حقوق الانسان وحالات الطوارئ وإحداث الشرق
تتسارع الاحداث على الحالة الامنية والسياسية في السودان حتى خشي البعض من ان تفتك بحكومة الفترة الانتقالية بدءا من الانفلات الامني المنتشر في العاصمة الخرطوم وبعض ولايات السودان مرورا بالاحتجاجات القبلية في شرق السودان التي ادت لقفل الطريق القومي والمنفذ الاستراتيجي للبلد والذي قد يدخل الدولة السودانية في اذمة حادة ونقص في المواد الغذائية والبترولية والمعينات الحياتية الاخري بجانب عجز الدولة في ايجاد حلول ناجعة لهذه المعضلة السياسية والتى قد تنتقل عدواها الى الولايات الاخري الامر الذي وقبل ان تدخل الدوله نفسها في مازق قد يضطر رئيس الوزراء استخدام صلاحياته المنصوص عليها في المادة 15/2 من الوثيقة الدستورية والتى تنص على ايقاف الحروب والنزاعات وبناء السلام بجانب التزامه للمجتمع الدولي ومجلس الامن الدولي بموجب الخطة التى تقدم بها تحت الرقم 249/2020
ومن المتوقع ان يتقدم رئيس الوزراء بطلب لمجلس السيادة في ظروف الساعات القادمة باعلان حالة الطواري في البلاد ومن ثم المصادقة عليه من قبل مجلسي السيادة والوزراء في جلسة مشتركة اعمالا لنصوص المواد 15/2 -24/3 من الوثيقة الدستورية ويتزامن هذا الوضع تمديد الامم المتحدة لاعمال الفصل السادس من ميثاق الامم المتحدة والذي صدر على ضوءه القرار 2579 حيث نص القرار على اعمال قانون حقوق الانسان دون اعمال القانون الدولي الانساني حتى تتمكن حكومة الفترة الانتقالية لاعلان حالة الطواري وتعطيل بعض الحقوق المنصوص عليها في المواثيق المرتبطة بحقوق الانسان تحسبا للاوضاع الراهنة التى تمر بها البلاد
وفي ذات الصياغ نصت المواثيق المرتبطة بحقوق الانسان للدول الاطراف ان تعطل بعض التزامتها القانونية المترتب عليها بموجب تلك المعاهدات في حالات الازمات الانسانية حيث نصت المادة 4/1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بجانب الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان وفق نص المادة 27/1 جنبا الي جنب مع الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان المادة 15/1 والمادة 30 من الميثاق الاجتماعي الاوربي 1961 بينما لم ينص الميثاق الافريقي لحقوق الانسان على اي نص يتعلق بتعطيل هذه الحقوق
واعلان حالة الطواري وتعطيل الحقوق تحكمه شروط ومبادئ مثل عدم جواز اهدار حقوق معينة ومبدا الضرورة القصوي الصارمة ومبدا الاخطار الدولي بجانب التهديد الاستثنائي والاعلان الرسمي مع عدم التعارض مع التزامات قانونية دولية وبجانب مبدا عدم التمييز
ومن المتوقع حسب التشكيل المكون لحكومة الفترة الانتقالية من اجهزة ممثلة في مجلسي السيادة والوزراء بجانب البعثة السياسية الدولية والحاضنة السياسية ممثله في جناح قوي الحرية والتغير المشارك في السلطة وشركاء العملية السلمية خاصة مع التقارب السياسي والالتقاء في طريقة ادارة ملفات الدولة ابان الفترة الانتقالية اللجوء الى اعلان حالة الطواري
وتعطيل كل من الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي واتفاق سلام جوبا
ووضع الدولة تحت المرجعية الدولية بموجب القرار 2579 والخطة 249 لسنة 2020
فمن المتوقع في الساعات القليلة القادمة اعلان حالة الطواري
وتعطيل كل الاتفاقات السياسية التى تم توقيعها
وطلب المساعدة من المجتمع الدولي مع تاييد من كل شركاء الفترة الانتقالية في ظل غياب المجلس التشريعي المؤقت والمحكمة الدستورية
فهل تكون التجربة التونسية خير سابقة لحكومة الفترة الانتقالية للتنصل من الالتزامات السياسية التفافا على الالتزامات القانونية المقررة في المواثيق الدولية والاقليمة؟!!
وحتى لاتعد الاجراءات المتبعة انقلابا سياسيا على تلك الاتفاقات
والله من وراء القصد.
احمد ميرغني سليمان