عقبات تعترض تسليم السلطة للمدنيين
دعا كبار قادة لجنتي العلاقات الخارجية في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين، العسكريين في السودان إلى تسليم السلطة إلى قيادة مدنية وأكدت اللجنتان دعمهما لمقترح مسودة الدستور، وحثتا السودانيين على قبوله، بعد أن حظى بتأييد شريحة واسعة من المجتمع المدني. وقرر المكون العسكري الإنسحاب من العملية السياسية وإفساح المجال للقوى المدنية للتوافق، وشدد رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو على ذلك أكثر من مرة، لكن المكون المدني دخل في صراعات مع بعضه البعض، وأهدر زمنا طويلا في التشاكس وتصفية الحسابات والكيد للعسكر رغم إبتعادهم. وقال الخبير الإعلامي والمحلل السياسي عثمان أبكر أن التدخلات الأجنبية ذات الأجندة المشبوهة أعاقت عملية الوفاق بين المكونات، لأنها إنحازت لأطراف أثبتت فشلها في إدارة الدولة عقب ثورة ديسمبر وأكد عثمان أن فرض الوصاية الأجنبية والتدخل السافر في شؤون السودان الداخلية أمر غير مقبول ولا يساعد على الوصول إلى حلول للأزمة السياسية بل يزيدها تعقيدا. وأشار عثمان أبكر إلى دعوات نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو للفرقاء السودانيين بالتوافق ووحدة الصف والإبتعاد عن الأجندة والأطماع الشخصية، وإعلاء مصلحة البلاد على المصالح الشخصية، حتى نصل إلى حلول للأزمة السودانية، مؤكدا أنها وصفة سحرية إن تم تطبيقها بصدق فإنها ستنهي الخلافات وتقود البلاد إلى آفاق السلام والوفاق والتنمية والرخاء. وأكد الخبير عثمان أن الأزمات السياسية والأمنية والإقتصادية التي يعيشها السودان الآن هي بسبب سياسات بعض المدنيين الذين إستقووا بالأجنبي، وطلبوا إحضار البعثة الأممية، ووافقوا على تنفيذ روشتة البنك الدولي، وعاثوا فسادا في القوانين والقيم المجتمعية، وسلطوا لجنة التمكين لقطع أرزاق قطاعات واسعة من أبناء الشعب السوداني. وشدد عثمان على أن المكون المدني الذي تريد أن تفرضه أمريكا ومن معها غير جدير بإدارة شؤون البلاد ويجب على المكون العسكري تسليم مقاليد الحكم لحكومة منتخبة يختارها الشعب عبر صناديق الإقتراع، وليس لقلة تريد أن تحكم عبر إشاعة الفوضى، وإثارة النعرات القبلية، وتحريض الشباب على التظاهر ليخدموا أجندتهم ويصعدوا على كراسي السلطة غير آبهين بعدد الأرواح المزهقة ولا أنهار الدماء. من جانبه قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي د. ياسر محجوب الحسين أن المدنيين لم ينجحوا في التوحد لأن بعضهم لا سيما من تولى السلطة إعتمد المعادلة الصفرية، وقام بإقصاء الآخرين، الأمر الذي حول الفترة الإنتقالية لفترة إنتقامية، وتم سن قوانين وتشريعات لهذا الغرض مع غياب
تام للمحكمة الدستورية حتى اليوم. وأوضح ياسر محجوب لـ (عربي21)، أن تحالف قوى الحرية والتغيير تكالب على إقتسام كعكة السلطة، بدلا من أن يشكلوا حكومة تكنوقراط بزعم ملكيتهم للثورة، ثم تشاكسوا فيما بينهم، ما أضطر رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك لأن يعيد هيكلة حكومته أكثر من مرة. وأكد ياسر أنه نتيجة لوصول الوضع السياسي مرحلة التأزم بسبب تشكيل حكومات فاشلة، ومع تراجع الإقتصاد والخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين، وتراجع الأمن حتى داخل العاصمة الخرطوم، فقد خُلقت بيئة نموذجية لتغيير ما يكسر هذه الحالة، ولذلك وجدت الإجراءات التي إتخذها قائد الجيش ارتياحا كبيرا بين قطاعات واسعة في المجتمع السوداني.