بعد قرار تعويم الجنيه السوداني تحذير من تفاقم فقدان الأدوية
حذرت مصادر مسؤولة في قطاع الدواء في السودان من تأثير تعويم الجنيه على تفاقم فقدان الأدوية من الأسواق، خاصة المنقذة للحياة البالغ عددها 1700 صنف، إضافة إلى المحاليل الوريدية وعلاجات أمراض الجهاز التنفسي والأمراض النفسية والعصبية والأمراض المزمنة.
قرار الشركات
يأتي ذلك، وسط إحجام الشركات المستوردة عن تسليم العديد من الأصناف للصيدليات بعد قرار تعويم سعر الصرف، ما انعكس أزمة إضافية على المواطنين.
وكشف الرئيس السابق لشعبة الصيدليات مالك مجموعة صيدليات بالخرطوم د. نصري مرقس لـ”العربي الجديد” عن توقف عدد من شركات استيراد الأدوية والبالغ عددها 100 عن البيع وإحجامها عن إكمال تسليم الطلبيات السابقة للصيدليات تجنبا للخسائر من جراء تحرير العملة.
ولفت إلى المشاكل الكبيرة التي يسببها التحرير، بسبب التغيير اليومي في سعر الصرف والذي يضطر شركات استيراد لتغيير الأسعار يوميا تجنبا للخسائر.
وأشار مرقس إلى إغلاق عشرات الصيدليات في العاصمة والولايات المختلفة، وأوشك المتبقي منها على إعلان إفلاسه، بسبب الخسائر التي تعرضت لها مع تذبذب سعر الصرف وارتفاع الدولار إلى مستويات غير مسبوقة، محذرا من أن يؤدي استمرار الشركات في التوقف عن البيع إلى ندرة الأدوية خاصة تلك المنقذة للحياة.
وطالب بنك السودان المركزي باستثناء عاجل لقطاع الأدوية باعتماد سعر ثابت له مقابل الدولار. وقال الناطق الرسمي باسم غرفة مستوردي الأدوية، مدير شركة شكاك لاستيراد الأدوية، يوسف شكاك لـ”العربي الجديد”، إن الأدوية ستظل مدعومة من قبل الحكومة حتى نهاية العام الحالي 2021 وفق تأكيدات وزير المالية، ولن تتأثر الأصناف المختلفة من الأدوية بقرار تعويم الجنيه.
ولفت شكاك إلى مصادقة محفظة السلع الاستراتيجية الإثنين على تحويلات بالنقد الأجنبي لاستيراد الأدوية بالسعر القديم، نافيا أي اتجاه لإجراء تغيير في تسعيرة الأدوية. وتوقع استئناف نشاط الشركات المتوقفة عن البيع بسبب التخوف من التعويم عقب المبالغ التي قامت بضخها محفظة السلع لزوم الاستيراد.
واعتبر المدير العام لشركة فارما للأدوية د. محمد فتحي لـ”العربي الجديد” أن الحديث حول أثر التعويم على الأدوية سابق لأوانه، بسبب عدم وضوح سياسات الحكومة الانتقالية حوله حتى الآن، وإن كانت ستستمر في دعمه ضمن السلع الاستراتيجية أم لا. و
شرح أنه إذا قررت الحكومة الاستمرار في دعم الدواء فهذا يعني أنه لن يتأثر بطبيعة الحال بقرار تعويم الجنيه.
وأشار فتحي إلى وجود فجوة كبرى في توافر الدواء في الأسواق السودانية، ومن شتى الأصناف المحلية والمستوردة، بسبب عدم إيفاء الحكومة بالتزاماتها السابقة بتوفير التمويل بالنقد الأجنبي لزوم الاستيراد.
وقال فتحي إن الأموال التي أعلن عن ضخها عبر محفظة السلع الاستراتيجية هي متأخرات ديون للشركات.
وشرح أن الحكومة الانتقالية التزمت بعد تكوين المحفظة بتوفير مبلغ 60 مليون دولار لاستيراد الدواء، وسددت منها 32 مليون دولار فقط فيما قامت الشركات باستيراد أدوية بإجمالي المبلغ على أمل التزام الحكومة بالسداد.
وأضاف أن المحفظة توقفت عن دفع المستحقات للشركات بسبب تذبذب سعر الصرف قبل الإيفاء بمتأخراتها والبالغة 28 مليون دولار، ما اضطر عدداً من الشركات للتوقف عن البيع إلى حين حصولها على استحقاقاتها من الحكومة تجنبا للخسائر.
ودعا عضو لجنة الصيادلة المركزية أنس الصديق في حديث مع “العربي الجديد”، الحكومة إلى وضع سياسة واضحة لتحقيق الاستقرار في سوق الدواء وتجنب الأضرار السالبة الناتجة عن قرار تعويم الجنيه، مشيراً إلى ضرورة أن تضع الحكومة دعم الدواء في أول قائمة أولوياتها.
ونفى الصديق صدور أي قرار حكومي رسمي بتعويم سعر صرف الدولار المخصص لاستيراد الأدوية، محذراً من هذه الخطوة التي “ستسبب ارتفاعاً جنونياً في أسعار الأدوية التي تعتبر من أبسط حقوق المواطن السوداني”.
وكشف الصديق عن تراجع نسبة الأدوية المتوفرة في الإمدادات الطبية الحكومية إلى أقل من 48 في المائة من الأصناف المنقذة للحياة، بسبب تراكم الديون لتبلغ 140 مليون يورو، الأمر الذي أدى لانقطاع أكثر من 800 من أصل 1700 صنف منقذ للحياة.