أخبار ساخنةأهم الأخبارالأزمة السودانيةمقالات الرأي

تفريق التظاهرات منظومة قانونية مكتملة الأضلاع!!

فريق أول ركن حسن يحيى محمد أحمد

إتسمت الفترة الانتقالية بفوضى التظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات والإضرابات السياسية والوقفات الاحتجاجية تحت دعاوى السلمية وحرية التعبير. لقد أصبحت هذه التظاهرات ظاهرة يومية أساءت لسمعة السودان خارجياً حيث أصبح يوصف شعبه بأنه شعب عاطل عن العمل وغير منتج لا يحب العمل ويعشق الفوضى وهو معارض لكل حكوماته سواء أن كانت مدنية أو عسكرية ولا يعطيها الفرصة لتعمل وتنتج لتوفر له الغذاء. قحت أصبحت لا تفرق بين معارضتها للحكومة ومعارضتها للدولة. كل هذا حول الشعب السوداني الى شعب متلقي للإغاثات والمساعدات الإنسانية بالرغم من أن بلاده قد وصفت بأنها سلة لغذاء العالم!!. كل هذا لا يليق بشعب واعي ووطني يحب بلاده ويعمل لرفعتها. الشعب السوداني وصف بأنه يعمل خارج بلاده بمستوى أكبر مما يعمل به داخلها ولو بذل الجهد الذي يبذله في العمل بالخارج داخل بلاده فإن حال السودان سيكون قد تغير كثيراً عما هو عليه الآن. عدم المبالاة تسببت فيها كل الحقب السياسية التي استولت على السلطة بالبلاد والتي كان هدفها الوحيد هو الإستئثار بالسلطة والإنفراد بها بدون وضع أي اعتبار لقضايا الشعب وإحداث التنمية والنهضة. القانون في كل بلد يوضع لمعاقبة الشواذ وما يجري حالياً في شوارع الخرطوم من خراب ودمار وقفلاً للطرق بالمتاريس وأعمدة الإنارة والحرائق وقفل الطرق باللافتات الموجودة على جوانب الطريق كل ذلك تسبب في معاناة المواطنين وعرقل تحركاتهم وانتهك حرياتهم وتلك هي أعمال غير مشروعة لا تعبر عن السلمية والحرية في التعبير وهي فوضى يعاقب عليها القانون. استمرار هذه الفوضى في الشارع العام بصورة راتبة سيقود لحرب أهلية طاحنة ينفرط فيها عقد الأمن بالبلاد فيفتح ذلك الباب واسعاً للتدخلات الأجنبية وحينها سيصبح السودان مسرحاً تحسم على أرضه كل مشاكل العالم وحينها سوف لا نجد وطناً يتصارع عليه الجميع وسوف نصبح لأجئين بدول الجوار. هذا السيناريو المرعب والمخيف يتطلب منا جميعاً حكومة وشعباً وأحزاباً ومنظمات مجتمع مدني ولجان مقاومة العمل بروح المسؤولية للحفاظ على بلادنا وتجميل وتحسين صورتها خارجياً كدولة مؤسسات يحكمها القانون وينظم صلاحياتها واختصاصاتها الدستور. تفريق التظاهرات منظومة قانونية وإجراءات عملية تتم في إطار القانون وتدرس بالكليات والمعاهد العسكرية العليا التابعة للجيش والأجهزة الأمنية. تفريق التظاهرات طابور عسكري تتدرب عليه كل الأجهزة الأمنية حتى تصل لمرحلة إتقان الأدوار المختلفة. الحفاظ على الأمن مسؤولية لجان أمن الولايات. تفريق التظاهرات يأتي في إطار عمليات الأمن الداخلي التي ينظمها القانون ومن أهم مبادئ عمليات الأمن الداخلي إستخدام أقل قوة ممكنة وهذا ما تقوم به الشرطة عندما يتم تكليفها بتفريق أعمال الشغب. الجيش لا يتدخل في تفريق التظاهرات لأنها تأتي في إطار عمليات الأمن الداخلي والتي هي مسؤولية الشرطة. تدخل الجيش يأتي بطلب من القيادة السياسية العليا للدولة لتقديم المساعدة العسكرية للأجهزة الأمنية عندما تعجز في فرض هيبة الدولة. عمليات الأمن الداخلي تتم تحت إشراف ومراقبة سلطة قانونية سواءاً بمشاركة قاضي أو وكيل نيابة يكون مصاحباً للقوة المكلفة بفض التظاهرات لتأكيد قانونيتها. هنالك تدريب مشترك يتم للجيش والشرطة والأمن في كلية القادة والأركان خلال مرحلة دراسة العمليات الأقل حدة والتي تعتبر عمليات الأمن الداخلي جزءاً منها. القصد من هذا التدريب المشترك هو التنسيق وتوحيد المفاهيم وإتقان المهام والتدقيق في الخطط الموضوعة لحفظ الأمن وحماية الأرواح والممتلكات وللتأكيد على أهمية وضرورة تطبيق كل قواعد وقانون عمليات الأمن الداخلي تطبيقاً دقيقاً وحرفياً خاصة مبدأ استخدام أقل قوة ممكنة. كل هذا يؤكد أن الأجهزة الأمنية ليست لها سلطات مطلقة في التعامل مع التظاهرات وما تقوم به تتم مراقبته بواسطة الجهات العدلية التي تصاحب القوات المكلفة بفض التظاهرات. حماية التظاهرات السلمية