا توفير حسن النية أن خطوة السفير في التدخل في الحوار أراد توسيع دائرة المشاركة ولكن هذا لا يحتاج تجميد إنما الاكتفاء بإلحاق المتخلفين الا اللهم هناك شروط معززة للرافضين فيها الرجوع الى ما بعد ٢٥ أكتوبر أي عودتهم للسلطة رغم حصول مماحكات صعبة صاحبت وجودهم في الحكومة كادت تعصف بأمن البلد إن كانت لهم أدنى قوة مقاومة حيث كانت لهم مداخلات عنيفة ضد القوى التي انحازت للثوار ودعت للتحضير الى انتخابات رفضوا ذلك وتعليلهم لا بد من تغيير جذري في القوانين والمناهج الدراسية وفق رؤية لا تمثل الأغلبية باستخدام آلية إزالة التمكين ويتم ذلك وفق مفهوم غربي وهو أن المجتمعات الإسلامية بها حرب أفكار الشيء الذي أدخل البلد في تصعيد لصراع بين العلمانية والثيوقراطية حيث يتبنى هؤلاء بناء شاخص يحصبونه حسيا ومعنويا فجدوا ضالتهم في العسكر بعد أن جفة فوطة الكيزان وتلك المواقف القصد منها ليس انتقال ديمقراطي إنما احتكار السلطة وحجر الآخرين عنها ولتحديد موقف السفير من ذلك أذكره بالعودة به لعام ١٨٢١م عندما لم يكن مؤسسي أمريكا متعلقين بالمخاوف والمبادئ وقد تحصلت على كلمة لوزير خارجية أمريكا وقتها جون أدامز من ضمن ماقاله: (إذا تطوعت أمريكا وقدمت نفسها لمساندة لواء ليس لواء وطنها لنصرة فئة لم تحصل على تفويض مواطنيها إنها بذلك تورط نفسها بالدخول في مأزق من الصعوبة الخروج منه) وما حدث في أفغانستان نموذج جيد لتعزيز مقولة أدامز، فإن يرغب السفير في تقديم العون عليه أن يتحرك من واقع ضمير الشعب السوداني وإلا نكون في حاجة لتوضيح منه عن أسباب تدخله بفرص إرادة جديدة متخطياً عمل الآلية الثلاثية ولم يتضح إن كان هناك ثمة تنسيق مع الآلية أم لا ولكن الشيء الأوضح أن ماعجزت عن فعله الآلية فعله السفيران حيث أجبرا الرافضين للحوار على الجلوس مع المجلس العسكري فإن خرج هؤلاء بمبررات إلا أن رمزية الجلسة أقوى من أي كلام إذ أكدوا لنا أنها من المحرمات ولكن المحلل تجاوبوا معه وصرحوا بذلك كأن ليس لهذا الشعب عندهم له أدنى خاطر، إنما الشخصانية تفرض عليهم التزام اتجاه الإشارة القادمة من خلف الحدود من تلقاء الغرب التي تحتوي سياسة معدة للبلاد الإسلامية بأن هدفها إيجاد أفراد وجماعات تؤمن بفكرة أن الدولة مدير محايد في الحياة اليومية والحكم ومصادر التشريع الدنيوي ولتلك الغاية تصدر التقارير المنشأة على دراسات تصف العلمانيين المسلمين شركاء في مبادرة بناء شبكات المسلمين المعتدلين أن فكرة التأثير على المجتمعات المسلمة ملخصها تبني العلمانية ومفهوم الدولة المحايدة ولكن ثمة تحفظات غربية على بعض دعاة العلمانية بأنهم مرتزقة لا مبادئ لهم تجعل الغرب مساندتهم سياسياً كما أن مراكز البحوث ترجح بين ما تفرضه الأحداث المستجدة الضاغطة لاتباع أسلوب التكتيك مقابل المبادئ والأهداف الاستراتيجية الآن حرب أوكرانيا تعيد الحرب الباردة للواجهة الأمر الذي يعني طي ملف حرب الإرهاب أملاً في تحالفات مع المجتمعات الإسلامية بالإضافة لبعض نصائح الحكماء من الأفضل التوقف عند حرب واحدة حتى عمل السفير الأمريكي مع سفير آخر من بلد إسلامي دليل تخلي إدارة بايدين عن قيمها الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان أنه تراجع لإفساح المجال لتحالفات مع المجتمع الإسلامي منعاً لأي تمدد روسي محتمل حيث الحرب على الإرهاب والتلويح ببطاقة حقوق الإنسان المسحوبة من صندوق التهديدات لا من ضمير المبادئ والقيم سيفضي ذلك لبحث الدول الإسلامية لخيارات جديدة وهي روسيا التي أظهرت تسامحاً متقبلاً مع مسلمي روسيا وكما أن توازن الرعب النووي بين حزم قطبي العالم يفرض على الجميع تقوية العمل الدوبلوماسى ولجوء الدول العظمى للحرب بالوكالة وهذا يتطلب مزيداً من التحالفات وعليه نذكر السفير أن يضع في حساباته أن خيار الغرب حليف ينخفض في المنطقة بمعدل متزايد إذا أصرت الإدارة الأمريكية على اتباع سياسة كسر إرادة الشعوب والحكومات.
كاظم النو