تصعيد ومٌهَل وخطوات انفصال.. شرق السودان بمنعطف جديد
إلى الواجهة تطفو مجددا أزمة شرق السودان بإعلان مجلس قبلي نفسه حكومة مؤقتة، ما يرسم نقطة ارتكاز حادة في بلد تطوقة التقلبات والاضطرابات.
و الأربعاء، أعلنت الأمانة السياسية لمجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة في السودان تفعيل حق تقرير المصير، كما أعلنت نفسها حكومة مؤقتة لشرق السودان، وسحب الاعتراف بالسلطة المركزية في الخرطوم.
وقالت في بيان، إنه تقرر تفعيل استخدام حق تقرير المصير، وعدم الاعتراف بسلطات الحكومة في الخرطوم، وأحقيتها في إنشاء مؤسسات حكم ذاتي وقوات عسكرية.
ومع أن زعيم نظارات البجا، محمد الأمين ترك، تبرأ لاحقا، في تصريحات إعلامية من بيان الأمانة السياسية للمجلس القبلي، إلا أن ذلك لم يغير شيئا من خطوات الانفصال المعلنة.
وقال ترك إن البيان صدر عن الأمين العام، ولا يمثل النظارات، معلنا في الآن نفسه تولي “اللجنة السياسية لمجلس نظارات البجا” صفة حكومة مؤقتة، والهيئة العليا، مجلسا تشريعيا عرفيا.
تصعيد ومهل
في يونيو/ حزيران الماضي، تجدد التصعيد في شرق السودان بتلويح مجلس نظارات البجا بقطع حركة النقل بينه وبين بقية أنحاء البلاد وشواطئ وموانئ البحر الأحمر، في تكرار لسيناريو سابق في 2021، أوقف حركة الصادرات والواردات بشكل كلي.
تصعيد تجدد حينها على خلفية ما اعتبره المجلس تخلفا من قبل السلطات العسكرية عن الإيفاء بوعودها لسكان الشرق، قبل أن يعلن محتجون من قومية البجا إغلاق مقر الشركة السودانية للموارد المعدنية.
وأعقبت الخطوة اعتصاما استمر لأكثر من أسبوع للمطالبة بإقالة حاكم الإقليم، وسط تهديدات بالتصعيد أكثر وتوسيع نطاق الإغلاق ليشمل الموانئ والطرق البرية، كما حصل في مرات سابقة.
ما هو مجلس “نظارات البجا”؟
تجمع قبلي طفا اسمه إلى السطح بشكل عام في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حين أغلق موانئ البحر الأحمر والطريق البرية الرابطة بين شرق السودان ووسطه.
إغلاق قال المجلس آنذاك إنه يأتي احتجاجا على ما ورد باتفاق السلام الموقع بجوبا عاصمة الجارة الجنوبية، بشأن تخصيص مسار خاص بشرق السودان.
ويرفض المجلس قائمة الأشخاص الذين يمثلون الإقليم، لتبدأ رحلة تصعيد لم تهدأ إلا عقب وساطة قادها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وأنهت الإغلاق بتعليق مسار شرق السودان.
ويرفض المجلس قائمة الأشخاص الذين يمثلون الإقليم، لتبدأ رحلة تصعيد لم تهدأ إلا عقب وساطة قادها نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وأنهت الإغلاق بتعليق مسار شرق السودان.
لكن القصة لم تنته عند ذلك الحد، حيث تجددت نبرة التهديد، حين توعد زعيم مجلس البجا محمد الأمين ترك بإغلاق الشرق بالكامل في حال استمرار رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال في السودان، فولكر بيرتس، بمنصبه.
أصل الأزمة
إقليم ثري يشكله شرق السودان بولاياته الثلاث: البحر الأحمر وكسلا والقضارف، ويقع على شاطئ البحر الأحمر الذي يمثل المنفذ البحري الوحيد للسودان، ويبلغ طوله نحو 700 كيلو متر.
لكن رغم ما يزخر به الإقليم من موارد مائية ومعدنية، إلا أن سكانه يتهمون السلطات بـ”تهميشه” في وقت تعتبر فيه نسبة الفقر بالإقليم الأعلى في كامل السودان.
واستنادا إلى تطوراتها، تعود أزمة شرق السودان إلى ما قبل استقلاله، حيث راكم السكان مشاعر الاستياء والاحتقان التي بقيت كامنة إلى حين توقيع اتفاق جوبا للسلام بين الخرطوم وعدد من الحركات المسلحة.
وفجر تنصيص الاتفاق على “مسار” للشرق الغضب الكامن، حيث رفض مجلس نظارات البجا البند، معتبرا أنه لا يحقق مطالب الإقليم وأن من وقعوه لا يمثلون شعب البجا.
وقاد ذلك إلى ظهور أزمة تطورت بإغلاق شرق السودان، فيما اضطرت الحكومة لإعلان تعليق المسار، في محاولة لامتصاص الغضب والحد من ارتدادات الإغلاقات المتكررة على الاقتصاد، وإفساح المجال للوساطات.