حوار البشير وحوار الأمم المتحدة
ـ والقصة يحكيها البشير ويحكيها الفريق عبدالرحيم محمد حسين فيما بعد ..والمشير يسأل الفريق عن سبب تاخير تشكيل حكومة الخرطوم والسيد عبدالرحيم يرد انهم طلبوا من دكتور الصادق الهادى تغيير اسم حسن إسماعيل بمرشح آخر ..والبشير يسأل مرة أخرى ( ليه ؟) والفريق يرشف من كوب الشاى الذى أمامه ويقول ..بعض قيادات الحزب فى الولاية عندهم تحفظات وناس أمن الولاية متخوفين من حكاية إنو إعلامى وصحفى دى …البشير يمسح خلفية رأسه بيده ويقول …يعنى يا عبدالرحيم نحن ندعو لحوار والأحزاب تستجيب ولمه نجى لمرحلة الشراكة نعترض على ناسهم عشان نحن زعلانين منهم …أمشى أعلن حكومتك وماتغيروا مرشحين الأحزاب ..البشير يومها كان سابقا للجميع فى الحوار وتوسيع قاعدة الشراكة
ـ وعن الأخ عبدالرحيم نحكى لاحقا عن الرجل الذى ظلمه إعلام أهله قبل إعلام خصومه
ـ المهم …
ـ وفى بيت الضيافة البشير يحكى …كثير من الدول نصحتنا أن نستفيد من هشاشة الوضع في الجنوب ونعمل على تعقيد الأمور هناك حتى نستعيد الجنوب أو نأتى بحكومة موالية لنا ..ولكننا رفضنا ..رفضنا لأننا نحترم الحوار الذى رتب الأوضاع بين الخرطوم وجوبا وسنحترم إرادتهم ولن نستغل جراحاتهم …
ـ والبشير حاور الشريف زين العابدين الهندى وبروفسير جلال الدقير ، وحاور الميرغنى ، ومسار ونهار وموسى محمد أحمد وتجانى سيسى وبحر ابو قردة وخلف كل اسم من هؤلاء تقف شريحة سياسية واجتماعية لديها اوزانها واثقالها بل أن كل جماعة من هذه الجماعات أقيم بكثير من مجموعة ( أربعة طويلة) …. واصبح منسوبو هذه الاحزاب شركاء فى الجهاز التنفيذى والرئاسى واستطالت مدد استوزار بعضهم اكثر من خمسة عشر عام
ـ ودخل قادة قوى الإجماع الوطنى برلمان 2005م وكم مرة شاهدهم صحفيو التغطيات البرلمانية وهم فى كافتريا المجلس يتناولون وجبة الإفطار المدعومة ثم وهم فى صف الصراف لإستلام رواتبهم
ـ كانت دور الأحزاب يومها مفتوحة تعقد فيها ندوات الصراخ والفارغة والمقدودة
ـ وكان مسموحا لكل حزب إصدار صحيفته وكان المرحوم هاشم الجاز قد أصدر قرارا قضى بعدم معاملة صحف الأحزاب كصحف الأفراد والشركات وسهل كثيرا من شروط صدورها
ـ وكان قادة المعارضة ضيوف دائمون على البرامج السياسية فى القنوات المختلفة يقولون مايشاءون
ـ ومع كل هذا كانت أبواب الحوار مفتوحة مع الجميع …ولم تغلق للحظة …
ـ والمؤتمرون فى قاعة الصداقة فى مؤتمر الحوار يصرون على إنشاء منصب جديد لرئيس الوزراء مع أن النظام الحاكم نظام رئاسى والبشير يعترض ولكن وفد مؤتمر الحوار يصر ويقول أنها توصية المؤتمر والبشير يتراجع ويقبل
ـ وبعد كل هذا…
ـ يضحكك ويبكيك فى هذا المشهد السودانى العجيب أن أحزاب مثل الأمة القومى والشيوعى والبعث كانت تعنون صراعها ضد الإنقاذ بأنه صراع لإستعادة الديمقراطية ( قادر تتخيل عبثية ونفاق هذه الأحزاب)؟؟
ـ خلاصة القول أن القضية السياسية قبل ذهاب الإنقاذ كانت سهلة الفرز وواضحة الخطوط ونقاط الالتقاء والخلاف مفروزة ومسارات المساومة بين الحكومة والمعارضة معلومة المنعطفات …وكان فى كل الأحوال سالكا ليس به تعقيدات تستدعى مبادرة من الأمم المتحدة أو غيرها …فما الذى حدث بعد ذهاب الإنقاذ ….
ـ ثلاث سنوات انبهم فيها المشهد السياسى وأصبح شديد القتامة …خلط مريب بين المتون والحواشى ، غياب مركز الفعل والسيطرة ، حالة سيولة غير مسبوقة والأسوأ من كل هذا غياب المشروع السياسى وتداخل الأهداف
ـ قوى ترفع شعار المدنية ثم هى هاربة من الإنتخابات والإقتراع …قوى يسقط ازار تماسكها فجأة وتشتبك مع بعضها البعض ، ( تورور باصبعها للجيش ) وترخى ظهرها لأصغر سفير فى الخرطوم …ترفض الجلوس مع بعضها البعض وتهرول للخليج اثر مكالمة من رجل مراسم فى الدرجة العاشرة يدعوهم لإجتماع عاجل ….
ـ ماالذى تحتاجه القضية السياسية السودانية لكى تحل عبر الأمم المتحدة؟ مالذى يعيق عملية التحول الديمقراطى غير أن يذهب الجميع للإنتخابات بعد سنة من الآن؟ مالذى تحتاجه قضايا الحكم والإدارة والدستور غير برلمان منتخب ينجز كل ذلك ؟
ـ نحن فقط فى حاجة لرجال فى قامة هذا الوطن بدلا عن هؤلاء الأقزام.
حسن إسماعيل