نعم هي مسؤولية الشرطة شريطة الإلتزام التام بتطبيق مبدأ السلمية منذ بداية التظاهرات وحتى نهايتها تفادياً للاحتكاكات. كذلك ينبغي الحصول على تصديق مسبق من لجنة أمن الولاية التي يرأسها الوالي وخروج التظاهرات بدون تصديق مسبق يعتبر مؤشراً قوياً على عدم شرعيتها كما يمثل تحدياً للجنة أمن الولاية وعدم الإعتراف بها وهذا أمر غير مقبول. تفادياً للاحتكاكات ينبغي أن تتم التجمعات في مكان محدود بعيداً عن الشوارع العامة وأن تكون التجمعات في الساحة الخضراء مثلاً حتى لا تتأثر حركة المرور. قفل الشوارع بالمتاريس والحرائق وترديد شعارات الكراهية للأجهزة الأمنية لا يعبر عن سلمية التظاهرات ولا عن حرية التعبير. التظاهرات المليونية الراتبة سياسية تعبر عن نشاط سياسي مناوي للسلطة القائمة ينبغي التعامل معه بالقانون. يمكن خلال أعمال الشغب أن يتم تكليف الجيش بحراسة المنشأت العامة والخاصة حتى لا تتعرض لأعمال التخريب. قحت هي المسؤولة عن غرس روح الكراهية والعداء للأجهزة الأمنية في نفوس المواطنين فاحدثت بذلك شرخاً في العلاقة بينهما يصعب إصلاحه وتلافيه إلا بعد زمن طويل والتاريخ هنا لا يرحم. نعم حرية الرأي والتعبير يكفلها القانون ويمكن التعبير عنها بصورة حضارية عبر الصحافة والإذاعة والتلفزيون وإقامة الندوات السياسية داخل دور الأحزاب وعبر رفع المذكرات السياسية والملصقات على الطرق وليس عبر مسيرات تخريبية تنتهك الحريات العامة وتزهق أرواح الأبرياء وتتم فيها الإساءة للأجهزة الأمنية واستفزازها. تلاحظ أن كل أعمال الشغب تحدث فيها وفيات والشرطة تنفي استخدامها للزخيرة الحية وهذا يعني أن هنالك طرف آخر يقوم يإطلاق النار على المتظاهرين بقصد إحداث إصابات ووفيات لضمان إستدامة زخم أعمال الشغب واستمراريتها وهذا ما تسعى له الجهات المنظمة لأعمال الشغب تحميل الشرطة مسئولية خسائر التظاهرات فيه ظلم لها والعدالة تقتضي ان تتحمل المسئولية الجهة التى دعت للتظاهرات. التسلسل الصحيح لأعمال تفريق التظاهرات هو أن يقوم وكيل النيابة المرافق للشرطة بمخاطبة المتظاهرين عبر مكرفون يدوي يطالبهم بالتفرق بطرق سلمية وإذا لم يستجيبوا له تتم مخاطبتهم بواسطة القائد العسكري المكلف بتفريق أعمال الشغب وإذا لم تتم الاستجابة له أيضاً يتم اللجؤ لإتخاذ الخطوات القانونية ويجب هنا مراعاة تطبيق مبدأ استخدام أقل قوة ممكنة. إذا تم اتباع هذا التسلسل في فض اعتصام القيادة العامة فإن اللجنة المستقلة ما كانت تحتاج لهذا الوقت الطويل في الوصول للحقيقة. المرحلة الحالية مرحلة حساسة تتطلب فرض هيبة الدولة حتى لا تصبح الخرطوم عاصمة محروقة. التحول الديمقراطي لا يتحقق بالتصعيد الثوري وانما يتحقق بالانتخابات التي ترفضها قحت. مسيرات قحت الراتبة سوف تتلاشي مع مرور الزمن متي ما حققت حكومة التكنوقراط انجازات ملوسة في مجال الخدمات ومعاش الناس .
خلاصة القول: قحت في إطار اهتمامها بقضايا الشباب قدمت لهم مشروع المسيرات المليونية كمشروع قومي لإستيعاب طاقاتهم وتوظيفها خدمة لتحقيق مصالحها الشخصية والحزبية في الإستيلاء على السلطة والإنفراد بها بدون انتخابات. برنامج قحت السياسي يسعى لاستبدال جيل الإنقاذ والجيل الحالي بجيل جديد تابع لها حتى تتمكن من الإنفراد بالسلطة بدون أي منازع لها وبدون أي انتخابات. تصريحات حمدوك الأخيرة الخاصة بتقديم استقالته إذا لم يتم تنفيذ الاتفاق السياسي غير مفهومة لأن العسكريين أكثر حرصاً على تنفيذ هذا الاتفاق هذا بالإضافة الى أن تنفيذ الاتفاق هو من أهم واجبات السلطة التنفيذية التي يرأسها هو شخصياً. هل يعتبر ذلك مؤشراً على نيته في الخروج مبكراً عن هذا الاتفاق السياسي بضغوط من حاضنته السياسية السابقة لعرقلة الاتفاق السياسي . اصرار حمدوك علي ابعاد قادة الحركات من المشاركة في الحكومة الجديدة خرق لاتفاق السلام القصد منه نسف الاتفاق السياسي .
ختاماً: أسال الله أن يحفظ بلادنا من كيد الأعداء ومؤامرات العملاء وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. وبالله التوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Show Buttons
Hide Buttons